الكرة تدور… ولكن، هل تدور أولوياتنا معها؟

بقلم: سيداتي بيدا

في الوقت الذي تتسابق فيه الدول نحو المستقبل، وتتنافس على تنظيم التظاهرات العالمية الكبرى، يبدو أننا أمام سؤال بالغ الأهمية: أي مستقبل نبنيه؟ ولمن نبنيه؟

نحن لا نُنكر أن تنظيم كأس العالم 2030 فرصة تاريخية لترسيخ موقع البلاد على الخارطة الرياضية الدولية، ولا نُجادل في أهمية الاستثمار في الرياضة باعتبارها رافعة من روافع التنمية. لكن، حين يصبح العشب الأخضر أولوية، قبل السقف الذي يُؤوي من فقدوا بيوتهم تحت أنقاض الزلازل، فثمة خلل لا يمكن تجاهله.

هل يُعقل أن نُشيّد مدرجات بـمئة ألف مقعد، في حين لا تزال أسرٌ بأكملها تعيش في خيام منذ شهور، بلا ماء، ولا كهرباء، ولا حتى بطانيات تقيها برد الجبال؟

هل يُمكن أن تُبرَّر الملايين المرصودة لبناء ملاعب جديدة، بينما قرى بأكملها لم تُمسّها بعد يد الترميم أو حتى التفقد؟

نُقدّر كل جهد يُبذل من أجل النهوض بالوطن، لكن الوطن ليس صورة جوية لمركب رياضي، ولا مشهدًا خلابًا يليق بالمنصات الرقمية. الوطن هو الإنسان، قبل العُشب والخرسانة.

نعم، العالم سيأتي في 2030، وسينبهر بالملاعب… لكن، ماذا عن القرى التي سيحلّق فوقها في طريقه إلى هناك؟ هل نُخفيها بستار؟ أم نُجمّلها بالوعود؟

الدول لا تُقاس بعدد المقاعد في الملاعب، بل بعدد المواطنين الذين يشعرون بالأمان في بيوتهم.

والتنمية لا تُختزل في الضوء المنبعث من الشاشات العملاقة، بل في النور الذي يصل إلى أبعد دوار محروم من الكهرباء.

نحن مع الحلم، شرط ألا يتحول إلى غفلة.

ومع التطلع إلى المستقبل، شرط ألا يكون على حساب من لم ينجُ بعد من مآسي الحاضر.

فلنُشيّد ما نشاء من صروح رياضية، ولكن ليس فوق أنقاض منازل لم تُرمم، ولا على حساب كرامة إنسان ما زال يبحث عن الدفء مع كل شتاء جديد.

فالمونديال بعد خمس سنوات…

أما البرد، فهو على الأبواب.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)