المسرح في سلطنة عمان نحو رؤى وآفاق جديدة في إطار مهرجان المسرح العربي الدورة 15

متابعة عبد الصمد عراك
بقلم : رحاب رحيم

في إطار مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة عشرة، الذي أُقيم في مسقط، سلطنة عمان في يناير 2025، انعقد المؤتمر الفكري تحت عنوان “المسرح في سلطنة عمان. رؤى وآفاق جديدة”، وهو حدث بالغ الأهمية جمع عددًا من المفكرين والمسرحيين العرب لمناقشة مستقبل المسرح في المنطقة. وكان التركيز في المؤتمر على ضرورة تطور المسرح العربي، بما يتناسب مع طبيعة المجتمعات العربية واحتياجاتها الثقافية.

مسرح عمان: رؤية جديدة نحو المستقبل

توزع المؤتمر الفكري إلى قسمين رئيسيين، تناول الأول “المسرح في سلطنة عمان” وركز على الأفق المستقبلي لهذه الفنون، متطرقًا إلى التأثيرات المعاصرة والاحتياجات التطويرية الخاصة بالمسارح العمانية. أما القسم الثاني فناقش العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمسرح، وكيف يمكن لهذا المجال التكنولوجي أن يسهم في تجديد طرق التعبير المسرحي مستقبلاً.

الموضوع الذي توحدت حوله كافة المناقشات كان إبراز أهمية المسرح كأداة حية تنبع من الواقع العربي، بعيدًا عن التنظيرات الغربية التي لا تعكس هويتنا الثقافية ولا تنغمس في طبيعة الحياة في المنطقة العربية. أثيرت في هذا السياق أهمية العمل على مسرح يعكس الواقع الشعبي ويقاوم المظالم الاجتماعية، مسرح ينبض بالصدق ويكون مرآة للمجتمع بكل تحدياته.

التطور الكبير للمسرح العماني

استهل الدكتور عبد الكريم جواد، المتحدث الرئيسي في المؤتمر، حديثه عن تجربته الشخصية في مجال المسرح العماني، التي تمتد على مدار 45 عامًا. بدأ مع تأسيس “مسرح الشباب” عام 1980، ليضع اللبنة الأولى لمسيرة مسرحية عمانية معاصرة. تحدث عن تحديات البدايات وصعوبات التأسيس، كما استعرض أبرز المحطات التي شهدها المسرح العماني، ومنها تطور العديد من الفرق المسرحية العمانية التي وصلت اليوم إلى أكثر من 60 فرقة على مستوى السلطنة.

كما سلط الضوء على مشروع “المسرح الوطني العماني” الذي يمثل خطوة كبيرة نحو تأصيل الثقافة المسرحية في عمان، مشيرًا إلى ضرورة وجود إدارة شابة ذات كفاءة تقود هذا المشروع نحو أهدافه المستقبلية، بالإضافة إلى الاهتمام بالذكاء الاصطناعي كمحور رئيسي لتطوير الأداء المسرحي في المستقبل.

المسرح وتحديات التحديث: مواجهة التنظيرات الغربية

خلال النقاشات، عبّر العديد من المشاركين عن قلقهم من هيمنة التنظيرات الغربية على المسرح العربي، معتبرين أن هذه النظريات قد تكون بعيدة عن واقع المجتمعات العربية. أكدوا على ضرورة أن ينبثق المسرح من داخل البيئة العربية، ليكون أكثر التصاقًا بالقضايا المحلية ومعبرًا عن حياة الإنسان العربي في مختلف مناطق العالم العربي.

كما أشار المتحدثون إلى أن المسرح لا بد أن يكون قوة تحفز الإبداع وتوجه الشباب نحو التفاعل مع واقعهم الثقافي والاجتماعي، وأنه يجب أن يبقى بعيدًا عن النظريات البراقة التي لا تمس جوهر المجتمع العربي.

أصوات شبابية: المستقبل يبشر بالخير

تجدر الإشارة إلى أن المهرجان شهد مداخلات من عدة شخصيات فاعلة في المجال المسرحي العربي، منهم غادة كمال الإعلامية المصرية التي تساءلت عن توثيق تجربة مسرح الشباب العماني، وهي نقطة كانت محط تقدير من الدكتور عبد الكريم، الذي أكد على أهمية توثيق هذه التجارب الرائدة في مسرح الشباب العماني، والتي تعد مصدرًا غنيًا للفكر المسرحي العربي.

وفي ختام الجلسة، شدّد المشاركون على أهمية دعم المؤسسات الشبابية وإفساح المجال لهم لإبراز أفكارهم وتجاربهم على خشبة المسرح، مؤكدين أن المستقبل سيكون مشرقًا إذا استمرت الجهود في هذا الاتجاه.

Share this content:

إرسال التعليق

الاخبار الاخيرة