فريد حفيض الدين “هذا جهدي و هاذي فهامتي” العدد(48) 06/05/2023 *معنى أن تكون وزيرا، وزعيما حزبيا، ونقابيا في المغرب….*
فريد حفيض الدين
مؤسسات الحكومة ،والحزب ، والنقابة، هيئات دستورية تعمل وفق ضوابط ، وقوانين ، واختصاصات واضحة ، حتى لا يقع تداخل في اختصاصات كل مؤسسة.
وبالطبع، العمل مثلا داخل الحكومة لا يشبه النضال داخل الأحزاب أو النقابات.
ومن غير المنطقي أن يجمع شخص بين هذه المهام على الأقل خلال ولاية انتخابية واحدة.
لا يمكن أن يكون الشخص وزيرا ، ومعارضا ، ونقابيا في نفس الوقت.
للأسف يقع هذا عندنا ، وسأعطي مثالا حيا على ذلك.
قبل أيام بالضبط في فاتح ماي لهذه السنة ، وأنا أتابع عبر التلفزة ، احتفالات الطبقة الشغيلة ، اتفاجئ باعتلاء الوزير الاستقلالي نزار بركة وزير الماء وأشياء أخرى ، منصة نقابة حزبه ” الإتحاد العام للشغالين بالمغرب ” ليلقي كلمته الخطابية ، ويرفع إلى جانب شغيلة نقابة حزبه شعارات ومطالب ، كالزيادة في الأجور ، وإحترام حق الإضراب ، وشعارات أخرى اعتاد العمال على رفعها كل فاتح ماي. لكن ان يشارك وزير احتجاجات العمال ، وهو في الحكومة يدبر الشأن العام ، ويعرف جيدا أن مطالب هذه الشغيلة لن تتحقق منها سوى الشعارات لمعرفته من موقعه في الحكومة ما يمكن أن تمنحه الحكومة، وما لا يمكن منحه ، أمر لا يمكن فهمه في بلد ينص دستورها على فصل السلط.
الرجل يحمل حقيبة وزارية في حكومة ضمن أغلبية برلمانية ، وفي نفس الوقت تقمص دور مستخدم و زعيم نقابي. ” أفهم تسطا ”
في نفس اليوم كذلك ، اعتلى رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران منصة نقابة حزبه ” الإتحاد الوطني للشغل ” ليلقي بدوره خطابا نقابيا مليء كعادتة بلغة خشب سياسوية يتقن فنونها. هنا يمكن القول لا بأس لأن الرجل في المعارضة ، وحتى حين كان يرأس الحكومة ، كان كل نهاية أسبوع عندما يلتقي بإخوته في الحزب ، كان يمارس دور المعارض لحكومته. نتذكر جميعا خطاب” التماسيح والعفاريت ” الذي كان يرفعه حين يريد تبرير فشله في ملف من الملفات.
لكن بنكيران يعرف جيدا أن خطابه وهو يعتلي منصة النقابة المقربة من حزبه ، لن يسمعه احد ، ولن تهتم به الحكومة لسبب واحد ووحيد ، كون نقابة” الإتحاد الوطني للشغل ” انهزمت في آخر انتخابات مهنية، ولم يتجاوز عدد أصوات المنتخبين عتبة 6 في المائة التي تخول للنقابة حضور الحوار الإجتماعي مع الحكومة.مايعني أن لا أحد ” تسوق ليه ولخطبته الخشبية”
يحدث هذا العبث السياسي في المغرب ، حيث يمكن ” للزعيم السياسي ” أن يلعب دور الوزير ، والزعيم النقابي ، والحزبي ، والمعارض ، حتى وهو يحكم ويسير الشأن العام لغرض يعرفونه ، ويجيدون لعب أدواره الخبيثة.
هؤلاء أشباه الزعماء يكرهون اصلا شيئا إسمه المعارضة. الجميع يلهث من أجل المناصب التي تمنحهم امتيازات ريعية لا حصر لها. هؤلاء كأي لاعب احتياطي ينتظر فقط دوره ليشركه المدرب في المقابلة ولو لدقائق حتى لا يفوت منحة المشاركة والفوز إن تحقق له ذلك..
هذا هو حال السياسة والسياسيين للأسف في بلدنا.
أللهم من رحم ربك.
هذا جهدي و هاذي فهامتي
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق