جاري التحميل الآن

نظرة وعِبرة

 

لميا أ. و. الدويهي.لبنان

تخالجُكَ أحيانًا فكرةً تكونُ وليدةَ لحظة أو موقفٍ ما يفتحُ أمامَك نوافذَ عديدة، تجعلُكَ تقرأ هذا الموقف أو ذاك، بدونِ تحليل، فيكون تفسيرهُ بديهيًّا، منطقيًّا، واقعيًّا…
ولَجنا إلى عالمِ البلوغ وظننَّا، لأنَّنا تخطَّينا الثامنة عشر، قد نضجنا على كافَّةِ الأصعدة، النفسيَّة والفكريَّة، الجسديَّة والروحيَّة، وظننَّا لوهلةٍ بأنَّنا نفهم ذواتنا ونعرفها حقَّ المعرفة وبأنَّنا مسؤولون لأبعد درجاتِ الحدود التي تخوِّلُنا خَوضَ مُعترك الحياة، وإنَّما بادئ ذي بدء، مع ذواتِنا…
تفوتُنا أشياء وأمورٌ ولا ننتبهُ لها لأنَّنا نُؤسَرُ باللحظة ونندفعُ إلى فكرة أو مُعتقد، أو إنسان… وتمرُّ بنا الحياة ونبلغُ أماكنَ لم تخطر لنا على بال، ببساطة لأنَّ العمرَ والنُّضجَ يفتحان آفاقًا لنا في ذواتِنا قبل الأمور الحياتيَّة، هذا إن عرفنا أن كيفَ نلجَ إلى تلكَ الأبعاد في أعماقِنا… قد نجدُ ذواتنا كمَن أُطبقَ عليه فخٌّ وقد يجدُ المرء نفسهُ غير قادر على التراجع، علمًا بانَّ آخرين لا يمتلكون من المسؤوليَّة قنطارَ درهم، فيفضِّلون التخلِّي عن هذه المسؤوليات بحثًا عمَّا يُرضي الأنا فيهم…
قد يُوصلُ هذا الوعي «الجديد» بعضًا من الناس إلى حدِّ التساهل مع الأجيالِ الصاعدة فيستعملون التعبير الشهير: مَعْليش، خلِّيون يعيشوا حياتون!.. بدون أن يدركوا بأنَّهم يرمونهم في الجهةِ المُعاكسة لحالتِهم السابقة…
من البديهي أن يحيا كلُّ إنسانٍ حياته كما يشاء، وأن يتحمَّلَ نتيجةَ خياراتِه، إلَّا أنَّ الأمرَ ليسَ بهذه السهولة؛ فالتَّوجيه هو أساس، وتوعية المرء على ذاتِه أوَّلًا قبل أن ينفتحَ على الحياة هو حاجة مُلِحَّة… فلا أحد يستطيعُ أن يضمنَ أيَّ شيءٍ في هذا الوجود، إلَّا أنَّ مسؤوليَّة كلّ مَن اختبرَ أوَّلًا، وأعني هنا الأكبر سنًّا، هي دقيقة، كي لا تنجرفُ الأجيال الصَّاعدة نحو ارتفاعاتٍ تُحدثُ انهيارات، فينخلطُ الحابل بالنَّابل ولا نعودُ ندري إذا ما كانت الحكمة ستكونُ قويَّة وكافيةً، لدرجةٍ نستطيعُ معها إنقاذ ما تبقَّى من ذواتِنا لتكتملَ فيها إنسانيَّتنا وبالتالي حياتنا التي نسعى فيها إلى بلوغِ قممًا في السعادة والصفاء وراحة البال وتحقيق الذَّات، كلٌّ بحسب مقياسِه ورؤيته ومساعيه…
لميا أ. و. الدويهي
١١/ ٤ /٢٠٢٢

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك