أَحداثٌ في حَياتِنا…
لمياء.أ.و.الدويهيى.لبنان
تَتوالى الأحداثُ في حَياتِنا وتَدفَعُنا لاتِّخاذِ قراراتٍ، تَحُدُّ تارَةً من اندِفاعِنا وتُحَفِّزُنا طَورًا في مَواقِفِنا، فتَليها الأحداثُ والصُّور المَسكوبَةُ بالأفراحِ والآمال حينًا وبالأَوجاع والأَحزانِ أَحيانًا أُخرى، فتُعَلِّمُ هذه الأَخيرة بداخِلِنا، جِراحًا قد لا يَمحوها الزَّمان وذِكرياتٌ نُغذِّيها أَحيانًا وكأَنَّها الغَدُ الآتي وهي أَقلُّ ما قد يُقالُ عنها أنَّ نَجْمَها قد أفَلَ وخَفَتَ إلى غَيرِ رَجعَة…
نَمشي قُدُمًا ونَحنُ نَحمِلُ أَثقالاً في أَجسادِنا وفي أَرواحَنا عَلاماتٍ عَلاماتٍ مَحفورةً في أَعماقِنا تُعَذِّبُ نُفوسَنا، تُقلِقُ راحَتَنا، تُبلبلُ مُجرَياتِ أَيَّامِنا، تُعيقُ تَقدُّمَنا وأَحيانًا كثيرة تَأْسُرُ حَياتَنا…
نُصارِعُ في الوُجودِ غافِلينَ عن ذَواتِنا، مُقتَنعينَ بأَنَّ أُمورَنا تَسيرُ نَحوَ الأَفضلِ لأَنَّنا نُحَقِّقُ طُموحاتِنا ونُثَبِّتُ قاعِدَتَنا العمَليَّةَ ومَركزَنا في المُجتمَعِ، والمَرموقَ أَحيانًا بينَ النَّاس الذينَ يُثنونَ على جُهودِنا وشَجاعَتِنا وإِقدامِنا وجُرأَتِنا… ومن ثمَّ، إِمَّا نُلهي أَنْفُسَنا بإجتماعيَّاتٍ
وأُمورٍ لا تَنتهي وإمَّا نُواصِلُ العَمَلَ في غيرِ دَوامِهِ، مُتناسينَ أَنَّ «لِكُلِّ شيءٍ وَقتَهُ»
ونَرفعُ هذه المَعلومةَ كَشِعارٍ ولا نُطَبِّقُه، رُبَّما لأنَّنا لا نَعرفُ كيف؟!… وذلكَ فقط، لنَهرُبَ من مُواجَهَةِ ذاوتِنا غافلينَ عمَّا قد يَتراكَمُ في أعماقِها وما قد يَجيشُ فيها من أُمورٍ قَمَعْناها بحُكمٍ ديكتاتوريٍّ وفعلٍ إِراديٍّ، فلا تَعودُ لتُؤلِمَنا من جَديد، هي المَيتَةُ أَصلاً في نُفوسِنا وغَيرُ المَدفونةِ في صَناديقِ الماضي والتي وَجَبَ أن تَكونَ مَختومةً بنُقطةٍ أَخيرةٍ،
مُسطَّرةً بخطٍّ، مُؤَرشَفةً للعِبرَةِ وليسَ للمَرجَع…
وهُناكَ مَن يتَعلَّقُ بأوَّلِ هَبَّةِ عِشقٍ جَديدةٍ، وكما القشَّةُ للغريق، يَلتَقِطُها ليَمنَحَ حَياتَهُ طَعمًا جَديدًا، لَونًا مُختلِفًا، وعلى الطَّريقةِ اللُّبنانيَّة: «هات تا تُزْبَط وهات تا ما تُزْبَط»!…
عَجيبٌ هو الإنسان!… إن كانَ بارِعًا في أَمرٍ ما فهو تَعقيدُ خُيوطِ حَياتِهِ… إذ غالبًا ما يَدفَعُنا اختبارُ الألمِ لوضعِ أُطرٍ دِفاعيَّة تَحمينا من الجَرحِ ثانيةً، إلاَّ أنَّها كثيرًا ما تَرتَدُّ عَلينا وبَدلًا من أن تَحميَنا تُؤذينا …
إنَّنا نَحتاجُ الأمانَة لذواتِنا، نَحتاجُ أن نَكونَ أَصدقاءَ أَنفُسِنا، نَحتاجُ أن نَلتَقيَ بهذا الطِّفلِ المُختَبئ في داخِلنا، فنُريحَهُ متى عَرَفنا أن نَسمَعَ نداءاتِهِ ونُصغيَ بإمعانٍ لحاجاتِهِ
فنَسعى لتَضميدِ جِراحاتِه وبَلْسَمةِ ما أمكَن، من شُقوقِ خَلَّفَها الماضي البَعيد أو حتَّى القَريب… هذا لا يَعني بأنَّ حاسَّةَ «السَّمْعِ الباطنيَّة» هي دائمًا صائبة، وإنَّما بمُحاولةٍ ما بعدَها أُخرى، نَتعلَّمُ أن نُميِّزَ حَقائِقَنا الدَّفينةَ في أَعماقِنا
وأن نَثِقَ بذلكَ الحَدسِ «المُنحَدرِ من عَلياء»، إن جازَ التَّعبير…
لا أَجِدُ حَلاًّ سوى في المُصالَحَة مع الذَّات وفي تَقَبُّلِ تَقلُّباتِها وامتِصاصٍ تَرَدُّداتِها والعمَلِ على ضَبطِ النَّفس قَدرَ المُستطاعِ والسيَّطرةِ على رُدودِ الفعلِ المُتسرِّعةِ ومُحاولةِ البَحثِ عن أَسبابِها، حتَّى ولو لم نَجِدْ سَبيلاً لتَغييرِها، أَقلَّهُ نَفهَمُها… وعَمليَّةُ البَحثِ هذه، لا تَجري خارجًا عن أَعماقِنا وماضينا وحتَّى تاريخِنا؛ فالخبرةُ قد عَلَّمتني أنَّ الانفعالَ عَدوُّ الحَقِّ وما بادَرناهُ بسلامٍ وإنَّما بثقةٍ، إن كانَ حَقًّا من الحَقِّ، فهو للثَّبات وإن كانَ مُغايرًا فهو للفَناء…
والباقي؟! كُلُّهُ يَعودُ لقرارِ الإنسانِ وسُبُلِهِ في رؤيةِ الأمورِ ومُعالجتِها وذلكَ طِبقًا لمعاييرِهِ الخاصَّة وحُريَّتِهِ الشَّخصيَّة، وهَنيئًا لمَن امتَلَكَ الحِكمَةَ وكانت وَليفةً لهُ على دُروبِ الحَياة!…
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق