حتى لا ننسى … الفنان احكور بوجميع ( ناس الغيوان)

عبد الرحيم سهماني

لا يمكن لنا الحديث عن ظاهرة ناس الغيوان ، دون الرجوع الى المرجعية الثقافية ألا وهو الفنان الراحل احكور بوجميع ، المزداد سنة 1944 بكريان الخليفة . ذلك الشاب القصير القامة الذي كان يحمل على كتفه آلة الدعدوع . بعد ذلك انتقلت عائلته إلى السكن بدرب مولاي الشريف ، قرب حلاق الغيوان .

ولقد كانت البداية الفنية لبوجميع تتجلى في اهتمامه بالمسرح بدار الشباب . من تم جاءت فكرة تأسيس فرقة ” رواد الخشبة ” رفقة بعض الطلبة و صديق الطفولة ” ميلود اوعلا ” . و تبعا للتربية التي تلقاها بوجميع ، كان فكره يرتكز على الثقافة الشعبية المبنية على الحكايات ، الأسطورة ، و الخرافة المستوحات من مسرح الحلقة . كما كان الراحل بوجميع يقوم ببعض محاولات الإخراج المسرحي بدار الشباب ، أهمها مسرحية “إلى أن يشيب الغراب” التي كانت تتحدث عن فلسطين .

في الواقع ، يرجع اهتمام  بوجميع بالقضية الفلسطينية إلى تأثيره بأستاذه الفلسطيني ” أبو داوود ”  الذي كان يدرسه بمدرسة الأزهر خلال فترة الستينيات ، مما أدى إلى ترسيخ فكرة الدعوة إلى تحرير فلسطين في دم و كيان الفنان الراحل . فبعد رجوعه من فرنسا ، التي مكث فيها قرابة ستة أشهر ، رجع مسكونا و مهووسا بفكرة القضية الفلسطينية ، متأثرا بالأفكار التحررية التي كانت تسود أوروبا آن ذاك ، مما جعله يصل بالظاهرة  الغيوانية  إلى العالمية ، بحصول ناس الغيوان على الاسطوانة الذهبية سنة 1973 .

و قد كان الفنان الراحل بوجميع معروفا بحسه الفكاهي و ميوله إلى النقد الاجتماعي و السخرية الفنية sarcasme ، المبني على  الإحساس بالماسات و الألم ، و الهم الثقافي و الفكري بصفة عامة . كما يعتبر انتقاله من المسرح إلى الغناء تجسيدا إلى الثقافة و الموروث الشعبي ، بحيث كان هذا إلانتقال مرتبطا بلحظة النضج و الوعي الفكري و السياسي الذي ظهر في ذلك الوقت . و هنا تجدر الإشارة إلى تأثير الفنان بوجميع بشخصية الزعيم السياسي الشهير ” شي غيفارة ” ، الذي استوحى منه بعض المواقف و المبادئ الثورية ضد اللامساواة ، ظاهرة الرشوة والفساد ، دفاعه عن العدل و السلام ، و حقوق الإنسان . و ما مواويله التي كان يتغنى بها ( الأنين ، الألم و الحسرة….) ، ليس إلا تعبيرا عن الواقع الاجتماعي البائس و المحبط الذي كان يعيشه المواطن المغربي في ذلك الوقت .

أخيرا ، يبقى الراحل الكبير احكور بوجميع ، من أهم الفنانين  الذين تمسكوا بالدفاع عن القضية الفلسطينية ، و عن الحريات ، و الكرامة الإنسانية . توفي الفنان احكور بوجميع يوم 26 اكتوبر 1974 . و قد طرح موته عدة تساؤلات من طرف أفراد عائلته ، بسبب الملابسات و الظروف الغامضة التي مات فيها . كما يشهد على ذلك أصدقاء الراحل ، ” ميلود  اوعلا ” و ” محمد بوحافة ” اللذان أكدا أن الفنان بوجميع كان يتمتع بصحة جيدة قبل وفاته ، لينتقل مشعل ناس الغيوان إلى رفيق الدرب العربي باطما صحبة الفنان الكناوي الشهير عبدالرحمن ” باكا ” :

” الحباب كاع كفات ، بقيت فريد و العمدة علي ” باطما

و حتى لا ننسى ، نختم حديثنا هذا ببعض مواويل الفنان الراحل احكور بوجميع :

غير خذوني لله …غير خذوني

ما صابر على لمشاو …أنا ما صابر……صفايح ف يدين حداد أنا ما صابر….موت وحدة هي غير خذوني…..علاش أنا ضحية للصمت…..؟؟!

يا من هو باز فالقفاز …

عمرني مريت الغزال تمشي بالمهماز….فراخ الخيل عادوا سراحو…..

مهموني غير الرجال إلا ضاعو

مهوموني غير الصبيان مرضو و جاعو …..مصير وحدين عند اخرين ساهل تنزاعو….من حرك عينه فراسو مدوه الجزارو….

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed