فريد حفيض الدين هذا جهدي و هاذي فهامتي *حين تنتهك حقوق الإنسان في موطن نشأتها* العدد (47) 04 /05 /2023
من منا كان يظن أن يوما سيأتي لنرى ويرى العالم ، ان حقوق الإنسان تنتهك في فرنسا ، وفي واضحة النهار. فرنسا التي كانت مهد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة.
نعم في فرنسا تنتهك حريات المواطنين ، ويتعرض المتظاهرين الذين يقفون ضد قانون التقاعد الجديد إلى عنف مفرط من طرف الشرطة العمومية وأمام كاميرات القنوات التلفزية العالمية. للتذكير ، القانون الجديد يرفع سن تقاعد الفرنسيين من 62 إلى 64. وهو ما تعارضه شرائح مجتمعية كبيرة.
جمعيات حقوقية ، ومن بينها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ، ومحكمة العدل الأوربية ، نددوا بهذا الخرق السافر لحقوق الإنسان والحريات بفرنسا من خلال تقارير سوداوية. فرنسا مظطرة للاستجابة لتقارير هذه المنظمات ، لأنها ملزمة.
ليس وحدهم المتظاهرين من يتعرضون لعنف مفرط ، بل تشير التقارير إلى أن خرق حقوق الإنسان في فرنسا ، يطال فئات عريضة داخل المجتمع الفرنسي. حتى الأطفال الوافدين من مناطق حروب أهلية ، ونزاعات إقليمية ، تمتنع فرنسا من إيوائهم في خرق سافر لحقوق الأطفال. كما تسجل التقارير خرق فرنسا لحقوق العمال المهاجرين ، ومعاملتهم بعنصرية وتمييز ، خاصة اليد العاملة القادمة من إفريقيا ، والدول الفقيرة.
فرنسا تنتهك كذلك حرية المعتقد بالنسبة لغير المسيحيين ، وتمارس عليهم تضييقا في بعض مظاهرهم الدينية. يقع هذا في فرنسا العلمانية التي تريد أن ينصهر الجميع في مفهومها للعلمانية.ولو أن العلمانية لا تلغي الديانات ، وتترك للفرد حرية التدين من غيرها ، على عكس ما يقع في الدول الانكلوسكسونية
التي تحترم فيها المظاهر الدينية، من دون تمييز في العرق ، أو العقيدة ، أو الجنس. كما هو في بريطانيا وأستراليا وأمريكا بدرجة أقل.
باختصار فرنسا تعري عن وجهها القبيح في مجال حقوق الإنسان ، وهي التي تريد أن تلقننا هذه الحقوق. للأسف هذه المظاهر ، يستفيد منها اليمين المتطرف والمعادي للآخر ، وخاصة الأجانب من إفريقيا والعالم العربي والإسلامي. هذا اليمين الذي ازدادت شعبيته خاصة في عهد الرئيس ماكرون. واخاف أن يصل هذا اليمين إلى الحكم في الانتخابات الرآسية القادمة ، وتسقط معها الجمهورية الخامسة.
إذا على فرنسا، وعلى مؤسساتها ، واحزابها ، ونقاباتها ، ومجتمعها المدني ، ومثقفيها أن يعيدوا نظرتهم لمفهوم حقوق الإنسان ولمفهوم الحريات الفردية والجماعية قبل فوات الأوان. على فرنسا أن تتسامح مع ذاتها أولا ، وتقبل اختلافها وتنوعها العرقي والثقافي لان في ذلك غنى لها وحركية مجتمعية ستخدم ثراتها وثقافتها وحضارتها وليس العكس..
فرنسا كانت إمبراطورية وغزت عشرات الدول ، واستعمرتها ، ونهبت خيراتها ، وعليها أن تعي أن بؤس وفقر بعض تلك الدولة ناتج عن استعمارها لهم. وعليها أن تستقبل ولو بعضا من فقراء تلك الشعوب ، وهذا أضعف الإيمان….
هذا جهدي و هاذي فهامتي
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق