الدكتور الطيار يوضح الأبعاد القانونية والسياسية لتواجد المنقبين الموريتانيين في مناطق خلف الجدار بالصحراء تواجد المنقبين الموريتانيين في المنطقة العازلة.. قراءة في الأبعاد القانونية والسياسية

مع الحدث

المتابعة ✍️: الدكتور محمد الطيار

تثير قضية تواجد المنقبين الموريتانيين في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية إشكالات قانونية وسياسية دقيقة، تتداخل فيها قضايا السيادة والشرعية الدولية والأمن الحدودي. وقد خصص الدكتور محمد الطيار، الخبير الإستراتيجي ورئيس المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية، مقالة معمقة تناول فيها هذا الموضوع من منظور قانوني واستراتيجي، أبرز من خلالها الموقف المغربي والموريتاني، وأوجه الخطورة القانونية المرتبطة بالوضع الحالي.

أولا: المنطقة العازلة وسوء الفهم القانوني

يوضح الدكتور الطيار أن المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني ليست منطقة منزوعة السيادة كما يروج البعض، بل تخضع لسيادة المملكة المغربية، مع وجود قيود مؤقتة على التحركات العسكرية، تم الاتفاق عليها في إطار وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 برعاية الأمم المتحدة. وتشرف بعثة “المينورسو” على مراقبة هذه المنطقة تقنيًا، دون أن يكون لها أي تفويض يتعلق بإدارة السيادة أو التراب.

ويفهم من هذا التوضيح أن كل نشاط غير مرخص، مدنيًا كان أو عسكريًا، يُعد خرقًا للسيادة المغربية، ما يُضفي على التحركات الفردية أو الجماعية في هذه المنطقة طابعًا غير قانوني.

ثانيا: التسلل المدني والانتهاك الفعلي

بحسب الدكتور الطيار، فإن تواجد المنقبين الموريتانيين في هذه المنطقة يُمثل خطرًا مزدوجا، أولا لأنه يجري في منطقة عسكرية مغلقة، مما يعرّض حياة هؤلاء الأفراد للخطر المباشر، وثانيًا لأنه يُعد من وجهة نظر القانون الدولي انتهاكًا لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة. كما أن هذا التسلل، وإن بدا في ظاهره مدنيًا وعفويًا، فإنه قد يُستغل لأغراض غير مشروعة، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني.

ويسجل رئيس المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية أن هذا التسلل لا يحظى بأي غطاء قانوني أو دبلوماسي، لا من طرف المغرب، ولا حتى من طرف السلطات الموريتانية نفسها، مما يُفقده أية شرعية محتملة.

ثالثا: الموقف الموريتاني ومسؤولية الدولة

يرصد الدكتور الطيار باهتمام الموقف الحازم للسلطات الموريتانية، التي حذرت عبر مسؤولي ولاية “تيرس زمور” من مغبة دخول المواطنين إلى المنطقة العازلة، مؤكدة على احترام السيادة المغربية وحرصها على سلامة المنقبين. كما دعت شركة “معادن موريتانيا” إلى الاقتصار على التنقيب داخل الحدود الوطنية.

لكن رغم هذه التصريحات الإيجابية، يشير الدكتور الطيار إلى ضرورة ترجمتها إلى إجراءات فعلية، من بينها:

– إصدار إعلان رسمي يؤكد التزام موريتانيا التام باحترام السيادة المغربية.

– التنسيق الأمني والدبلوماسي المباشر مع المغرب.

– تعزيز نقاط التفتيش على الحدود.

– تجريم التسلل دون ترخيص قانوني.

– ضبط نشاط الوسطاء والمنقبين العشوائيين.

– تنظيم حملات توعية وإشراك علماء الدين والزعماء المحليين في المناطق الحدودية.

رابعا: المشروعية القانونية للتحرك المغربي

ينبه الدكتور محمد الطيار إلى أن التحركات المغربية داخل المنطقة العازلة، وخاصة تلك المرتبطة بمنع التسللات أو الرد عليها، تندرج في إطار القانون الدولي، بل وتحظى بسند قانوني قوي. فالمغرب، بوصفه دولة ذات سيادة، يحتفظ بحقه في الدفاع عن وحدته الترابية وفقًا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.

ويؤكد الخبير الإستراتيجي أن استعمال المغرب لطائرات بدون طيار أو أي وسيلة تكنولوجية لمواجهة التسللات غير القانونية، يظل مشروعًا في ظل التهديد الأمني، شريطة الالتزام بمبدأ التناسب واحترام المعايير الدولية.

ويخلص الدكتور محمد الطيار، في تحليله، إلى أن تواجد المنقبين الموريتانيين شرق الجدار الأمني بالصحراء المغربية لا ينسجم مع مقتضيات القانون الدولي ولا مع التفاهمات الثنائية بين الرباط ونواكشوط. وهو ما يُحتم على الدولة الموريتانية مضاعفة جهودها لضبط الحدود ومواجهة هذه الظاهرة المتنامية.

وفي المقابل، فإن المغرب يتحرك داخل الإطار القانوني الدولي، في ممارسة سيادته وحماية أمنه القومي، مما يجعل أي ردود فعل ميدانية على التسللات العشوائية مبررة قانونيا وسياسيا.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)