مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
خلال أشغال الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أثار الرئيس الفنلندي جدلاً واسعاً بعد دعوته غير المسبوقة إلى إلغاء حق النقض (الفيتو) الذي تحتكره خمس دول دائمة العضوية في مجلس الأمن. واعتبر أن هذا الامتياز أصبح يعرقل عمل المنظمة الدولية ويمنح قوة استثنائية لبضع دول فقط، رغم وجود توافق دولي واسع حول القرارات.
واقترح الرئيس الفنلندي بديلاً يتمثل في تعليق عضوية الدول المخالفة لميثاق الأمم المتحدة داخل المجلس، بما يفقدها مؤقتاً حق التصويت إذا ما ارتكبت أفعالاً مثل شن حرب عدوانية، أو احتلال، أو جرائم إبادة.
ما هو الفيتو؟
حق النقض، أو “الفيتو”، وُضع سنة 1945 عقب الحرب العالمية الثانية لطمأنة القوى الكبرى وضمان انخراطها في الأمم المتحدة. ويعني أن اعتراض دولة واحدة من الأعضاء الدائمين (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة) يكفي لإسقاط أي قرار غير إجرائي، مهما كانت درجة الإجماع عليه.
ورغم أنه صُمم في البداية كآلية لحماية التوازن الدولي، إلا أنه تحوّل مع الزمن إلى أداة مثيرة للجدل، حيث يُستخدم أحياناً لحماية مصالح ضيقة أو حلفاء سياسيين، وهو ما يعطل جهود المجتمع الدولي في قضايا مثل النزاعات المسلحة أو الجرائم ضد الإنسانية.
ماذا لو استعمل طرفان الفيتو في نفس القرار؟
من الناحية الإجرائية، الفيتو لا يمكن “نقضه” بفيتو آخر. أي أن مجرد اعتراض واحد من الأعضاء الخمسة يكفي لإسقاط القرار. وإذا اعترض عضو ثانٍ، فإن اعتراضه لا يلغي اعتراض الأول، بل يعزز سقوط القرار. وهنا تكمن قوة هذا الامتياز: قرار دولي قد يحظى بموافقة 14 عضواً يُجهضه صوت واحد، دون إمكانية “رفض الرفض”.
هذا السيناريو يوضح هشاشة الآلية، ويبرز سبب تصاعد المطالب الدولية لإصلاحها أو استبدالها بنظام أكثر عدلاً وشفافية.
خلاصة
النقاش الذي أعاد الرئيس الفنلندي فتحه في الأمم المتحدة يسلط الضوء على إشكالية قديمة تتجدد: هل ما زال الفيتو يخدم السلم والأمن الدوليين أم أصبح عقبة أمامهما؟ وبين الدعوات المتكررة للإصلاح ومقترحات بديلة، يبقى التغيير رهيناً بإرادة الدول نفسها التي تحتكر هذا الامتياز.
تعليقات ( 0 )