بعد اللحم والسمك، جشع الوسطاء “الشناقة” يغزو قطاع الورد العطري
محمد اوراغ 16 أبريل 2025 - 11:58 وضع القراءة
محمد اوراغ
في الوقت الذي تبذل فيه الدولة المغربية جهودًا مضنية لحماية وتثمين الورد العطري الذي تشتهر به واحة دادس أمكون و جهود المهنيين من فلاحين شرفاء و مسوقين و محولين شرفاء ، هذا الكنز الوطني الذي يعبق برائحة التاريخ والحضارة، وفي الوقت الذي يسعى فيه فاعلون محليون متخصصون في التسويق جاهدين للرفع من قيمة هذا المنتج الفريد، وتجاوز سقف الثلاثين درهمًا للكيلوغرام الواحد كحد أدنى يستحقه الفلاح لقاء تعبه وعمله المضني، تطل علينا آفة أخرى تهدد هذا القطاع الحيوي و تحت يافطة السوق حر !: جشع الوسطاء، أو ما بات يعرف بـ “الشناقة” . ورغم المساعي الحميدة للتخفيف من وطأة الظروف المناخية الصعبة وتداعيات الجفاف التي أثقلت كاهل الفلاح، بالإضافة إلى الغلاء المتصاعد في تكاليف المعيشة، يظهر هؤلاء الوسطاء الجشعون بوجههم القبيح، محاولين “سرقة” ثمار جهود الفلاحين الصغار عن طريق بخس أثمان ورودهم إلى ما دون الثمانية عشر درهمًا للكيلوغرام الواحد! في مشهد يثير الاستياء والقلق، يكشف عن ازدواجية مقيتة، حيث يقوم هؤلاء “الشناقة” أنفسهم بشراء الورد من أصحاب الضيعات الكبيرة بأثمان مرتفعة، مما يطرح أكثر من علامة استفهام حول دوافعهم وممارساتهم المشبوهة. إن هذا السلوك الانتهازي من قبل بعض الوسطاء يمثل ضربة موجعة لجهود التنمية المستدامة في المنطقة، وتقويضًا لمساعي دعم الفلاحين الصغار الذين يشكلون النواة الصلبة لهذا القطاع العريق. فبدل أن يكون هؤلاء الوسطاء حلقة وصل نزيهة تضمن حقوق المنتج والمستهلك على حد سواء، يتحولون إلى قوى تعمل على تكريس التفاوت واستغلال حاجة الفلاحين وظروفهم الصعبة. إن قطاع الورد العطري ليس مجرد نشاط اقتصادي، بل هو جزء من الهوية الثقافية والتراثية للمغرب. والحفاظ عليه وتنميته مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود الدولة والمجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين الشرفاء. ولا يمكن تحقيق ذلك في ظل وجود ممارسات استغلالية تهدد بتقويض أسس هذا القطاع وتحويله إلى مرتع للمضاربين الجشعين، والذين لن تردد عن نشر أسمائهم و صفاتهم. إن الوقت قد حان لتدخل الجهات المعنية بحزم لوضع حد لهذه الممارسات المشينة. يجب تفعيل آليات الرقابة وتشديد العقوبات على المتورطين في تبخيس أثمان المنتجات الفلاحية، وحماية حقوق الفلاحين الصغار الذين هم أساس هذا القطاع. كما يتعين دعم المبادرات الهادفة إلى تنظيم السوق وتقوية قدرات التعاونيات الفلاحية لتسويق منتجاتها بشكل مباشر وعادل. إن حماية الورد العطري من جشع الوسطاء ليس مجرد ضرورة اقتصادية، بل هو واجب وطني للحفاظ على هذا الموروث الثقافي والطبيعي الفريد، وضمان مستقبل مزدهر لأجيال قادمة في واحة دادس أمكون. فهل ستتحرك الجهات المعنية لإنقاذ “جوهرة المغرب” من براثن الطمع والاستغلال؟
تعليقات ( 0 )