بقلم: عبد الرزاق قطني
في خطوة غير مسبوقة تحمل دلالات رمزية ورسائل سياسية ورياضية قوية، أعلنت مجموعات “الكورفا نورد” و”الكورفا سود” عن قرار مقاطعة ديربي الدار البيضاء، بعد سلسلة اجتماعات داخلية ومحادثات رسمية مع السلطات المختصة. خطوة لم تأت بشكل انفعالي، بل جاءت مدروسة تعكس حالة احتقان كبير واستياء متصاعد من واقع البنية الرياضية بمدينة تعتبر قلب الرياضة المغربية.
البلاغ الصادر عن المجموعتين سلط الضوء على جملة من الأسباب التي دفعت إلى اتخاذ هذا القرار، بدءًا من ما وصف بـ”العشوائية والعبث” في تدبير إصلاح مركب محمد الخامس، الذي دخل مرارًا في دوامة إصلاحات متكررة بملايير الدراهم دون تحسينات ملموسة على الأرض، في وقت تُشيّد فيه ملاعب جديدة بمدن أخرى في وقت قياسي.
كما عبر البلاغ عن استنكار واسع للتضييق المتزايد على الحركية الجماهيرية، من منع التنقلات دون مبررات واضحة، إلى غياب العدالة في تطبيق قرارات “الويكلو”، فضلًا عن تهميش الدار البيضاء كمركز رياضي وثقافي، خصوصًا بعد استثنائها من استضافة مباريات كأس العالم 2030.
البلاغ لم يغفل أيضًا جانبًا اجتماعيًا حساسًا، مشيرًا إلى قساوة الأحكام الصادرة في حق عدد من الشباب المنتمين للمجموعات، بموجب الفصل 507، دون ضحايا أو أحداث دامية تبرر هذا التشدد القضائي، في ظل غياب فضاءات ثقافية وترفيهية بديلة للشباب، ما يجعل من الألتراس ملاذًا اجتماعيًا وتعبيريًا عن الذات.
وفي الوقت ذاته، انتقدت المجموعات الهجمات الإعلامية الموجهة ضدها، والتي وصفتها بأنها “تحريضية وتبخيسية”، معتبرة أن الجماهير الودادية والرجاوية لطالما كانت عنصرًا موحدًا، رفعت رايات الوطن في المحافل القارية والدولية دون انتظار مقابل.
مقاطعة الديربي، كما عبّرت عنها المجموعات، ليست نهاية للعشق الكروي، بل صرخة احتجاجية ضد واقع رياضي وإداري وسياسي لا يعكس طموحات مدينة بحجم وتاريخ الدار البيضاء. إنها دعوة مفتوحة لإعادة النظر في كيفية تدبير الشأن الرياضي محليًا ووطنيا، وإعادة الاعتبار للجمهور كمكوّن أساسي لا غنى عنه في معادلة اللعبة.
ديربي بدون “كورفا” هو أشبه بجسد بلا روح، ورسالة المقاطعة اليوم أقوى من آلاف الشعارات: “لسنا ديكورًا في بطولة مفلسة، بل شركاء في صناعة الشغف”.
تعليقات ( 0 )