” ظاهرة تكبير المؤخرات في المغرب بين نظرية الفعل والظاهرة الاجتماعية” ( ماكس فيبر – إيميل دور كايم )
عبد الرحيم الشافعي
لكي نستجلي المعنى المتضمن داخل عبارة ” ظاهرة تكبير المؤخرات” فإنه سيكون من الأفيد لنا أن ننطلق من مفهوم أكثر اتساعا “تكبير المؤخرات ” كظاهرة اجتماعية، فمهما يكن التصور الذي نملكه عنها، هي قبل كل شيء طريقة معينة لضمان شروط اللياقة البدنية لجسد المرأة في نظر البعض، و طريقة للفت الانتباه كمحاولة للإغواء عند البعض الأخر، وبين هؤلاء وهؤلاء هناك ما يسمى ” الفعل” الذي يكون وراءه سبب، وهناك ردة فعل كنتيجة، والموضوع الذي بين أيدينا، يندرج ضمن نفس المفهوم إذ يسلط الضوء على قضية ” تكبير المؤخرات” كظاهرة اجتماعية تحت مجهر قانون السبب و النتيجة ، و من هنا يمكننا بسط الإشكال التالي: هل يعتبر تكبير المؤخرات ظاهرة اجتماعية ؟ أم هي موضة العصر الحديث ؟ ومنه بمقدورنا طرح الأسئلة التالية :
بأي معنى يمكن الحديث عن ظاهرة تكبير المؤخرات ؟ هل كفعل أم كسلوك اجتماعي ؟ و ما هي أسبابها ؟ والى أي حد يمكن اعتبارها ظاهرة اجتماعية تستدعي رؤية ، أخلاقية، و سوسيولوجية ، وسيكولوجية ؟
في كتاب ” قواعد المنهج في علم الاجتماع” لعالم الاجتماع ” إيميل دور كايم” الذي وضح فيه الجانب الخاص بعلم الاجتماع، و الذي يتجلى في ” الظاهرة الاجتماعية ” و قد استثمر صاحب الكتاب مجموعة كن المفاهيم الأساسية كمفهوم الظاهرة الاجتماعية . في الفصل الأول من هذا الكتاب الذي خصصه لمفهوم الظاهرة الاجتماعية، ذكر و قبل كل شيء أن ما من حادثة إنسانية إلا و يمكن أن تطلق عليها اسم ” الظاهرة الاجتماعية”وهي كل مجال من السلوك ثابت كان أو غير ثابت، يمكن أنّ يمارس نوع من أنواع القهر الخارجي على الأفراد أو هي كل سلوك ينتشر في المجتمع بأكمله.
في الفيزيولوجيا وعلم الاجتماع، يعرف السلوك الاجتماعي بالسلوك الموجه نحو المجتمع، و إذا ما نظرنا إلى تكبير المؤخرات كسلوك موجه نحو المجتمع، فمن الجهة التي مارست القهر على هذه الفئة من النساء حتى ينتشر هذا السلوك فيما بينهم، هل هو المجتمع نفسه ؟ ففي التسلسل الهرمي الاجتماعي، يتبع السلوك الاجتماعي الأعمال الاجتماعية، ويستهدف الآخرين حيث إنه مصمم للحث على إبداء استجابة. فبالإضافة إلى هذا المقياس المتصاعد يوجد التفاعل الاجتماعي والعلاقة الاجتماعية و يمثل السلوك الاجتماعي عملية تواصل
فإذا كانت ظاهرة تكبير المؤخرات كسلوك هو في الحقيقة مصمم للحث على ايداء استجابة، فما نوع هذه الاستجابة التي تنتظرها صاحبة السلوك ؟ وإن كان هذا السلوك نوع من التفاعل الاجتماعي، فكيف يتفاعل المجتمع المغربي مع هذه الظاهرة ؟
تكمن قيمة و أهمية الأطروحة التي تبناها ” إيميل دور كايم” بوضع تعريف الظاهرة الاجتماعية، ويُعد من التعاريف الأكثر انتشاراً في الوسط العلمي والاجتماعي والسوسيولوجي، والذي يرى أنّ الظاهرة الاجتماعية هي كل مجال من السلوك ثابت كان أو غير ثابت، يمكن أنّ يمارس نوع من أنواع القهر الخارجي على الأفراد أو هي كل سلوك ينتشر في المجتمع بأكمل ومنه فإن ظاهرة تكبير المؤخرات في المجتمع المغربي تستدعي دراسة سوسويولوجية من طرف علماء الاجتماع و الخبراء المتخصصين في هذا الميدان.
وخلافا في المقابل نجد في “نظرية الفعل” عند” ماكس فيبر ” تعتمد على قضية أساسية فيما يتعلق بتفسير و تأويل السلوك الإنساني ألا وهي أن كل سلوك هو سلوك هادف، أي أن الفاعل الاجتماعي لبلوغ هدف أو غاية ما فإنه يختار عدة وسائل وأنماط سلوك متعارف عليها اجتماعيا للوصول إلى غاياته، حيث يتضمن الفعل اختيار الفاعل لعدد محدود من الوسائل التي تحقق هدفه دون وسائل أخرى، وبذلك يحصل التمايز بين الوسائل والغايات، ولا يقتصر الفعل الاجتماعي، ولكل فاعل اجتماعي طريقته الخاصة في معرفة أساليب السلوك وسياقاتها الاجتماعية.
من خلال هذا المفهوم يتضح أن ظاهرة تكبير المؤخرات كسلوك له هدف وغاية، فما هو هذا الهدف و هذه الغاية” هل تخدم المجتمع من الناحية التربوية و الأخلاقية أم العكس ؟ فإذا وضعنا تكبير المؤخرات في النظرية الاجتماعية بين السلوك و الفعل، فإن السلوك يشكل حركة بدنية ( عملية التكبير ) بحتة تصدر عن الشخص الذي قام بها، يكون الفعل نابعا من قصد وهادفا إلى غاية، ( ما هي يا ترى هذه الغاية؟ ) لأن الفعل الاجتماعي يستهدف به صاحبه سلوك الآخرين وأفعالهم أي ردة فعل فئة من الذكور و لن أقول الرجال لأن الرجولة شهامة لا تخضع لهكذا سلوكات ، أو هو سلوك إرادي لدى الإنسان لتحقيق هدف محدد وغاية بعينها، و هنا نتحدث عن تكبير المؤخرة كإرادة حرة مستقلة غايتها القصوة تحقيق نوع من الجمالية في جسد المرأة .
و السؤال متى كانت المرأة في المجتمع تساوي مؤخرة ؟ و متى كانت المؤخرة معيارا للجمال ؟ ألا يعتبر هذا الفعل و السلوك تسليع لجسد المرأة ؟ و جعلها تقاس بما يقاس به الخروف يوم عيد الأضحى ؟
من خلال ما سبق يتبين أن إشكالية تكبير المؤخرات بين الفعل و السلوك قد أفرزت موقفين متعارضين فإذا كانت ظاهرة تكبير المؤخرات ناتجة عن قهر خارجي و ضغط اجتماعي، فما الحل ؟ و إذا كانت فعل و سلوك حر له غاية وهدف فما هي انعكاساته ؟ فمن وجهة نظري فإن هذا الموضوع يندرج ضمن مبحث القيم، في ما يخص القيمة الأخلاقية لهذا الفعل، ثم علم النفس كسلوك يحتاج الى تحليل،ثم علم الاجتماع كظاهرة تحتاج إلى دراسة.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق