“غزة… حيث يُذبح الأطفال وتُغتال الكرامة على مذبح الصمت العالمي”
في غزة، لا يحتاج الموت إلى مواعيد، ولا يستأذن من أحد، هو ضيف ثقيل دائم، يحوم فوق الرؤوس، ويتنقل بين البيوت دون استئذان. في غزة، حيث الهواء ملوث برائحة البارود، والأرض مفروشة بجثث الأطفال، والسماء شاهدة على جرائم مكتملة الأركان، يُعاد تعريف المفاهيم: الإنسانية تصبح ترفًا، والعدالة نكتة باهتة، وحقوق الإنسان حبرًا تافهًا على ورق ممزق.
غزة تُباد.
هكذا دون مواربة.
مدن تُهدم فوق رؤوس أهلها، مستشفيات تُقصف، مدارس تتحول إلى مقابر جماعية، ومساجد تُمحى من الوجود. يُقتل الطفل وهو نائم في حضن أمه، تُباد العائلة كاملة، ولا يتحرك ساكن في هذا العالم المُدّعي للتحضر.
الصمت المطبق من المؤسسات الدولية، من أنظمة تدّعي الدفاع عن الإنسان، من نُخب ثقافية وحقوقية لم يعد يعني سوى شيء واحد: تواطؤٌ مفضوح مع القاتل، وخيانةٌ مكشوفة للضحية.
لم يعد هناك مجال لتجميل الواقع، فالعالم لا يصمت فقط، بل يُبرر، ويُشرعن، ويمنح القاتل وقتًا إضافيًا لسفك المزيد من الدماء.
في غزة، يُقتل الطفل مرتين: مرة بصاروخ، ومرة بصمت العالم.
الطفولة هناك لا تعرف سوى الركام، ولا تتعلم الحروف إلا من خلال كتابات على جدران مهدّمة. صرخة الطفل ليست نداء استغاثة فقط، بل صفعة في وجه الإنسانية الساكنة.
ومع كل هذا الخراب، يُصر الشعب الغزّي على الحياة.
يُصر على التشبث بالأمل، على زرع زهرة في ركام، على تعليم الأطفال تحت الخيم، على دفن شهدائه بكرامة، وعلى ترديد النشيد الوطني في جنازات الصغار.
غزة لا تركع، رغم جراحها.
لا تسكت، رغم النزف.
لا تموت، رغم محاولات محوها.
لكن إلى متى؟
إلى متى ستظل غزة تُذبح كل يوم والعالم يعدّ القتلى ويقلب القنوات؟
إلى متى سنكتفي بالبكاء والتنديد دون تحرك؟
هل أصبحنا فعلاً شعوبًا لا تغضب، لا تثور، لا تبكي إلا على الأطلال؟
غزة اليوم مرآةٌ لنا جميعًا، تعكس قبح هذا العالم، واختناق القيم، وموت الضمير.
من لا يشعر بألمها، فليتحسس قلبه… فقد يكون قد مات.
تعليقات ( 0 )