مع الحدث
ناقش الإعلامي هشام ناصر أطروحته لنيل الدكتوراه في القانون العام تحت عنوان : ” المعارضة البرلمانية في النظام الدستوري المغربي والأنظمة الدستورية المقارنة ” تحت إشراف الدكتور محمد البزاز وذلك صباح السبت 19 أبريل 2025 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس أمام لجنة علمية مكونة من كل من :
الدكتور محمد البزاز، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، رئيسا ومشرفا
الدكتور عبد المالك احزرير، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، مقررا
الدكتور محمد نشطاوي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، مقررا
الدكتور ندير اسماعيلي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، مقررا
الدكتورة، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، عضوا
الدكتور محمد الفاضلي، أستاذ محاضر مؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، عضوا
الأطروحة تناولت أهمية اعتراف دستور 29 يوليوز 2011 لأول مرة حقوق المعارضة البرلمانية، والذي شكل خطوة مهمة وذات بعد رمزي، علما أنها لم تقف عند حدود الاعتراف بالمعارضة البرلمانية بل منحتها وضعا خاصا، مما مكن المعارضة من الانتقال الى مؤسسة قائمة الذات، حيث لم تعد المعارضة مختزلة في الحزب السياسية بل امتدت إلى البرلمان عبر قناة ” فرق المعارضة ” بعد أن مكنها المشرع الدستوري من عدة آليات تسمح لها بالمساهمة والمشاركة في تدبير الشأن العام الوطني من خلال المقاربة التشاركية التي عبر عنها الفصل 10 من الوثيقة الدستورية.
كما تطرقت الى تقييم حصيلة الأداء التشريعي والرقابي للمعارضة البرلمانية خلال الولايتين التشريعيتين العاشرة والحادية عشرة، حيث أشار الباحث فيما يتعلق بالأداء التشريعي للمعارضة البرلمانية الى كون مجمل المقترحات التشريعية التي تقدمت بها المعارضة البرلمانية خلال الولاية العاشرة عكست حالة من انعدام التوازن بين مختلف القطاعات حيث تركزت حول قطاع العدل والتشريع وحقوق الإنسان وقطاع الداخلية والسكنى والجماعات الترابية ، بينما تم إهمال قطاعات لها ثقلها ووزنها في مجالي التشريع والمراقبة وخاصة قطاع الاقتصاد والمالية والقطاع الاجتماعي والقطاع الانتاجي وقطاعي البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، وهو الأمر الذي يكشف عن مدى القصور الذي يتميز به أداء المعارضة في مجال التشريع وغياب التوازن بين مختلف القطاعات، مما يكشف عن غياب استراتيجية واضحة للمعارضة في مجال التشريع، ناهيك عن غياب التنسيق وتشتت جهود المعارضة وبروز هاجس التوافق أحيانا مع مكونات الأغلبية سواء من خلال التصويت على مشاريع الحكومة أو من خلال تقديم مقترحات مشتركة، وهو سلوك كان محكوما بخلفيات ومصالح سياسية واضحة .
وأبانت الدراسة عن نهج الحكومة وباستمرار لسلوك يؤدي عمليا إلى تحويل البرلمان إلى مجرد مؤسسة شكلية، علما أن المعارضة في سلوكها التصويتي لا تبدي أية مقاومة اتجاه المبادرات التشريعية للحكومة، فرغم الحدة في النقاش التي تصل إلى حد توجيه الاتهامات للحكومة، فإنه في النهاية يتم التصويت بالإجماع.
وأشارت الدراسة أن الولايتين التشريعيتين الأخيرتين أبانت عن ضعف ذاتي للمعارضة نتيجة أسباب مختلفة مرتبطة أساسا بضعف التنسيق بين مكوناتها، ما تولد عنه تشتت في الرؤى والأفكار والتوجهات، وعدم امتلاكها لمخطط واضح للتحرك والفعل وهذا ما يظهر كثيرا على مستوى تدخلاتها بخصوص النقاشات حول التشريع وممارسة دورها الرقابي ومناقشة السياسات العمومية، بالإضافة الى انعدام الحد الأدنى من التقاطعات المذهبية.
كما سلطت الضوء على عدد من الإكراهات والصعوبات التي تواجه المعارضة البرلمانية في تفعيل آلية السؤال البرلماني، وأبرزها التأخر الحكومي في الأجوبة، حيث لم يرتب المشرع الدستوري أي جزاء على عدم تقيد الحكومة بالأجل الدستوري، الى جانب الغياب المتكرر لأعضاء الحكومة هن الجلسات الأسبوعية للأسئلة، فيكون الغياب بدون إنابة وسيلة للتهرب من الأجوبة، والى جانب ذلك تواجه المعارضة صعوبات في تفعيل آلية السؤال البرلماني بسبب تلقي نوابها لإجابات تتضمن معطيات عامة وغامضة بدل أن تكون معطيات دقيقة، وفي بعض الأحيان تكون الردود المكتوبة غير كاملة، وأحيانا تكون مطولة وذات طبيعة فنية أكثر من اللازم، وهو ما يؤدي إلى استبعاد أفراد الجمهور من فهم محتوى الأجوبة الحكومية .
ولعل أبرز عائق يحول دون تفعيل آلية السؤال الشفهي من قبل المعارضة هو البرمجة الزمنية، واعتماد الأقطاب الحكومية، وأحيانا حينما يغيب الوزير المعني في قطبه، يضطر المنتخب الانتظار شهر آخر من أجل إعادة برمجة سؤاله، علما أن السؤال دستوريا، يوجه من طرف المنتخب، وتجيب عليه الحكومة، بغض النظر عن الوزير المعني بالرد.
ومن جملة الصعوبات التي تعترض تفعيل آلية السؤال البرلماني من طرف المعارضة بحسب الباحث هشام ناصر، هو افتقاد المعارضة البرلمانية للوسائل الكفيلة بتمكينها من الاطلاع على مجمل القرارات التي اتخذتها الحكومة أو ما تخطط للقيام به. هذا التباين المعلوماتي يمكن الحكومة في نهاية المطاف من تعزيز سياساتها الخاصة.
كما لوحظ – يضيف الباحث – أن البرلمانيون يستخدمون الأسئلة لأسباب أخرى غير السعي وراء المساءلة الوزارية، حيث يتم استخدامها من قبل العديد من النواب كأداة لتمثيل المصالح الخاصة لدوائرهم الانتخابية مقابل التصويت لفائدتهم في الانتخابات اللاحقة على حساب الأدوار البرلمانية الأخرى، مثل الرقابة على العمل الحكومي.
وخرجت الدراسة بجملة من التوصيات والاقتراحات أبرزها ضرورة تفعيل المقترح الملكي ” بإخراج نظام خاص بالمعارضة البرلمانية ” باعتباره الإطار القانوني الأمثل لحماية وتعزيز حقوق الأقلية البرلمانية وعقلنة تركيبة المعارضة، تحت قيادة الحزب الأكثر تمثيلا داخل مجلس النواب ومنح زعيمه وضعا اعتباريا وقانونيا على غرار النموذج البريطاني، علما أن نمط الاقتراع القائم على أساس التمثيل النسبي يمنح إمكانية وجود معارضات متعددة، كما دعت الى تحديد واضح ودقيق لمسؤوليات المعارضة، بناء على ما جاء في الفصل 10 من الدستور ” يجب على فرق المعارضة المساهمة في العمل البرلماني بكيفية بناءة وفعالة “، وإعطاء حيز زمني كاف لتقييم السياسات العامة على غرار التجربة الفرنسية، حيث يخصص يوم واحد في كل شهر لجدول الأعمال الذي يضعه كل مجلس بناء على مبادرة فرق المعارضة بالإضافة الى تخصيص المشرع الدستوري الفرنسي لجلسة كل أربعة أسابيع لتقييم السياسات العمومية، والحد من هيمنة وتحكم الحكومة والأغلبية في تسطير جدول أعمال المجلس، عبر إعطاء رؤساء فرق ومجموعات المعارضة الحق في طلب برمجة نقاط ضمن جدول أعمال البرلمان، وهو الأمر الذي سيشكل ضمانة مهمة لفائدة الأقلية البرلمانية من أجل التقدم بمقترحات تشريعية أو طلب تشكيل لجان لتقصي الحقائق أو لجان موضوعاتية لتقييم السياسات العمومية، وتخصيص أيام للمعارضة تتحكم في تحديد جدول أعماله دون تدخل من الحكومة.
وفي نهاية المناقشة والتي تميزت بتوجيه عدد من الأفكار والاقتراحات لإثراء الدراسة، قررت لجنة المناقشة وبعد المداولة، منح الباحث هشام ناصر لقب دكتور في القانون العام بميزة حسن جدا مع تنويه جميع أعضاء اللجنة بالدراسة المقدمة .
تعليقات ( 0 )