بنكيران بين ركوب الموجة و محاولة الرجوع الى القمة

مع الحدث 

إستراحة الأحد

يعود عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، إلى واجهة الساحة السياسية في المغرب وسط مشهد يتسم بالتقلب والتجاذب، بين تطلعات أنصاره إلى استعادة مجد الحزب، ومحاولاته الشخصية للعودة إلى مركز القرار بعد نكسة انتخابية تاريخية أطاحت بالحزب من صدارة المشهد السياسي.
فبعد سنوات من الصمت النسبي والابتعاد عن الأضواء، يبدو أن بنكيران يحاول مجددًا ركوب موجة المتغيرات السياسية والاجتماعية، معتمدًا على تجربته السابقة وكاريزماه الخطابية التي طالما جعلته شخصية جدلية وجاذبة للانتباه. غير أن واقع اليوم ليس كواقع الأمس، فقد تغيرت المعادلات، وانهارت قواعد كانت ترتكز عليها تجربة الحزب في الحكم، ليجد نفسه متخبطًا في البحث عن موقع جديد وسط خارطة سياسية متغيرة.
تتباين الآراء بخصوص عودة بنكيران؛ فهناك من يرى فيها خطوة ضرورية لإعادة التوازن الداخلي، وإنقاذ ما تبقى من الروح النضالية داخل الحزب، بينما يعتبرها آخرون مجرد محاولة شخصية للرجوع إلى القمة، دون رؤية واضحة أو مشروع سياسي متجدد.
ورغم كل التحولات، لا يزال بنكيران يحتفظ بجاذبية داخلية وسط قواعد الحزب، حيث يُنظر إليه من طرف جزء من المناضلين كرمز يمكن أن يعيد الأمل بعد سلسلة من الإخفاقات الانتخابية والتنظيمية. لكن السؤال المحوري الذي يفرض نفسه اليوم: هل تكفي الكاريزما والخطاب الشعبوي وحدهما لركوب موجة جديدة؟ أم أن السياق الحالي، المتسم بوعي شعبي متزايد ومطالب ملحة بالكفاءة والشفافية، يستوجب طرحًا جديدًا يتجاوز الخطابة إلى الممارسة السياسية الناضجة؟
لقد تغير الشارع المغربي، ولم يعد من السهل استمالته بخطاب العواطف أو استحضار الأمجاد السابقة. وهو ما يجعل بنكيران أمام تحدٍّ حقيقي: إما أن يُعيد تعريف ذاته كفاعل سياسي يقدم بدائل حقيقية قابلة للتنفيذ، أو أن يتحول إلى مجرد صدى لماضٍ سياسي ولى، يحاول التمسك بوهج لم يعد يحقق التأثير ذاته.
في النهاية، تبقى عودة بنكيران حدثًا يستحق الرصد، لكنه في الوقت ذاته يفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول الأهداف، والجدوى، ومصير هذه العودة. وبين ركوب الموجة ومحاولة الرجوع إلى القمة، تبقى الأيام وحدها كفيلة بالكشف عن مصير هذا المسار، ومدى قدرة بنكيران على التكيف مع واقع سياسي لم يعد يشبه ذلك الذي غادره قبل سنوات.
لحبيب مسكر

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)