مع الحدث
المتابعة ✍️ : ذ لحبيب مسكر
في مقاله المعنون “مخاطر الحكم الذاتي في الصحراء الغربية”، يحاول الصحافي علي أنوزلا إظهار موقف متشائم ومتحفظ تجاه المقترح المغربي للحكم الذاتي، ويقدمه وكأنه يفتح أبواب “تشظي” محتمل في شمال إفريقيا. لكنه، في خضم تحليله، يُغفل عن قصد أو تجاهل حقيقة أساسية: أن النزاع حول الصحراء هو نزاع مفتعل، وأن المغرب يمارس سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، وأن مبادرة الحكم الذاتي المغربية لا تُمثّل فقط الحل الأكثر واقعية وقابلية للتنفيذ، بل هي اليوم المبادرة الوحيدة الموضوعة على طاولة النقاش، والمدعومة دوليًا بشكل غير مسبوق.
فمن غير المقبول أن يستمر البعض في الحديث عن “نزاع إقليمي” من دون تسمية الأطراف الحقيقية المتدخلة فيه، وعلى رأسها الجزائر، التي تتشدق بالحياد وهي من يصنع القرار ويموّل الانفصال ويناور دبلوماسيًا بكل قوة، دون أن يكون لها الحق القانوني أو الأخلاقي في مصير شعب مغربي على أرض مغربية.
الجزائر طرفٌ لا محالة
يقول أنوزلا إن بيان الخارجية الجزائرية حول موقف بريطانيا جاء “معتدلًا”، لكنه يتغافل عن أن الجزائر لا تملك أن ترد على قرار دولة ذات ثقل كالمملكة المتحدة، لأنها بدأت تُدرك أن المقاربة المغربية تكسب كل يوم أرضًا جديدة على المستوى الدولي. الجزائر، التي سارعت إلى قطع علاقاتها مع إسبانيا بعد دعمها الصريح للحكم الذاتي، التزمت الصمت تجاه الموقف البريطاني، وهو ما يكشف عن ارتباك دبلوماسي واضح، ويؤكد أن روايتها تنهار أمام منطق الشرعية والتاريخ والواقعية السياسية.
المغرب في أرضه… والإدارة من صميم سيادته
يتساءل الكاتب بنبرة مشككة: “هل تقبل بنية الدولة المغربية المركزية كما هي عليه اليوم استيعاب بنية مستقلة حتى لو كانت تحت سيادتها؟”، والجواب بسيط: الحكم الذاتي ليس استقلالًا ولا انفصالًا، بل هو شكل من أشكال تدبير الشأن المحلي، معمول به في كبريات الديمقراطيات الغربية. إن المغرب بادر طواعية إلى تقديم هذا المقترح سنة 2007، وظل منفتحًا على تطوير تفاصيله بما يستجيب لتطلعات ساكنة الأقاليم الجنوبية، في إطار سيادته الوطنية، ووحدته الترابية.
أما المقارنة المغلوطة مع “كردستان العراق” أو “شمال سوريا”، فتنم عن خلط منهجي لا يليق بكاتب سياسي متمرس. فالصحراء مغربية تاريخًا وشعبًا وجغرافيا، ولا مجال لخلق تشبيهات مصطنعة تهدف فقط إلى إثارة المخاوف وتغذية الأوهام الانفصالية.
الاعتراف الدولي يتزايد… والتاريخ لا يُزوَّر
أكثر من 115 دولة عبرت عن دعمها الصريح لمبادرة الحكم الذاتي، وآخرها بريطانيا، وهي خطوة تعبّر عن اقتناع دولي متنامٍ بأن المغرب يتصرف كدولة مسؤولة تسعى إلى طي هذا النزاع المفتعل بمنطق الحوار والتوافق. ومَن يقرأ المعطيات جيدًا يدرك أن الوقت لم يعد في صالح الطروحات الانفصالية، ولا في مصلحة من يدعمها من الخلف.
إن الانخراط الإيجابي للمجتمع الدولي في دعم الحكم الذاتي المغربي ليس مجاملة، بل تقدير لمقاربة ناضجة تحفظ كرامة سكان الصحراء وتضمن استقرار المنطقة. أما الترويج لمخاوف مفترضة من مشروع لم يُفعّل بعد، فليس سوى تهويل إعلامي لا يصمد أمام الواقع الذي يعرفه العالم: الصحراء مغربية، وستبقى كذلك، والمبادرة المغربية للحكم الذاتي هي عنوان الحل، لا مدخله إلى أزمة جديدة.
تعليقات ( 0 )