مع الحدث / مديونة
تحرير ✍️: مجيدة الحيمودي
خيّم الحزن على فعاليات موسم التبوريدة بجماعة مديونة، بعد نفوق حصان خلال إحدى العروض، في مشهد مؤثر هز مشاعر الحاضرين، وأعاد إلى السطح تساؤلات جدية حول ظروف الرعاية الصحية المقدمة للخيول المشاركة في مثل هذه التظاهرات التراثية.
الحادث المفجع وقع لحظة نهاية السباق، بعد أن أنهى الفارس رفقة حصانه الطلقة الجماعية المعتادة، ليسقط الجواد أرضاً بشكل مفاجئ وسط “المحرك”، فيما كان فارسه لا يزال ممتطياً ظهره. ورغم تدخل بعض الحاضرين والفرسان بسرعة لتقديم المساعدة، فإن الحصان فارق الحياة في الحال، في مشهد صعب لم يتحمّله الكثير من عشاق هذا الفن الشعبي الأصيل.
الفارس الذي بدا في حالة صدمة، حظي بتعاطف واسع من الجمهور وزملائه من فرسان “السربات”، الذين عبّروا عن أسفهم الكبير لفقدان أحد الخيول، التي تُعدّ رفيقة الدرب وأحد رموز هذا التراث العريق.
ويُسلّط هذا الحادث المؤسف الضوء مجدداً على تكرار حالات نفوق الأحصنة خلال المواسم والمهرجانات الشعبية، وهو ما يفرض على الجهات المنظمة، وكذا السلطات المحلية، ضرورة تعزيز شروط الرعاية الطبية البيطرية للخيول، سواء قبل انطلاق الموسم أو خلال أيام التباري والاستعراض، ضماناً لسلامتها وتقديراً لما تبذله من جهد كبير.
ويرى عدد من متتبعي الشأن الثقافي والفني أن حماية الخيول لا تقل أهمية عن الحفاظ على هذا الموروث الثقافي، باعتبار أن فن التبوريدة لا يمكن أن يستمر دون احترام التوازن بين الاستعراض والجانب الإنساني المتعلق بالحيوان، الذي يعتبر العمود الفقري لهذا الفن.
وتُعد التبوريدة أو “الفنتازيا” من أبرز عناصر التراث الشعبي المغربي، حيث تجمع بين مهارات الفروسية ودقة التنسيق بين أفراد السربة، وتُقدم عروضاً مبهرة تشدّ انتباه الجمهور وتعكس العمق التاريخي لعلاقة الإنسان المغربي بالفرس.
وفي انتظار أن تُستكمل باقي فعاليات موسم مديونة، يبقى الأمل قائماً في أن تكون هذه الحادثة المؤلمة جرس إنذار يُفضي إلى مراجعة شاملة للبروتوكولات المعتمدة في تنظيم هذه المناسبات، وعلى رأسها إلزامية وجود فرق بيطرية ميدانية مجهزة للتدخل السريع، وصيانة كرامة الحيوان ضمن احتفال يهدف أصلاً إلى تكريم تاريخه ومكانته.
تعليقات ( 0 )