هل تتجه العلاقات بين فنزويلا والولايات المتحدة إلى مواجهة عسكرية؟

مع  الحدث : ذ لحبيب مسكر

 

منذ عقود والعلاقات بين واشنطن وكاراكاس تعيش على وقع توتر متصاعد، بلغ في السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة، حتى أصبح الحديث عن احتمال اندلاع مواجهة عسكرية مطروحاً بقوة في الأوساط السياسية والإعلامية.

منذ وصول الرئيس الراحل هوغو تشافيز إلى السلطة سنة 1999، تبنت فنزويلا نهجاً اشتراكياً مناهضاً لواشنطن، متهماً إياها بالإمبريالية والسعي للهيمنة على ثروات بلاده. ومع خلفه نيكولاس مادورو، استمر الصدام الأيديولوجي والسياسي، خصوصاً مع دعم الولايات المتحدة للمعارضة الفنزويلية واعتبارها النظام القائم غير ديمقراطي.

هذا الصراع تعمّق مع ملفات أخرى، أبرزها:

النفط والطاقة: تمتلك فنزويلا أكبر احتياطي نفطي مثبت في العالم. ورغم أن السوق الأمريكي كان المستورد الأول، فإن العقوبات قلّصت هذا التعاون بشكل حاد.

الديمقراطية والانتخابات: واشنطن لم تعترف بانتخابات مادورو سنة 2018، بل اعترفت لفترة بزعيم المعارضة خوان غوايدو كرئيس شرعي، ما اعتبرته كاراكاس تدخلاً سافراً.

العقوبات الاقتصادية: فرضت الولايات المتحدة عقوبات شديدة على قطاع النفط والبنك المركزي ومسؤولين حكوميين، ما عمّق الأزمة الاقتصادية في البلاد.

التحالفات الدولية: تقارب فنزويلا مع روسيا، الصين، وإيران أثار قلق واشنطن التي ترى في ذلك تهديداً مباشراً في “حديقتها الخلفية”.

ملف المخدرات: تتهم الإدارة الأمريكية حكومة مادورو بالضلوع في شبكات تهريب مخدرات عابرة للحدود، بل ونفذت مؤخراً ضربة عسكرية استهدفت زورقاً قرب السواحل الفنزويلية.

ميزان القوى

الأرقام تكشف اختلالاً واضحاً:

الولايات المتحدة: إنفاق عسكري يتجاوز 895 مليار دولار، أكثر من 13 ألف طائرة حربية، وجيش يفوق مليوني عسكري.

فنزويلا: 4 مليارات دولار ميزانية عسكرية، 229 طائرة، وقوة بشرية لا تتعدى 123 ألف جندي، مع اعتماد كبير على عتاد روسي وصيني.

الفجوة العسكرية تجعل أي مواجهة مباشرة غير متكافئة، لكن التضاريس الجغرافية لفنزويلا (جبال، أدغال، مدن كثيفة) قد تعقد أي محاولة غزو شامل.

السيناريوهات المحتملة

1. تصعيد ميداني: واشنطن نشرت مدمرات وغواصة ومجموعة إنزال برمائية قرب الكاريبي، إضافة إلى إرسال مقاتلات F-35 إلى بورتوريكو، بينما أعلن مادورو تعبئة ملايين الميليشيات.

2. ضربات محدودة: عمليات صاروخية وجوية قد تستهدف الدفاعات والبنية التحتية العسكرية الفنزويلية.

3. حرب بالوكالة: تدخل محتمل من روسيا أو إيران إذا ما تصاعدت المواجهة.

4. الغزو الشامل: يبقى احتمالاً ضعيفاً نظراً للكلفة البشرية والسياسية والاقتصادية الباهظة.

كوابح الحرب

الخشية الأمريكية من ردود الفعل الإقليمية والدولية.

مصالح شركات أمريكية ما تزال حاضرة داخل قطاع النفط الفنزويلي (مثل شيفرون).

رغبة مادورو المعلنة في الحوار وتجنب الانزلاق العسكري.

خلاصة

العلاقة بين فنزويلا والولايات المتحدة تبدو اليوم وكأنها حرب باردة بنَفَس لاتيني: ضغوط اقتصادية، استعراض عسكري، واتهامات متبادلة. ورغم أن الحرب الشاملة تبدو مستبعدة في المدى القريب، فإن سيناريو الضربات المحدودة أو التصعيد غير المباشر يظل قائماً.

المنطقة تعيش على إيقاع “برميل بارود”، وأي حادث عرضي – حتى ولو كان محدوداً – قد يشعل مواجهة تتجاوز حدود فنزويلا لتتحول إلى أزمة إقليمية ذات أبعاد دولية.

 

 

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)