متابعة عماد وحيدال
من حضر دورة شتنبر الأخيرة للمجلس الإقليمي لسطات، كان كمن يطل على جنازة بلا مشيّعين. قاعة شبه فارغة، كراسٍ باردة، وملفات قديمة تتآكلها رفوف وزارة الداخلية، فيما مشاريع الإقليم معلّقة بين الغيب والنسيان.
أكثر من نصف الأعضاء غابوا، وكأنهم يعلنون صراحة أن حضورهم مرهون بالمكاسب لا بالواجب، فيما ممثل السلطة بدوره فضّل الانسحاب، تاركاً رسالة أوضح من أي خطاب: “هذا المجلس بلا روح”.
الإقليم يعيش على وقع عطش مستمر، طرق متهالكة، أحياء غارقة في الظلام، ومستشفيات تحارب الموت بوسائل بدائية. لكن المنتخبين، بدل رفع التحدي، يتقاذفون مصالح ضيقة، وكأن مقاعد المجلس مجرد غنيمة لا مسؤولية.
والمفارقة أن أقاليم مجاورة بحال برشيد أو حتى بعيدة نسبياً بحال بركان، عرفت كيف تحوّل مجالسها الإقليمية إلى قاطرة للتنمية: طرق مُعبّدة، مراكز صحية جديدة، مشاريع رياضية وثقافية تشهد عليها الميدان. هناك، المنتخبون يشتغلون بروح المبادرة والجدية، بينما في سطات ما تزال الملفات عالقة، والمشاريع مؤجلة، وكأن الزمن متوقف في دهاليز المجلس.
فأي معنى لمجلس إقليمي إذا كان عاجزاً عن الدفاع عن الساكنة؟ وأي قيمة لمؤسسة منتخبة إذا كان شغلها الشاغل هو الغياب واللامبالاة؟
إنها الصورة الصادمة: مواطن ينتظر التنمية فلا يجد سوى الوعود، وملفات تتكدّس دون تنفيذ، ومجلس بلا ضمير يترك الإقليم يتيه في صحراء الإهمال.
لكن لا يكفي تشخيص الداء، فالحل يمر عبر تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفرض حضور الأعضاء كشرط أساسي للاستمرار في مناصبهم. كما أن إشراك المجتمع المدني، والفاعلين الاقتصاديين، وأطر الجامعة، كفيل بإعطاء نفس جديد للمشاريع وإعادة الثقة المفقودة بين المواطن ومؤسساته المنتخبة.
الرسالة باتت واضحة:اقليم سطات يحتاج إلى رجال ونساء بحجم همومها، لا إلى كراسي فارغة تُدار باسمها.
تعليقات ( 0 )