تحالفات تتبدل وخرائط تتغير: الشرق الأوسط على أعتاب توازنات جديدة

مع الحدث : ذ لحبيب مسكر

يشهد الشرق الأوسط موجة متسارعة من التحولات تعيد رسم موازين القوى الإقليمية، وتكشف عن بداية مرحلة مختلفة في التحالفات التقليدية. فخلال ساعات قليلة برزت أربع محطات مفصلية: اتفاقية دفاعية تاريخية بين السعودية وباكستان، افتتاح فيجي لسفارتها في القدس، تبادل رفيع للأوسمة بين مصر وإسبانيا، وزيارة أمير قطر إلى الأردن في سياق تضامن عربي غير مسبوق.


الاتفاق الدفاعي بين الرياض وإسلام آباد يعد أبرز هذه التطورات. فهو ينص على أن أي اعتداء على أحد البلدين يعد اعتداءً على الآخر، ما يفتح المجال أمام تعاون عسكري واسع وقد يوفّر للسعودية غطاءً نووياً بحكم امتلاك باكستان لهذا السلاح. هذه الخطوة تعكس قلقاً خليجياً من تراجع الحماية الغربية، خصوصاً بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على الدوحة، كما تضع الرياض أمام تحدي موازنة علاقاتها مع الهند.

في القدس، جاء افتتاح فيجي لسفارتها ليعزز المساعي الإسرائيلية لفرض أمر واقع باعتبار المدينة عاصمة موحدة لإسرائيل، في وقت تتحرك فيه قوى غربية كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا للاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذا التناقض يبرز حجم الاستقطاب الدولي حول مستقبل القدس ويزيد من تعقيد مسار حل الدولتين.

على الضفة الأخرى من المتوسط، حمل تبادل الأوسمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والملك الإسباني فيليبي السادس دلالات دبلوماسية قوية، إذ يعكس رغبة البلدين في تعزيز شراكتهما الاقتصادية والسياسية، ويمنح القاهرة ثقلاً إضافياً في محيطها المتوسطي.

وفي عمان، حملت زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني رسالة تضامن واضحة مع الأردن عقب الهجوم الإسرائيلي على الدوحة. المباحثات تناولت سبل وقف إطلاق النار في غزة، إدخال المساعدات، والتنسيق حول الملف السوري، مع توقعات بزيادة الاستثمارات القطرية في الاقتصاد الأردني.

هذه التطورات المتلاحقة تشير إلى أن المنطقة تدخل مرحلة إعادة تموضع عميقة، حيث تنسج العواصم العربية شبكات أمان جماعية وتقلص اعتمادها على القوى الغربية، بينما يتصاعد الدور الباكستاني كضامن أمني جديد. وفي موازاة ذلك، يتكرس الانقسام الدولي بشأن القضية الفلسطينية، ما يهيئ الشرق الأوسط لمرحلة توازنات جديدة قد ترسم ملامح المشهد الجيوسياسي لعقود مقبلة.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)