في عاصمة التحدي والإشراق، مدينة بوجدور، تواصلت اليوم فعاليات القافلة الخضراء للسينما، التي اختارت شعارًا بليغًا يلخّص مسار أمة ويؤرخ لمسيرة وفاء: “ذاكرة صورة ومسيرة وطن”.
تحت هذا العنوان المفعم بالدلالات، اجتمعت الذاكرة بالصورة، واجتمع الفن بالوطن، لتتحول القاعة السينمائية إلى فضاء نابض بالانتماء والإبداع، حيث الكاميرا لا توثّق المشهد فحسب، بل تبوح بحكاية هوية ووجدان.
هذا اليوم المميز من عمر القافلة، حمل في طياته لحظات فنية وإنسانية عميقة، من خلال عرض فيلمين من توقيع أبناء الصحراء المغربية، شكّلا بصمة مضيئة في مسار السينما الوطنية:
فيلم “حجبة” للمخرج محمد فاضل الجماني، الذي استنطق الذاكرة الشعبية بعين فنية رصينة، وفيلم “مسيرة” للمخرجة أسماء المدير، الذي خطّ بلغة الصورة ملحمة وطنية تجسد ارتباط الإنسان الصحراوي بأرضه وتاريخه ومساره ضمن وحدة الوطن الكبير.
ولم يكن الحدث الفني سوى مدخل لتكريم رموزٍ وطنية حملت على عاتقها رسالة الانتماء والعطاء، أسماء تركت بصمتها في سجل الوطن، خالدة بأعمالها وسيرتها، وهم:
المرحوم رشيد الدويهي
المرحوم محمد الشيخ ولد اباها
السالك ولد علي خيا
سيدي أحمد لعلي
المحجوب بلخير
كانت لحظة التكريم تلك، لحظة صدق واعتراف بالجميل، جسّدت قيم الوفاء والعرفان لمن نذروا حياتهم دفاعًا عن الهوية الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية، وأثبتوا أن خدمة الوطن ليست شعارًا يُرفع، بل مسارًا يُعاش بصدق وإيمان.
لقد برهنت القافلة الخضراء للسينما، من خلال محطتها ببوجدور، أن السينما ليست ترفًا فنّيًا، بل هي ذاكرة وطنية نابضة، وأداة من أدوات الدبلوماسية الثقافية، تنسج خيوط التواصل بين الأجيال، وتُعرّف العالم بثراء الموروث الصحراوي المغربي، وتُبرز دور الثقافة في صون الذاكرة الجماعية للأمة.
وفي لحظة اتحد فيها الفن بالوطن، أكدت بوجدور مرة أخرى أنها ليست فقط مدينة على الخارطة، بل رمز في الوجدان، مدينة تنبض بالعطاء، وتكتب بالصورة فصول المجد والوفاء.
هكذا تمضي القافلة الخضراء في رحلتها عبر مدن المملكة، تنثر عبق الانتماء وتُعيد الاعتبار للصورة كقوة ناعمة تُسهم في بناء الإنسان وتعزيز حضور الوطن في الذاكرة والتاريخ.
في بوجدور، حيث البحر يعانق الصحراء، تتجدد الحكاية:
الصحراء المغربية، كانت وستظل أرض الإبداع، وموئل العزة، ومنبع الوفاء.


Comments
0