Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

العزلة الاجتماعية في زمن التكنولوجيا: حين يصبح القرب وهماً

 

العزلة الاجتماعية في زمن التكنولوجيا: حين يصبح القرب وهماً

✍️ هند بومديان

لم يعد الإنسان في هذا العصر بحاجة إلى السفر أو انتظار الرسائل ليتواصل مع أحبّائه. بضغطة زر، يمكنه أن يرى من يشاء، ويُحادث من يشاء، في أي لحظة شاء. ومع ذلك، لم يكن الشعور بالوحدة يوماً أقسى مما هو عليه اليوم.

 

في زمنٍ تغوّلت فيه التكنولوجيا على تفاصيل الحياة، تحوّلت العلاقات الإنسانية إلى روابط افتراضية سطحية، مجرّدة من الدفء والصدق. أصبح “الحضور” لا يتجاوز إشعار “متصل الآن”، و”الاهتمام” لا يتعدّى رموزاً باردة تُرسل في ثوانٍ. غابت النظرات، وضاعت الأحضان، واختفت الحوارات العميقة التي كانت تُبنى في جلسات مسائية هادئة، على شاي دافئ أو ركن مقهى شعبي بسيط.

 

العزلة اليوم لم تعد مرتبطة بمكان خالٍ أو غرفة مظلمة، بل صارت حالة نفسية يعيشها الإنسان بين الزحام، وسط “الأصدقاء الرقميين”، و”العائلة المتصلة دائماً”. نتشارك الصور والقصص، لكننا لا نتقاسم الألم. نضحك مع الآخرين على الشاشات، ونبكي وحدنا في صمت مطبق.

 

الأدهى أن التكنولوجيا خدعتنا، فبقدر ما قرّبت المسافات، زادت من المسافات القلبية. صرنا نتحدث كثيراً، لكن لا نتواصل حقاً. نُخبر الناس بما نريدهم أن يعرفوه، لا بما نشعر به فعلاً. نرتدي أقنعة رقمية، نُخفي بها هشاشتنا واحتياجنا لمن يُنصت، لا لمن يُعلّق.

 

جيل بأكمله ينشأ على العزلة المختبئة خلف الشاشات، يفتقد لمهارات التواصل الحيّ، لا يعرف كيف يُصغي، أو يفتح قلبه. جيل لا يُجيد الاعتذار وجهاً لوجه، ولا يعرف كيف يُمسك بيد حزين، أو يواسي أمًّا متعبة، أو يستمع لصديق ينهار.

 

لقد آن الأوان أن نعيد النظر في علاقتنا بهذه التكنولوجيا التي أصبحت تلتهم أرواحنا ببطء. لا عيب في استخدامها، لكن العيب أن نستبدل بها الإنسان. أن نُرضيها على حساب أحاسيسنا، ونُغذّي بها وهم القرب بينما أرواحنا تتباعد.

 

لنعُد إلى أبسط الأشياء: جلسة صادقة، مكالمة طويلة بصوت دافئ، نظرة محبة لا تُترجمها شاشة. لنعُد إلى إنسانيتنا، قبل أن نصبح آلات نتحرك بتقنيات فائقة… لكن بقلوب فارغة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

حين يتنفس اللون … بريشة الروح 

ياسين الشرقاوي …. حين يتنفس اللون … بريشة الروح

 

✍️ هند بومديان

 

في حضن بيت تنبعث منه نغمة العود ورائحة الفحم الممزوج بالجرافيت، وُلدت ملامح الفنان ياسين الشرقاوي السلامي. لم يكن الفن بالنسبة له اختيارًا بقدر ما كان ميراثًا روحيًا، انساب إليه كما تنساب الدماء في الوريد، ليصير اليوم أحد الأسماء التي تكتب حضورها بحبر الصدق والالتزام.

 

نشأ ياسين في بيئة تشكّلت فيها الموهبة كعنصر يومي من تفاصيل الحياة، فكان الوالد رسامًا وموسيقيًا، وكانت الجدران بمثابة الصفحات الأولى التي تسكنها المحاولات الأولى. منذ تلك اللحظة، التحم الطفل باللون، وشرع في بناء علاقة سرمدية مع القماش والفرشاة، علاقة لم تكن يومًا هواية، بل بحثًا دائمًا عن المعنى، عن الذات، وعن جوهر الأشياء.

 

رغم أنه لم يتتلمذ أكاديميًا داخل معاهد الفن الرسمية، إلا أن تكوينه تشكّل من القراءة المتواصلة، والتأمل، والتجريب، واحتضان الفشل كجزء من العملية الإبداعية. تأثر بالمدرسة الواقعية لكنه لم يتوقف عندها، بل جعل منها أرضية أولى نحو هوية فنية أكثر حرية وعمقًا، حيث تتقاطع التجارب الشخصية مع الروح الكونية.

 

في أعماله، لا تجد مجرد أشكال أو ألوان، بل تجد حياة أخرى تنبض تحت الطبقات، تحكي عن الحب، عن الوحدة، عن الغموض، وعن صراع الإنسان مع أسئلته الوجودية. هو فنان لا يرسم العالم كما هو، بل كما يشعر به؛ يخلق من الأشياء العادية لغة غير عادية، ويجعل من اللوحة امتدادًا لصوته الداخلي.

 

إلى جانب كونه فنانًا تشكيليًا، يعمل أستاذًا للفنون، وهو ما يعمّق رسالته التربوية ويجعل من الفن مشروع حياة لا مجرد ممارسة. يرى في كل طفل بذرة فنان، وفي كل لحظة درسًا، وفي كل لوحة فرصة للتحرر.

 

شارك في معارض وطنية ودولية، وراكم تجربة تنبني على التواضع والإيمان بأن الفن ليس غاية بل مسار مستمر. لم يكن حلمه يومًا الشهرة، بل البصمة. أن يُترك أثر، أن تتحول لوحاته إلى ذاكرة جمعية، وأن يشهد يومًا افتتاح متحف يحتضن رحلته، وهو على قيد الحياة.

 

ياسين الشرقاوي السلامي، ليس مجرد اسم فني، بل هو صرخة داخلية، تمرد نبيل، وحكاية روح تسير بثبات نحو الضوء، رغم كل عتمة.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة مجتمع

تكوين خاص بمؤطري جمعيات المجتمع المدني في مجال محاربة الأمية ب تاونات 

مع الحدث محي الدين تاونات

في إطار الجهود المبذولة لتحسين جودة عمل جمعيات المجتمع المدني في مجال محاربة الأمية، سيتم تنظيم تكوين خاص بمؤطري الجمعيات، حيث يهدف إلى تعزيز القدرات والكفاءات في مجال متابعة وتوجيه مكوني الكبار. التكوين سيستفيد منه مشرفان تابعان لجمعيتين شريكتين من إقليم تاونات، اللتان تعملان في محاربة الأمية وتعليم الكبار.

هذا التكوين الذي سيستمر لمدة 6 أيام، سيجمع بين التعليم الحضوري وعن بعد، وذلك في الفترة الممتدة من يوم الثلاثاء 13 مايو 2025 إلى يوم الأحد 18 مايو 2025. وستنظم فعاليات التكوين في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بمدينة فاس، وهو مركز متميز في تقديم التكوينات المتخصصة في مجال التربية والتعليم.

سيكون هذا التكوين فرصة هامة لتبادل الخبرات والتعلم من أفضل الممارسات في مجال محاربة الأمية، بالإضافة إلى تقوية مهارات المشرفين على البرامج التعليمية الخاصة بالكبار. كما سيتيح لهم التفاعل مع خبراء في هذا المجال، مما سيسهم في تعزيز فعالية البرامج المحلية لمكافحة الأمية في إقليم تاونات.

يُعد هذا التكوين خطوة مهمة نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الرابع الذي يتناول التعليم الجيد والشامل وتعزيز فرص التعلم للجميع. ومن خلال دعم الجمعيات المحلية، يمكن تحقيق تقدم ملموس في تحسين فرص التعليم للكبار في المناطق النائية.

وفي هذا السياق، تُعتبر هذه المبادرة جزءاً من سلسلة من التكوينات التي تهدف إلى تطوير عمل جمعيات المجتمع المدني وتحسين خدماتها للمواطنين، ما يساهم في الرفع من جودة الحياة في مختلف أنحاء المغرب.

Categories
أخبار 24 ساعة مجتمع

مدرسة الأبرار الابتدائية بالمكانسة الجنوبية في إقليم النواصر محاصرة بالمياه العادمة

مع الحدث فيصل باغا 

تعيش مدرسة الأبرار الابتدائية بالمكانسة الجنوبية، التابعة لجماعة بوسكورة في إقليم النواصر، حالة من الإهمال الشديد والتهميش، حيث تعاني من مشكلة خطيرة تتمثل في محاصرتها بالمياه العادمة التي تغمر محيطها. وتقع المدرسة بالقرب من شارع محمد الساد طريق مديونة، مما يجعل وضعها أكثر تعقيدًا وتهديدًا لصحة وسلامة التلاميذ.

وقد أضحت هذه المياه العادمة مصدر خطر مستمر على التلاميذ، حيث باتوا يواجهون مخاطر صحية بيئية جسيمة بسبب تراكمها بالقرب من الأسوار والمرافق التعليمية. ورغم مرور سنوات طويلة على هذه الأزمة، إلا أن المعنيين بالأمر لم يتحركوا لحل هذه المشكلة التي تؤثر سلبًا على جودة التعليم وسلامة الأطفال.

وتكشف هذه الوضعية عن غياب المسؤولية من قبل الجهات المعنية، حيث يتملص المسؤولون من تحمل مسؤولياتهم تجاه هذا الوضع الكارثي. ورغم أن العديد من الشكايات والمناشدات قد تم تقديمها من قبل أولياء الأمور والهيئة التعليمية، إلا أن هذه النداءات لم تجد آذانًا صاغية من قبل الجهات المعنية.

وفي ظل هذا الواقع المؤلم، يطالب العديد من الغيورين على مصلحة الوطن والإنسانية بالتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، من خلال معالجة هذه المشكلة التي تهدد سلامة التلاميذ وتعوق سير العملية التعليمية في المنطقة. فالوقت قد حان للجهات المختصة أن تتحمل مسؤولياتها وتتخذ الإجراءات اللازمة لإيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة التي طال أمدها.

إن ما يحدث في مدرسة الأبرار الابتدائية هو نداء استغاثة يجب أن يلقى الاهتمام والتفاعل السريع من طرف المسؤولين على مختلف الأصعدة، قبل أن تتحول هذه الأزمة إلى كارثة أكبر لا قدر الله.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

أن ترسم لتعيش… حكاية د.هند حارتي بين الألوان و الحياة

أن ترسم لتعيش… حكاية د.هند حارتي بين الألوان و الحياة

✍️ هند بومديان

من بين أزقة الدار البيضاء، وفي قلب الحياة اليومية الصاخبة، تنبض ريشة هند الحارثي بروح لا تعرف الانطفاء. لم يكن الفن محطة عابرة في حياتها، بل كان الوطن الأول، اللغة التي نطقت بها قبل الكلمات، والمأوى الذي احتمت فيه من تقلبات الزمن. رغم أن دربها الأكاديمي لم يسلك طريق الفنون الجميلة، إلا أن شغفها بالفن التشكيلي كان كالجذر الممتد عميقًا في التربة، ينمو بصمت حتى حين لم يره أحد.

 

في موسكو، حيث درست الصيدلة، لم تكن المعادلات الكيميائية وحدها من أثرت فيها، بل سحر المعمار، صقيع الأرواح، ودفء اللوحات المعروضة في متاحف المدينة. هناك، كانت تنظر إلى الجدران أكثر مما تنظر إلى الكتب، وتقرأ القصص في الوجوه المرسومة أكثر من السطور المطبوعة. فنانة بالفطرة، تلقت تكوينها من الحياة، من الحزن والفرح، من التأمل والانكسار، من لحظات القوة والضعف.

 

أعمالها ليست تقليدية، ولا تخضع لوصفة جاهزة أو مدرسة واحدة، بل هي مزيج من التجريب والبوح العاطفي، حيث الألوان تسيل بحرية، والخامات تتآلف لتنسج رسالة. وجوه النساء، الخطوط الحادة أحيانًا والناعمة أحيانًا أخرى، والأقمشة المعاد تدويرها، كلها ليست مجرد مواد، بل ذرات من روحها المبعثرة على القماش.

 

لا تبحث هند عن الألقاب ولا تلهث خلف التكريمات، فهي تؤمن أن عيون المتلقي حين تدمع أمام لوحة، أو حين يطيل النظر في تفصيلة بسيطة، هو أعظم وسام يمكن أن يعلّق على صدر الفنان. الفن بالنسبة لها ليس ترفًا، بل ضرورة، صرخة من الأعماق أو همسة فيها شفاء. وقد عاشت هذا المعنى وهي ترسم لوحاتها في لحظات شخصية حرجة، فكانت اللوحة حضنًا والفرشاة طوق نجاة.

 

بين العديد من الملتقيات و  المعارض الكبرى والفضاءات البسيطة، حملت هند أعمالها كما يحمل المرء قلبه في كفه: بخوف، بشغف، وبكثير من الأمل. كل معرض كان بوابة جديدة، وكل تفاعل مع جمهور مختلف كان مرآة جديدة لرؤية الذات. المغاربة يتذوقون فنها بعاطفة صادقة، بينما يقرأه الأوروبيون بعين تحليلية، لكن الجميع يشترك في الإحساس بأن وراء هذه اللوحات امرأة تحكي شيئًا أعمق من الصورة.

 

حين تتحدث عن الفن، تتحدث عن مقاومة صامتة. مقاومة الصورة النمطية، مقاومة التهميش، مقاومة النسيان. تراه كأداة تغيير، وسيلة للحوار، بل وشكلًا من أشكال العدالة. ولهذا تحلم أن تعرض أعمالها في فضاءات عالمية، ليس فقط لتنال الاعتراف، بل لتكون جزءًا من تلك المعركة النبيلة التي يخوضها الفن في سبيل الحرية والوعي.

 

ليست د. هند حارتي فنانة تبحث عن الضوء، بل هي الضوء نفسه، يشع من داخلها على القماش، وعلى العالم. في كل ضربة فرشاة، حكاية. في كل لون، نبض. وفي كل معرض، حياةٌ جديدة تولد من رحم الفن.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات متفرقات مجتمع

زيارة مفاجئة للسيد العامل جلال بنحيون تفضح تردي الأوضاع بحي بوليكوما بجماعة بوسكورة

مع الحدث بوسكورة فيصل باغا 

في خطوة جريئة تعكس حسًّا عاليًا بالمسؤولية، قام السيد جلال بنحيون، عامل عمالة إقليم النواصر، صباح اليوم الثلاثاء 13 ماي 2025، بزيارة مفاجئة لحي بوليكوما، أحد الأحياء الاجتماعية بجماعة بوسكورة، حيث وقف شخصيًا على جملة من الاختلالات البنيوية والخدماتية التي تعاني منها الساكنة منذ سنوات طويلة.

وقد كشفت هذه الزيارة عن تقاعس واضح من طرف المجلس الجماعي، وكذا الشركات المفوض لها تدبير قطاعي النظافة والصرف الصحي، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يعيشون وسط بيئة غير سليمة، تحاصرهم فيها مستنقعات المياه العادمة، والروائح الكريهة، وتراكم النفايات.

وأكدت فعاليات جمعوية من عين المكان أن هذه المعاناة مستمرة منذ أزيد من عقد من الزمن، في ظل غياب أي تدخل جاد لتحسين الوضع، رغم أن حي بوليكوما يُعد أول حي اجتماعي أُقيم بجماعة بوسكورة.

ولم تتوقف مظاهر التهميش عند هذا الحد، بل تشمل أيضًا غياب البنيات التحتية الأساسية، من مساجد وإعداديات، إلى جانب اكتظاظ كبير في الأقسام الدراسية، وندرة وسائل النقل الحضري، وغياب تام للمساحات الخضراء، ودور الشباب، والملاعب الرياضية. كما أن الحي يعاني من غياب الطرق المعبدة، وانعدام الإنارة العمومية، مما يكرس واقع التهميش والإقصاء.

وقد عبرت ساكنة حي بوليكوما عن امتنانها العميق للسيد العامل جلال بنحيون، نظير تفقده الميداني للوضع، وتدخله دون محاباة أو زبونية، ساعيًا إلى تفعيل القانون وإنصاف المواطنين على قدم المساواة.

وتأمل الساكنة، في ظل هذه الالتفاتة، أن يتم التسريع بربط حي الأندلس بحي بوليكوما مرورًا بمنطقة سيدي معروف، قصد تخفيف الضغط على محور طريق سيدي مسعود، وفك العزلة عن المنطقة، بما يحقق العدالة المجالية والتنمية المنشودة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي ثقافة و أراء مجتمع

حين تنبض الألوان بروح الزمن و الحنين


أمينة الشناني…. حين تنبض الألوان بروح الزمن و الحنين

✍️هند بومديان

أمينة الشناني، فنانة تشكيلية عصامية من مدينة الدار البيضاء، اتخذت من الألوان ملاذًا ومن الفن حياة ثانية. عشقها الأول للون ولد في الأزقة العتيقة لحي الأحباس، حيث كانت تمرّ بين محلات الزرابي المزركشة ونساء الحي المنهمكات في صباغة خيوط الصوف. هنالك، تسرّبت البهجة البصرية إلى أعماقها، وراحت تبني علاقة وجدانية مع الفن قبل أن تدرك أنها ستنتمي لهذا العالم يومًا ما.

 

بعد خمسة وثلاثين سنة من العمل في الإدارة المغربية، اتخذت أمينة قرارًا شجاعًا بطلب التقاعد النسبي لتمنح الحلم مساحة للولادة، وتُعانق شغفًا ظلت تحمله بصمتٍ طيلة سنوات. أولى محاولاتها التشكيلية كانت في سن الرابعة عشرة، حين رسمت طفلًا يعزف، ثم لوحة لسوق مغربي أهدتها لمعلمتها في اللغة الفرنسية، وكانت تلك البذور الأولى لمسارٍ تشكيلي تغذى بالحب والتجريب والمثابرة.

 

لم تتلق أمينة تكوينًا أكاديميًا، بل ارتوت من حسها الفطري، ومن رغبة عميقة في التعبير. كانت تتأمل أعمال فاطمة كبوري وتتبع خطوات أحمد الشرقاوي بشغف، واستطاعت أن تنحت لنفسها أسلوبًا خاصًا يميل إلى الواقعية، تجسّد من خلاله المعالم المغربية كمسجد الحسن الثاني، والنساء المغربيات عبر العصور. لوحاتها مرآة لواقع مغربي تنقله بعينٍ عاشقة وذاكرة مشبعة بالتفاصيل.

 

ما يميز أعمالها ليس فقط الشكل بل العمق، فهي ترى في الفن أداة للترجمة الوجدانية والتوعية الاجتماعية. لحظة الإبداع عندها لا تنفصل عن سماع الموسيقى، وكأن الريشة ترقص على نغم الروح. ترسم لتفرغ أحاسيسها، ولتوقظ في المتلقي مشاعر دفينة، وتقول ما لا يُقال بالكلمات.

 

رغم أنها لم تحظَ بدعم مؤسساتي، إلا أن رحلتها كانت غنية بالمشاركات، من داخل المغرب إلى خارجه. شاركت في عشرة معارض دولية، حيث وجدت في الجمهور الأجنبي تقديرًا كبيرًا، وكانت محطة تركيا من أبرز محطاتها، إذ أثرت في رؤيتها الفنية وفتحت أمامها آفاقًا جديدة. أكثر ما بقي محفورًا في ذاكرتها الفنية هو لوحة لمعلم تاريخي أهْدتها لأخيها قبل شهر من وفاته، فغدت تلك اللوحة شهادة حب ووداع في آنٍ واحد.

 

التكريمات التي حصلت عليها، من مراكش وأبي الجعد، كانت بمثابة اعتراف صادق من فنانين مغاربة، لكنها تؤمن أن التقدير الحقيقي هو حين يُفهم العمل ويُحس به. لا تزال تحتفظ بمعظم لوحاتها، إذ ترى فيها جزءًا من روحها، لم تهدِ سوى لوحتين، وباعت واحدة فقط. فهي تعتبر الفن رسالة لا سلعة.

 

تؤمن أمينة بأن الفن التشكيلي قادر على إحداث تغيير داخل المجتمع، فهو يفتح بابًا للتأمل والتفاعل، ويمنح الإنسان وسيلة للتعبير الراقي. تحلم بإنشاء مدرسة مجانية للفن التشكيلي موجهة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، حلم يحمل أبعادًا إنسانية وتربوية، تتجاوز الريشة واللوحة إلى القيم.

 

ترى أن التكنولوجيا يمكن أن تساهم في تطوير الفن التشكيلي، شرط أن تُوظف بوعي، وقد استفادت من التصوير الفوتوغرافي في خلق لوحات واقعية عالية الجودة من حيث التكوين والمنظور. تجربتها مع إنجاز الأعمال بطلب خاص كانت مؤثرة، خاصة لوحتها عن اليتيم الذي يرى أمه ترحل، والتي تركت أثرًا وجدانيًا عميقًا.

 

تحلم يومًا أن تعرض أعمالها في متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر، وتطمح أن تُخصص قاعات عرض بأثمنة مناسبة للفنانين المستقلين، مع تنظيم معارض موازية خلال المهرجانات الفنية. رسالتها الأخيرة للفنانين الناشئين هي التشبث بالركائز الفنية وعدم اللهث خلف الشهرة على حساب الجوهر.

 

أمينة الشناني ليست فقط فنانة، بل امرأة اختارت أن تولد من جديد عبر الريشة، أن تُقاوم النمط وتُجدد ذاتها عبر اللوحة، فصارت فنًّا يمشي على الأرض، يحمل الوطن في تفاصيله، ويترجم الحياة بكل ما فيها من حنين، وجمال، وألم.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

ماريا رشيد…بين العفوية و التأمل ..حكاية لون ينبض من الداخل

بين العفوية و التأمل حكاية لون ينبض من الداخل

✍️ هند بومديان

ماريا رشيد ، فنانة تشكيلية عصامية تقيم بدار بوعزة، اختارت أن تخوض غمار الفن دون بوابة المؤسسات الأكاديمية، بل جعلت من مزاجها النفسي وبصيرتها الفنية بوصلتها الوحيدة. انطلقت رحلتها مع الفن من أعماق ذاتها، بدافع داخلي عميق لا يعرف التخطيط ولا القوالب الجاهزة، بل ينبض بحرية التعبير وصدق الإحساس. لم تكن اللحظة الأولى التي حملت فيها الريشة عادية، بل كانت إعلان انتماء لعالم بات منذ ذلك الحين مرآة لروحها، وملاذًا تهرب إليه من صخب الواقع.

تجربتها نمت من الموهبة والتعلم الذاتي، وساعد في صقل بداياتها الفنان التشكيلي السيد هواري أحمد، الذي لم يكن فقط صديقًا بل مصدر إلهام ومعرفة. رغم ذلك، حافظت على أسلوبها العفوي وابتعدت عن التقييد بأي منهج أكاديمي صارم. انجذبت إلى الأسلوب “النايف”، الذي يترك مساحة واسعة للتعبير الصادق ويمنح الفنان حرية التجريب والانفلات من قيود التقنية.

لا تزال تتذكر أول عمل فني أنجزته، وقد كان بتشجيع من صديقاتها المقربات. لاقى هذا العمل استحسانًا كبيرًا من فنانين وجمهور، ما شكل دفعة قوية لها للاستمرار. مع مرور الوقت، تطور أسلوبها الفني تدريجيًا، بدأ بالألوان الزيتية ثم استقر على الأكريليك، لما توفره من مرونة وسهولة في التحكم، دون أن يفقد العمل عفويته. أعمالها اليوم تحمل بصمات مراحل متعددة، لكنها تظل دومًا وفية لمزاجها الشخصي كعنصر ثابت.

تميز أعمال رشيد ماريا بصدقها وعفويتها. هي لا ترسم بمنهج تقني محدد، بل تفتح المجال للإحساس أن يقود، وللتقنية أن تتشكل كأداة تخدم التعبير. الأكريليك يبقى خيارها المفضل لأنه يمنحها حرية تشكيل الطبقات والتلاعب بالألوان دون عناء. لوحاتها ليست فقط تشكيلًا بصريًا، بل رسائل صامتة تنبض بمشاعرها وتجاربها، فهي تعبير عن حالات نفسية لا تُقال بالكلمات، بل تُحس وتُرى. لحظة الإبداع بالنسبة لها لحظة انعتاق وصفاء داخلي، قد تُرافقها موسيقى هادئة أو صمت مطلق، لكنها دومًا لحظة تصالح مع الذات.

رغم أن مشاركتها في المعارض ظلت محدودة ولم تتاح لها فرص العرض في تظاهرات وطنية كبرى، إلا أن دعم صديقاتها والجمهور المحيط بها كان كافيًا ليمنحها الثقة في قدرتها على المضي قدمًا. لم تتلق دعمًا من أية مؤسسة، لكنها اعتمدت على إصرارها وحبها للفن، ما جعل تجربتها أكثر صدقًا. الطبيعة في تايلاند، وحديقة “Garden” في دبي، كانتا مصدرَي إلهام عميق لها، أثرتا في اختياراتها الجمالية وسكنت ألوانها ومضامينها.

تحلم الفنانة بأن تجد أعمالها يومًا ما مكانًا لها خارج حدود المغرب، وأن تلتقي بفنانين من ثقافات مختلفة، ليكون تبادل الرؤى والإلهام بوابة جديدة نحو التجدد. ترى أن المشهد التشكيلي في المغرب غني ومتنوع، لكن ينقصه الاعتراف والدعم المؤسسي للفنانين، كالحصول على بطاقة الفنان التي تسهل المشاركة في الفعاليات والتواصل مع العالم.

بالرغم من أنها لم تشارك بعد في معارض دولية، فإنها تقرأ باهتمام ردود الفعل وتدرك أن الجمهور الدولي قد يكون أكثر انفتاحًا على أسلوبها العفوي والنايف. تايلاند، بطبيعتها الخلابة، تركت أثرًا وجدانيًا عميقًا على رؤيتها الفنية، كما أن لوحاتها لم تنل جوائز رسمية بعد، لكنها ترى في كل عمل يُنجز من أعماقها تكريمًا حقيقيًا لرحلتها الذاتية.

ماريا واعية بتحديات المرحلة، وترى أن التكنولوجيا والفن الرقمي هما آفاق جديدة تفكر في خوضها لاحقًا. لا تخشى النقد، بل تستقبله كفرصة لفهم رؤى الآخرين. أنجزت العديد من الأعمال بطلب من أشخاص تعرفوا عليها من خلال منصات التواصل الاجتماعي، خصوصًا فيسبوك، وكان تفاعل الناس مع أعمالها دافعًا قويًا لمواصلة الرسم.

أقرب الأعمال إلى قلبها هي تلك التي وُلدت من لحظات عاطفية عميقة، لأنها تجسد أصدق مشاعرها. ورغم أنها أحيانًا تفضل إهداء لوحاتها، خاصة للأطفال والمرضى والمحتاجين، إلا أن بيع الأعمال يبقى ضرورة للاستمرار. تحلم بأن تعرض أعمالها يومًا ما في معارض عالمية كبرى، حيث يمكن لألوانها أن تحكي قصصها أمام جمهور متنوع.

في نهاية هذا الحوار، تعبر رشيد ماريا عن رغبة لطالما راودتها: أن تُمنح الفرصة لعرض أعمالها أمام جمهور مباشر، دون حواجز، بشغف ومحبة، لتروي ألوانها ما تعجز الكلمات عن قوله.


 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة سياسة مجتمع

الملك محمد السادس يتفقد الوضع المائي الوطني ويستعرض إجراءات تعبئة الموارد المائية

مع الحدث

المتابعة ✍️: ذ لحبيب مسكر

 

في إطار المتابعة الشخصية التي يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، لشؤون الوطن والمواطنين، استفسر جلالته خلال المجلس الوزاري الذي ترأسه يومه الاثنين 12 ماي 2025 بالقصر الملكي بالرباط عن الوضعية المائية الحالية بالمملكة، حيث طلب تقريراً مفصلاً من السيد وزير التجهيز والماء حول نسبة ملء السدود.

 

وبحسب المعطيات التي قدمها السيد الوزير، فإن معدل ملء السدود بلغ حالياً 40.3%، مما مكن من تعبئة ستة ملايير وسبعمائة مليون متر مكعب من المياه. وأوضح المسؤول الحكومي أن هذه الكمية تكفي لتغطية استهلاك سنة ونصف من الماء الصالح للشرب على المستوى الوطني.

 

تدابير ملكية لضمان الأمن المائي

في هذا الصدد، أكد جلالة الملك على ضرورة:

– تعزيز سياسة بناء السدود لزيادة القدرة التخزينية

– ترشيد استهلاك المياه في جميع القطاعات

– تسريع وتيرة إنجاز المشاريع المائية الكبرى

– تعميم تقنيات الري الحديث في المجال الفلاحي

 

تحسن ملموس رغم التحديات

رغم الظروف المناخية الصعبة، فإن المؤشرات المائية الحالية تعكس:

– تحسناً ملحوظاً في مخزون المياه مقارنة مع السنوات الماضية

– نجاعة السياسة المائية التي انتهجها المغرب تحت القيادة الملكية

– فعالية التدبير المندمج للموارد المائية

 

رؤية استباقية لمستقبل مائي آمن

هذا اللقاء يؤكد الاهتمام الملكي الدائم بقضايا الماء التي تشكل أولوية وطنية، حيث حرص جلالته على متابعة تفاصيل هذا الملف الحيوي الذي يمس حياة المواطنين واستقرار القطاعات الإنتاجية.

 

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب، تحت التوجيهات الملكية السامية، يواصل تعزيز بنيته التحتية المائية، في إطار الرؤية الاستراتيجية التي تهدف إلى ضمان الأمن المائي للأجيال القادمة، وذلك عبر برامج طموحة تشمل بناء السدود وتحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة.

 

بهذه الرؤية الحكيمة والتدبير المسؤول، يظل المغرب بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أيده الله، نموذجاً في التدبير المستدام للموارد المائية، رغم التحديات المناخية المتزايدة.

Categories
أخبار 24 ساعة الصحة مجتمع نازل

وفاة مسنّ بحي بوليكوما تكشف غياب الطبيب المكلف بالمعاينة واحتقان وسط الساكنة

مع الحدث بوسكورة فيصل باغا

شهد حي بوليكوما الرميلية بجماعة بوسكورة مساء اليوم، حالة وفاة طبيعية لرجل مسن داخل منزله على الساعة الرابعة زوالا ، ما خلّف حالة من الحزن في صفوف أسرته وسكان الحي. وكما جرت العادة في مثل هذه الحالات، سارع الجيران إلى إشعار المصالح المختصة من أجل مباشرة الإجراءات القانونية اللازمة لدفن الجثمان وفق ما تنص عليه القوانين المعمول بها.

غير أن الحادثة سرعان ما تحولت إلى مصدر استياء واسع، بعدما فوجئ ذوو المتوفى ومعهم عدد من ساكنة الحي، بغياب الطبيب المكلف بمعاينة الجثة، وهي الخطوة الإدارية الأساسية التي لا يمكن بدونها استصدار شهادة الوفاة، وبالتالي مباشرة إجراءات الدفن.

وحسب شهادات متطابقة استقتها الجريدة من عين المكان، فقد اضطر أفراد الأسرة إلى الانتظار لساعات طويلة وسط حالة من الحزن والذهول، دون أي تواصل واضح من الجهات المعنية لتفسير سبب الغياب أو تحديد وقت قدوم الطبيب، وقال أحد الجيران: “ما حدث اليوم أمر غير مقبول. انتظار طويل لحضور الطبيب لليوم الموالي في ظروف إنسانية صعبة، وكل ذلك بسبب غياب طبيب يُفترض أن يكون متاحاً على مدار الساعة في مثل هذه الحالات.” انطلاقا من مبدإ إكرام الميت دفنه.

وقد أعاد هذا الحادث تسليط الضوء على إشكالية تأخر أو غياب الأطر الطبية في حالات الوفيات المنزلية، خاصة في الأحياء الشعبية التي تفتقر أحياناً إلى حضور دائم للمصالح الصحية أو قنوات تواصل فعالة مع السكان.

وطالب عدد من سكان الحي السلطات المحلية والصحية بضرورة إعادة النظر في آليات التدخل، من خلال توفير تغطية طبية استعجالية لمثل هذه الحالات، وتخصيص أرقام طوارئ فعالة لضمان التكفل السريع بالجوانب القانونية والإدارية المرتبطة بالوفاة، وذلك صوناً لكرامة المتوفين وتيسيراً على أسرهم.

يُذكر أن شهادة المعاينة الطبية للوفاة تُعد وثيقة أساسية قانونياً، ولا يمكن دفن أي جثمان من دونها، وهو ما يجعل توفر الطبيب المكلف أمراً حيوياً في مثل هذه الحالات.