Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات سياسة

استقالة ستة أعضاء من المجلس الجماعي لمدينة صفرو

متابعة:مع الحدث

شهد المجلس الجماعي لمدينة صفرو اليوم تقديم استقالة جماعية لستة من أعضائه، في خطوة فسّرها أصحابها بأنها نتيجة لما وصفوه بـ”البلوكاج” الذي يعرقل تنفيذ مشاريع المدينة. غير أن معطيات ميدانية وتصريحات رسمية قدّمت رواية مغايرة لما يجري.

ففي تصريح خاص، أكد رئيس جماعة صفرو أن المدينة تعيش “ثورة تنموية غير مسبوقة” تشمل التأهيل الحضري وبناء المرافق العمومية، مشيرًا إلى أن مشاريع كبرى ظلت متوقفة لأزيد من 25 سنة ستنطلق خلال الأسابيع المقبلة.

ومن بين هذه المشاريع المطرح العمومي الجديد الذي سيتم نقله إلى خارج المدينة وفق معايير بيئية حديثة، والمنطقة الصناعية المخصصة للحرفيين التي بدأت أشغالها فعليًا، إلى جانب المركب الثقافي الذي وصل إلى مراحله الأخيرة، ومجمع الصناعة التقليدية، والمجزرة الإقليمية العصرية، فضلًا عن تهيئة عشرات الكيلومترات من الطرق داخل المدينة وإطلاق أشغال تهيئة الساحات العمومية قبل نهاية السنة الجارية.

كما أوضح رئيس الجماعة أن سنة 2026 ستشهد انطلاق مشروع تأهيل شلال واد أكاي وساحة باب المقام الكبرى، إلى جانب استمرار تعبيد الطرق والأزقة في مختلف الأحياء والتجزئات السكنية، بما في ذلك طريق سيدي علي بوسرغين.

أما بخصوص خلفيات الاستقالة، فقد كشف مصدر من داخل المجلس أن الخطوة تأتي في سياق خاص، إذ تمت إدانة خمسة أعضاء من المعارضة بالسجن في قضايا مرتبطة بالفساد الانتخابي، وهو ما كان سيؤدي إلى عزلهم قانونيًا ومنعهم من الترشح مستقبلًا، مما جعل الاستقالة تبدو محاولة للهروب إلى الأمام وتسويق خطاب سياسي للرأي العام المحلي.

وأضاف المصدر ذاته أن هذه الخطوة قد تكون أيضًا وسيلة للضغط الإعلامي على السلطات وجهات أخرى بهدف خلق نوع من التعاطف أو التأثير في بعض القرارات ذات الصلة بالشأن المحلي والسياسي بمدينة صفرو.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء طلقها تسرح

القطارات: الثورة العلمية التي غيرت وجه العالم

إعداد ـ عبدالهادي سيكي 

توضيب ـ إسماعيل سيكي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحلقة الأولى

عصر القطارات: من أول صفير بخاري إلى رحلات القطارات المغناطيسية

المقدمة:

يمثل القطار أحد أعظم الاختراعات التي غيرت وجه البشرية، فهو ليس مجرد وسيلة نقل،بل كان محركًا رئيسيًا للثورة الصناعية وعاملًا حاسمًا في تشكيل العالم الحديث،لقد اختصر المسافات،ووحد الشعوب، وأعاد رسم الخرائط الاقتصادية والاجتماعية للقارات،يسرد هذا البحث الرحلة المذهلة لتطور القطار من مفهوم بدائي إلى تقنيات المستقبل.

الجزء الأول: البدايات والأصول (ما قبل المحرك البخاري)

قبل اختراع المحرك البخاري،كانت فكرة “النقل على قضبان”موجودة:

القرن السادس عشر: في مناجم أوروبا، في ألمانيا وبريطانيا، كان العمال يستخدمون عربات بدائية تدفع باليد أو تجرها الخيول، وتتحرك على مسارات خشبية ثم حديدية، لتسهيل نقل الفحم والخامات داخل الأنفاق وعلى أسطح المناجم. كانت هذه هي النواة الأولى لفكرة “السكك الحديدية”.

ممرات الترام: في أوائل القرن التاسع عشر، انتشرت “الترامواي” التي تجرها الخيول في بعض المدن، كنظام للنقل العام داخل المناطق الحضرية.

الجزء الثاني: ثورة المحرك البخاري (القرن التاسع عشر)

هذه هي الحقبة التأسيسية الحقيقية للقطار كما نعرفه.

ريتشارد تريفيثيك (1804): يُعتبر المهندس البريطاني أول من بنى قاطرة بخارية ناجحة. قامت قاطرته، التي أطلق عليها اسم “Pen-y-Darren”، بسحب أول قطار بخاري في العالم في ويلز، حاملة 10 أطنان من الحديد و70 رجلًا لمسافة 9 أميال. لكن القاطرة كانت ثقيلة جدًا وتكسرت القضبان الحديدية الهشة في ذلك الوقت.

جورج ستيفنسون: أبو السكك الحديدية: كان جورج ستيفنسون هو من أتقن الفكرة وجعلها مشروعًا تجاريًا وعمليًا.

قاطرة “بلوتشر” (1814): صمم ستيفنسون قاطرته الأولى لسحب عربات الفحم)

خط ستوكتون ودارلينجتون (1825: أول خط سكك حديدية عام في العالم يستخدم قاطرات بخارية لنقل الركاب والبضائع. استخدمت القاطرة “لوكوموشن No.1” التي بناها ستيفنسون.

خط ليفربول ومانشستر (1830) وقاطرة “الصاروخ”: في هذا الخط المهم، أقامت إدارة الخط مسابقة لاختيار أفضل قاطرة. فازت قاطرة ستيفنسون “The Rocket” (الصاروخ) بسهولة، حيث كانت تحقق سرعة مذهلة آنذاك تصل إلى 48 كم/ساعة، ووضعت التصميم الأساسي للقاطرات البخارية لسنوات قادمة (مثل غلاية الأنابيب النارية).

آثار الثورة البخارية:

توحيد المقاييس: أدى نجاح ستيفنسون إلى اعتماد “عرض السكك” الذي استخدمه (1435 ملم) كمعيار عالمي في معظم أنحاء العالم، يُعرف باسم “عرض ستيفنسون”.

التوسع العالمي: انتشرت السكك الحديدية بسرعة في أوروبا (بريطانيا، بلجيكا، فرنسا، ألمانيا) وأمريكا الشمالية.

القطار العابر للقارات1869 في الولايات المتحدة، تم ربط الساحل الشرقي بالغربي بشبكة سكك حديدية واحدة بعد إنجاز خط “القطار العابر للقارات”، مما غير تاريخ الهجرة والاقتصاد الأمريكي إلى الأبد.

الجزء الثالث: عصر الكهرباء والديزل (نهاية القرن التاسع عشر – منتصف القرن العشرين)

مع تقدم التكنولوجيا، بدأت عيوب القاطرات البخارية (انخفاض الكفاءة، التلوث، الحاجة المستمرة للماء والوقود) تظهر، مما فتح الباب لثورتين جديدتين.

القطارات الكهربائية:

نهاية القرن التاسع عشر: شهدت أولى التجارب الناجحة للقطارات التي تعمل بالكهرباء، خاصة في ألمانيا وبريطانيا.

مزاياها: كانت أكثر كفاءة، وأقوى، وأقل ضجيجًا وتلوثًا، وأفضل للتشغيل داخل الأنفاق والمناطق الحضرية.

التطبيقات: أدى ذلك إلى انتشار قطارات الأنفاق (المترو) والترام الكهربائي في المدن الكبرى حول العالم.

قطارات الديزل:

بدايات القرن العشرين: تم تطوير قاطرات تعمل بمحركات الديزل، والتي كانت أكثر كفاءة من المحركات البخارية.

الانتشار الواسع (منتصف القرن العشرين): بعد الحرب العالمية الثانية، حلت قاطرات الديزل بشكل سريع وشامل محل القاطرات البخارية في معظم أنحاء العالم، خاصة في خطوط الشحن والركاب الطويلة حيث كانت تكلفة كهربة الخطوط باهظة.

الجزء الرابع: العصر الحديث: القطارات فائقة السرعة (القرن العشرين والحادي والعشرون)

بدأت الحاجة إلى وسائل نقل برية تنافس الطائرة في المسافات المتوسطة، فكانت ولادة القطارات فائقة السرعة.

اليابان الرائدة: شينكانسن (1964): مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو،أطلقت اليابان أول خط للقطارات فائقة السرعة في العالم،”شينكانسن”(القطار الرصاصة)،كان يحقق سرعات تصل إلى 210 كم/ساعة،وأصبح رمزًا للتقنية اليابانية والكفاءة،اليوم،تصل سرعاته إلى 320 كم/ساعة.

فرنسا: TGV (1981): دخلت فرنسا المنافسة بقوة بقطارها فائق السرعة TGV، وحطم الأرقام القياسية العالمية للسرعة على القضبان (وصل لاحقًا إلى over 574 كم/ساعة في الاختبارات، ربط TGV المدن الفرنسية ببعضها البعض وبجيرانها في أوروبا،مما قلل وقت السفر بشكل جذري.

منافسون آخرون: انتشرت التكنولوجيا إلى دول مثل ألماني (ICE)،وإسبانيا (AVE)،وإيطاليا (Frecciarossa)،والصين،التي تمتلك الآن أكبر شبكة للقطارات فائقة السرعة في العالم.

الجزء الخامس: مستقبل السكك الحديدية: القطارات المغناطيسية المعلقة (ماجليف)

تمثل تقنية “ماجليف” (الرفع المغناطيسي) القفزة التكنولوجية الأكثر ثورية في عالم النقل على القضبان.

مبدأ العمل: تعمل هذه القطارات على تقنية “الرفع المغناطيسي”، حيث تستخدم مغناطيسات قوية لرفع العربة عن القضيب، مما يلغي الاحتكاك تمامًا. ثم تستخدم مغناطيسات أخرى لدفع القطار للأمام.

المزايا:

سرعات فائقة: بسبب انعدام الاحتكاك، يمكنها تحقيق سرعات أعلى من القطارات التقليدية.

هدوء وصديقة للبيئة.

راحة أكثر بسبب انعدام الاهتزازات.

أبرز التطبيقات:

اليابان (Maglev): طورت اليابان نظامها الخاص، وحطم قطارها المغناطيسي الرقم القياسي العالمي للسرعة بوصوله إلى 603 كم/ساعة في عام 2015. تخطط لربط طوكيو بأوساكا بهذه التقنية.

الصين (شانغهاي Transrapid): تمتلك الصين أول خط تجاري للقطار المغناطيسي في العالم، يربط بين مطار شانغهاي بودونغ ووسط المدينة، وتصل سرعته إلى 430 كم/ساعة.

ألمانيا: طورت تقنية “Transrapid” لكنها لم تنفذها تجاريًا على نطاق واسع داخل ألمانيا.

الخاتمة:

من عربات الفحم التي تجرها الخيول على قضبان خشبية إلى القطارات المغناطيسية التي تحلق بسرعات تزيد على 600 كم/ساعة، تمثل رحلة تطور القطار قصة ملحمية للابتكار البشري. لم يقتصر دور القطار على كونه وسيلة نقل فحسب، بل كان دائمًا محركًا للتقدم الاقتصادي والاجتماعي. اليوم، وفي ظل أزمة تغير المناخ، يعود القطار، خاصة الكهربائي فائق السرعة، ليتربع على عرش وسائل النقل المستدامة، مؤكدًا أن عجلاته،أو بالأحرى مجالاته المغناطيسية، لا تزال تدور نحو مستقبل

أكثر إشراقًا.

يتبع الحلقة الثانية…

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

ركن الأدباء في يوم بارد ممطر

The corner of authors in a cold rainy day

عصفت رياح أواخر فصل الخريف لتعلن عن رحيل فصل شاحب مخيف. تتلاشى أوراق الأشجار الصفراء والبنية وهي تتدحرج أمام عيناي على الرصيف البالي الأملس، وكلما تقدمت خطواتي عبر الأزقة كي أصل إلى الشارع الكبير، كلما ازداد نحيب أصوات التيار الهوائي المخيف وهو يلامس الأسلاك الكهربائية المتدلية، والتي أثقلتها بعض الأحدية الرياضية البالية التي رماها بعض الصبية الأشقياء لتبقى معلقة بتلك الأسلاك إلى أن يشاء ربك. لم أكن أدري بأن كثافة الغمام السوداء الداكنة هذه وفي هذا الفصل بالضبط، ستأدي لا محالة إلى هطول كمية أمطار هائلة غير متوقعة.

 

طرقت باب بيت صديقي المتواجد بنفس الحي، وهو باب خشبي عتيق تآكلت بعض أطرافه بفعل الحارة والأمطار كذلك. كان صديقي ينتظرني في بيته طيلة الصباح كي نذهب مع بعض إلى مقهانا المعهود “مقهى ركن الأدباء”، وكلنا شغف كي نلقى الأحبة والأصدقاء ثانية. واصلنا السير بعد عناق حار. ونحن نمشي بخطى ثقيلة، التفَتُّ يُمنة ويُسرة لعلي أرى أحدا، لكن الزقاق كان خالياً من أنفاس التعساء والمارة، وكان الطريق غي الجهة الأخرى يبدو مخيفا وقد غمره الغبار من الأرض حتى عنان السماء. وفي الحقيقة، فقد كنا لحظتها نجد صعوبة في شق طريقنا نحو ذلك المقهى الشبه مهجور، في زاوية إحدى الأزقة القديمة، نظرا لقوة الرياح المندفعة نحونا بسرعة فائقة، وخاصة من خلال فوهة الزقاق الآخر الضيق والملتوي تارة بعد أخرى والمؤدي إلى تقاطع مع الشارع العام الفسيح الذي يكاد يخلو من السيارات والدراجات ومن البشر والدواب الذين اعتدنا رأيتهم بين الفينة والأخرى طيلة باقي أيام الأسبوع. لاحظت بأن صديقي كان يحاول لحظتها أن يتمسك بكتفي بكلتا يديه وبكل قواه وهو يقاوم تلك الرياح القوية الشرسة، بينما يضع يده اليسرى على وجهه تارة أخرى حتى تكاد تغمض عينيه خشية الغبار والحصى الصغيرة المتطايرة بفعل زمهرير الرياح العاتية. لم يصدق إبراهيم بأننا نقف الآن على عتبة المقهى العتيق الذي فضل صاحبه أن يغلق الباب البني الثقيل المزركش الذي تتخلله صدفات نحاسية قديمة بارزة بأشكال هندسية خماسية وأخرى دائرية. وبما أن المقهى يقع بجوار ثانوية عتيقة أيضا خلف الزقاق الضيق، فإن بعض الفضوليين من الطلاب لم يتوانى عن خدش جمالية الباب والعبث به، وذلك بحفر اسم حبيبته أو كتابة أول حروف اسمه أو اسم فريقه الرياضي المفضل، أو أبيات شعر ترثي حظه وتندب فقره المقذع وتعاسته السرمدية!

دفع إبراهيم الباب بقوة مخافة الرياح والحصى المتناثرة التي أسالت دموعه، لنسمع صوت المزلاج والمفصلات الحديدية التي تمسك الباب بإطاره، وهي تصدر صوتا حادا بفعل احتكاكها مع بعضها البعض: زيييييـــــــــــــــــط ….. ريييييــــــــــــيط، إذ لم يكترث صاحب المطعم أن يصب عليها ملعقة زيت كي يخرس صرير صوتها المزعج. اندفعنا بسرعة وكأننا نلقي بأجسامنا نحو الداخل اتقاء تلك الرياح المخيفة حقا. لم نكد نصدق بأننا الآن في مأمن سالمين وبإمكاننا أن نتجاذب الحديث مرة أخرى براحة تامة، ونحن في منأى عن المارة وعن ضوضاء المدينة وصخبها الذي لا يهدئ إلا عند غروب الشمس وعندما ينتشر الظلام ويرخي الليل سدوله وتعانق الأحلام الوردية مخيلات أصحاب الغرام والمحبين، وحين تداعب أنامل النعاس أجفان الأشقياء والتعساء من سكان القرى والمدن والفيافي، لكي يسلّموا أرواحهم لبارئها وهم يتقلبون في مراقدهم ويلتحفون الأمل في فراشهم تحت أجنحة الظلام الحالك المخيف في جوف الليالي السرمدية الباردة، وتحت زغاريد ربات الجن في زوايا الغرف والبيوت.

سحب كل منا كرسيا خشبيا ثقيلا وجلسنا وكأننا نلقي بثقل أجسامنا إلى الأرض ونحن نتنفس الصعداء مع زفير يكاد يُسمع من بعيد. وضع إبراهيم قبعته على حافة الطاولة كي يترك مكانا شاسعا يكفي للصينية التي سيأتي بها النادل في أقرب وقت لا محالة تحت أصوات الرعد المخيفة وبداية الأمطار الغزيرة التي يمكننا رؤية خيوطها من خلال النوافذ الدائرية الشكل البارزة.. التفت إبراهيم يمنة ويسرة وهو يحملق ببصره في كل زاوية من هدا المكان العجيب بكل ما فيه من أفرشة وآتات وأواني نحاسيه وحديدية، وآلات موسيقية قديمة وملابس جد بالية، بل وحتى في سقف المقهى الخشبي العجيب المكون من أعمدة غليظة بمطلية بألوان مختلفة، وكأنه يراه لأول مرة، وفي نفس الوقت لا يصدق عينيه بأن المكان يكاد يكون خاليا تماما باستثنائنا نحن الاثنين، ورجل عجوز حشر نفسه في إحدى زوايا المقهى، وهو ينفث وينثر الدخان من سيجارته بشكل بهلواني عجيب ومتقطع، ثم يتابع الدوائر التي يشكلها الدخان وهي ترتفع ببطء إلى عنان السماء لتنكسر على مشارف أخشاب السقف المصفرة. بإمكانك قراءة حاله ووضعيته الاجتماعية بمجرد الإمعان فيما رسمته على محياه تجاعيد وجهه الكلح وملامحه الشديدة الحمرة بفعل لفحات الشمس. ينتابك شعور غريب إذاً وأنت تحملق في تفاصيل تجاعيد وجهه، وكأنك تقلب نظرك في صفحات كتاب مصفر قديم قدم الزمن البعيد، فتقرأ وتغور في كنه أحزانه لتستوقفك في كل لحظة قصة من قصصه الحزينة أو محطة من محطات حياته الغابرة، وكأنك تقلب أوراق ذلك الكتاب المصفرة الشاحبة والداكنة اللون والتي أصبحت هي أيضا تميل بدورها إلى حُمرة كتلك التي تعتري وتكسو وجه هذا المخلوق التعيس، الذي أصبح يعشق صمت تلك الزاوية ونورها الخافت الضوء في هذا المقهى. إنه يمثل شريحة تعيسة هي أيضا من مجتمعه، لطالما عانت ولازالت تعاني في صمت وفي ظلمة حالكة!!!، وتعشق الركون إلى الزوايا الشبه مظلمة!!!، بل تتبّع هي أيضا خيوط ودوائر دخان تحدثه مسارات سياسة بائسة تتحرك بفعل أنامل خفية (ربما من وراء الستار مثل الدمى)، لتنكسر هي أيضاً هنالك في الأعالي على صخور الجبال الصماء، تاركة معظم أولئك التعساء يجرون أذيال الخيبة، لتكبلهم الأشجان والأحزان وتحرمهم من لذة النوم والسبات العميق والرقود الذي طالما اشتاقوا إليه !!!.

لم يمض على وقتنا الكثير حتى بدأ أصدقائنا الأوفياء بالالتحاق بالركب، وما هي إلا دقائق معدودة حتى أصبح المكان يعج بالأصوات هنا وهناك، بينما العجوز فقد ظل يبادلنا نظرات حادة تعيسة دون ابتسامة، وهو يتابع دوائر دخان سيجارته كالمعتاد. وبما أننا شغوفين بالأدب والشعر فقد كان البعض لا يهدأ له بال حتى يعطي لأحدنا كنية أو لقبا يحمل اسما لأحد أعلام الأدباء أو الشعراء القدامى، فكنا في كل لحظة نسمع صيحات الحضور مثل:

ها هو أبو العلاء المعري قد وصل !؛ أو لقد جاء المتنبي!؛ أو الهدوء من فضلكم: لا أحد يتكلم، ها هو الأعشى قد وصل !!!…..؛

ثم يصيح آخر وهو يتصدر المجلس:

ها قد اكتمل العقد بوصول أميرة الشعراء الخنساء !!!….؛ وهاهي الحسناء مي زيادة !!! ويبدأ التصفيق والصفير أحيانا، وتتعالى الأصوات بشكل غريب وعجيب تعبيرا عن الفرحة والبهجة والسرور بقدوم كل أفراد تلك النخبة التي ستثري النقاش عشية هذا الثلاثاء، بداية أكتوبر من سنة 1981م، بعد يوم مليء بالغبار والزوابع يبشر بقدوم أمطار غزيرة. ورغم هذه الأجواء المرعبة وزمهرير الرياح العاتية المخيفة، فإن ذلك لم يثني من عزيمة هذه النخبة عن الرغبة في الاجتماع والإنصات لما هو جديد وما ستجود به قريحة كل واحد من هؤلاء الأدباء والشعراء الأوفياء إلى ركنهم المعتاد: “ركن الأدباء”.

اعتاد الرجل العجوز على تلك الضوضاء الغير عادية وذلك الجو البهيج الذي تحدثه “جلسة الثلاثاء” تلك بذلك المكان، فربما كانت تزعجه، إلا أنها في آن واحد كانت تكسر صمت وهدوء زاويته المعتادة وتؤنس وحشته، أو ربما كانت تسعده لأنها تعيد بفكره الشارد إلى واقع الحياة المرير، فتربطه وتحبسه إلى هذا الركن من واقع الحياة في ذلك اليوم المختلف عن سائر وباقي الأيام وعن ذلك العالم المخيف في الشارع خلف هذا الزقاق وزجاج هذا المقهى العتيق!!!….

رغم اختلاط الأصوات وكثرة اللغط أحيانا، وخاصة في بداية الجلسة، كانت لنا القدرة على تمييز بعضها عن بعض حتى دون الالتفات إلى صاحبها أو صاحبته!!!، ولا تمر لحظة إلا وتسمع قهقهة الضحك هنا وهناك مع سماع عبارات العتاب أو المجاملة.

نعم، كانت تلكم هي حالة أدبائنا وشعرائنا وأساتذتنا ومعلمينا في السبعينات والثمانينات من هذا القرن، إذ غالبا ما كانت تلك الجلسات تمحو كل همومنا وأحزاننا، بل لا يظهر على محيانا سوى الفرح والسرور وتلك الابتسامة العريضة التي تتخلل حديثنا، وكأن كل واحد منا قد كان يترك أحزانه خلف عتبة المقهى قبل ولوجه. في غمرة تلك السعادة، سرعان ما يحضر براد الشاي المنعنع، لتتحف الخنساء الجمع بطبقها المفضل من الحلويات المغربية العريقة (“غريبة، والفقاص، وكعاب لغزال”) التي تحضّرها هي بنفسها أياما قبل “جلسة الثلاثاء” المعهودة دون كلل ولا ملل!!!.

أين نحن اليوم من تلك الجلسات التي كانت تجمعنا فيها المحبة الصادقة والأخوة وشغف القراءة والمطالعة والاطلاع على كل ما هو جديد من شعر ونثر وأدب؟!!!…

نعم بالأمس القريب فقط امتدت مخالب الرأسمالية المتوحشة الشرسة إلى زوايا هذا المقهى وغيرته مثل باقي المباني الأثرية، كمسرح المدينة العتيق وملعب الثيران ودور السينما وغيرها، بل وحتى الحدائق العمومية، ابتلعها الجشع وحب المال، مثل ما حصل لذلك المقهى المهجور، لتبنى على أنقاده مكاتب ومحلات تجارية!!!، وارتحل ذلك الرجل العجوز إلى مقهى آخر يختلف تماما عن مكانه المعهود، ولم يعد يجد فيه ذلك الصمت والهدوء الذي كان يعهده طيلة الأسبوع، عدا يوم الثلاثاء، بل أصبح المقهى العصري الجديد، الذي يقصده هذا العجوز، تعتري كل زواياه الفوضى والصخب والضوضاء، كما عُلّقت على أركان جدرانه شاشات تلفزيه ضخمة بدلاً من تلك اللوحات الزيتية القديمة المعبرة التي رسمتها ريشة فنانين من ذوي الذوق الرفيع والإبداع وكانت تكسو جدران مقهانا العتيق. كانت تلك اللوحات غالباً ما تجعلك دوما تسبح في فضاء الذاكرة والخيال بمجرد أن تنظر إليها. أصبح المقهى الجديد يغص بشباب، وحتى شيوخ بقصات شعر مقززة وسراويل شبه ممزقة تخدش الحياء، وهي متدلية وتظهر جزءا من مؤخرة البعض، دون حياء!!!، تتعالى أصواتهم ويتشاجر بعضهم مع بعض ويتبادلون الشتم والكلمات النابية وحتى اللكمات حول أتفه الأشياء!!!…، بل يكاد المكان أن يخنق أنفاسك بكثرة المدخنين وصراخ المحتجين وعويل التافهين والباعة المتجولين، وتتلقفك في كل لحظة نظرات المتطفلين، ويقلق راحتك ويرهقك كثرة المتسولين ويتلقفك ودون انقطاع الباعة والسائقين المتهورين، وأصوات الدراجات النارية المفبركة التي تقض مضجع المرضى وحتى المارة والمسافرين، ويبادرك (على حين غرة) بالأسئلة والفضول سرّاق السمع من الجنة والإنس والأباليس، وهم في لباس بني البشر، فيعتريك الشك وكأنك بين الحلم واليقظة لتبدأ في تحسس أعضاء جسمك كي تتأكد من أنك لازلت في هذه الدنيا وهذا الكون المخيف -ورغم كل ذلك- حياًّ ترزق وعلى قيد الحياة!!!. ولج العجوز هذا المقهى الجديد التافه بكل المقاييس )حسب رأيه(، رغم رونق أثاثه وبلاطه وسقفه وكراسيه الجلدية اللامعة، وطاولاته المطلية بألوان زهية؛ مكان يبدو أجوف وتغشاه التفاهة، رغم وجود القليل من الخيرين اللذين يذوبون في مثل هذه الأماكن كما يذوب الملح في الماء، وتتخلل زواياه جرائد مثقلة بالتفاهة هي أيضاً، محشوة بأخبار السوق والركاكة واللغة العامية، وأخبار الأحداث الدامية والجرائم، وقصص السرقات والعنف المقيتة المهولة، وأخبار مطاردة مهربي المخدرات والأقراص المهلوسة وإلقاء القبض عليهم، والدعايات المغرضة التي تملئ صفحات بأكملها، وكذلك قصص المغنين والمغنيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع!!!….

أين نحن إذاً من ركن الأدباء في مقهانا العتيق والفريد من نوعه في ذلك الزمن الغابر؟!!!…، وأين نحن من أيام الصفاء والنقاء والتسابق في فعل الخير والإحسان؟!!!…، زمن كان الشارع في حد ذاته مدرسة تلقنك الأدب والاحترام وكيفية التعامل مع الناس على اختلاف مشاربهم وأطيافهم، وتعلمك احترام الرأي الآخر!!!، وأين نحن من الكلام الطيب الجميل، ومن عالم القراءة والأدب؟!!! …، أين نحن من تلك الجلسات التي كانت تعج بها زوايا المقاهي في الأحياء والحارات والأزقة والطرقات، فتستمع لأحاديث جلساتها وكأنك تستمع إلى أزيز النحل هنا وهناك؟!!!…؛ فما أحوجنا إلى تلك الثقافة، وما أحوجنا إلى تلك التجمعات حول موائد الأدب والعلوم والفلسفة والفكر. ما أحوجنا اليوم إلى عالم القراءة ونشر ثقافة الإيجابيات بدلاً من نشر الثقافات السلبية والتفاهة، وثقافة السمسرة في كل شيء، فنتجمهر ونتجمع حول قراءة كتاب أو مؤلف، ونشرع في نقده بحس وفكر أدبي محض، كما كنا نفعل في الزمن. لم نعد نشاهد ذلك وبكثرة إلا عند مشاهدة مباريات كرة القدم أو غيرها، أو عند مشاهدة بعض البرامج التافهة، وحول قصص وتفاهات أخبار الجرائد البئيسة !!!…؛ ما أحوجنا اليوم إلى السباق نحو تغذية الفكر مثلما نتسابق ونتعارك (وبشراسة) من أجل تغذية البطون!!!…، ليتنا نتحرى الصدق في القول والعمل، ونتجنب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ونخفض من أصواتنا ونحفظ ألسنتنا من الكلام السب والشتم، لأنه وكما يقال: ” بذاءة اللِّسان تحطّ من قيمة الإنسان”، و- لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ لَعَّانٍ وَلاَ فَاحِشٍ وَلا بَذِيءٍ ” كما ورد في الحديث النبوي الشريف….،،، ما أحوجنا إلى العودة إلى الزمن الجميل بكل مقوماته ومكوناته وبشعره وأدبه ونثره، وفنونه الخالدة وبنسائه ورجاله الأوفياء….

والله ولي التوفيق،،،

باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات

فضيحة توقيع غامض تهزّ مجلس جماعة الدار البيضاء خلال دورة أكتوبر

مع الحدث/ الدارالبيضاء الكبرى

المتابعة✍️: مجيدة الحيمودي

 

شهدت أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر لمجلس جماعة الدار البيضاء، يوم أمس، واقعة غير مسبوقة أثارت جدلاً واسعاً داخل أروقة المجلس وبين المتتبعين للشأن المحلي بالعاصمة الاقتصادية.

فقد تم تسجيل توقيع باسم رئيس مقاطعة سباتة في ورقة الحضور الرسمية، رغم غيابه الفعلي عن الجلسة، وهو ما فجر موجة من التساؤلات حول ظروف وملابسات إدراج توقيعه، ومدى احترام إجراءات التوقيع المعتمدة داخل المجلس.

ووفق مصادر من داخل الجماعة، فقد أثارت هذه الواقعة استياء عدد من الأعضاء الذين اعتبروا ما حدث “مساساً بمصداقية العمل المؤسساتي” و“إهانة لمبدأ الشفافية الذي يفترض أن يطبع تدبير الشأن المحلي”. كما دعا بعض المستشارين إلى فتح تحقيق عاجل لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات القانونية والإدارية اللازمة.

من جهتها عبّرت فعاليات مدنية وحقوقية مهتمة بتدبير الشأن العام عن قلقها من تكرار مثل هذه التجاوزات، معتبرة أن الواقعة “تكشف عن خلل في آليات المراقبة داخل المجلس”، وطالبت بضرورة اعتماد آليات رقمية لتسجيل الحضور والتصويت، بما يضمن النزاهة والشفافية.

وتأتي هذه الحادثة في سياق حساس تعرف فيه مدينة الدار البيضاء نقاشاً متصاعداً حول نجاعة تدبير المجالس المنتخبة وضرورة ترسيخ ثقافة الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، خاصة في ظل تزايد مطالب الساكنة بتحسين الخدمات وجودة التسيير.

ويبقى الرأي العام المحلي في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات المحتملة بخصوص الواقعة، في أفق تحديد المسؤوليات وإعادة الثقة في المؤسسات المنتخبة.

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة بلاغ

بلاغ تحذيري من حركة GenZ212 بشأن استغلال اسمها في أنشطة مشبوهة

حسيك يوسف

الدار البيضاء – أصدرت حركة GenZ212 بلاغًا إلى الرأي العام حذّرت فيه من قيام جهة مجهولة الهوية باستغلال اسمها بشكل غير قانوني، وذلك عبر إنشاء موقع إلكتروني وبريد إلكتروني يحملان اسم “7orria.ma”، يُستعملان في الترويج لأنشطة مشبوهة وجمع تحويلات مالية بعملة البيتكوين (BTC).

وأكدت الحركة في بلاغها أنها لا علاقة لها إطلاقًا بتلك المنصات أو الحسابات المزيفة، موضحة أنها لم تُنشئ أي موقع أو بريد إلكتروني رسمي، كما أنها لا تطلب أي تحويلات مالية أو تبرعات بأي شكل من الأشكال.

وشددت GenZ212 على أن ما يُنشر عبر تلك القنوات المزيفة يُعد تزويرًا واستغلالًا غير مشروع لاسم الحركة وسمعتها، مشيرة إلى أن نشاطها لا يهدف إلى أي ربح مادي، وأن غايتها الأساسية هي الدفاع عن القيم والمطالب الاجتماعية للشباب المغربي ضمن إطار نزيه وشفاف.

ودعت الحركة جميع المواطنين ووسائل الإعلام إلى توخي الحذر وعدم التعامل مع أي جهة تدّعي تمثيلها أو تستخدم اسمها في أنشطة مالية أو رقمية مشبوهة، مؤكدة احتفاظها بكافة حقوقها القانونية لمتابعة المتورطين في هذا الفعل.

وختمت الحركة بلاغها بعبارة واضحة:

“غرضنا ليس ربحي، واسمنا ليس للبيع.”

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات

شاب من جيلZ بدورة أكتوبر بمجلس جهة الشمال في خطوة جديدة لاحترام

محمد رابحي

في خطوة تثير الدهشة والاسغراب أقدم شاب من جيل Z على ابتكار طريقة جديدة لاحترام حيث ولج مقر مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة صباح يوم الاثنين مرتديا قميصا مكتوب عليه شعار بغينا الصحة والتعليم مجلس الجهة 135 نقطة من أصل 219 لدعم المهرجانات والمواسم والملتقيات.

هذه الخطوة التي أدهشت الجميع من مسؤلين ومنتخبين في دورة أكتوبر ليصبح حدثا بكل ماتحمله الكلمة من معنى بدل جدول الأعمال ووجد الرئيس التجمعي نفسه في موقف حرج وغادر والي الجهة السيد التازي دقائق قليلة بعد انطلاق الجلسة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

“مع الحدث”.. عشر سنوات من الإعلام المسؤول وصوت الوطن الصادق

بقلم/ سيداتي بيدا 

في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة الأخبار وتتزاحم المنابر الإعلامية، تظل بعض التجارب شاهدة على معنى الالتزام، وقيمة الصمود، وصدق الرسالة. جريدة مع الحدث واحدة من هذه التجارب الاستثنائية في المشهد الصحفي المغربي، وقد استطاعت خلال عشر سنوات من العمل المتواصل أن تفرض اسمها كمنبر إعلامي يحظى بالثقة والاحترام، بفضل خط تحريري مستقل، ومهنية عالية، ووفاء لمبادئ الصحافة النبيلة.

عشر سنوات مرّت، حافلة بالتحديات، لكنها أيضًا كانت زاخرة بالنجاحات. فمنذ انطلاقتها، اختارت الجريدة أن تكون قريبة من نبض الشارع، حاملةً هموم الوطن والمواطن، منفتحة على قضايا التنمية، مدافعة عن القيم والمكتسبات الوطنية، وناقلة للخبر بكل موضوعية ومسؤولية.

“الخبر مقدّس، والتعليق حر” لم يكن شعارًا فقط، بل أصبح نهجًا راسخًا في العمل اليومي لفريق الجريدة الذي لم يتوانَ لحظة في الميدان، لتغطية مختلف مناطق المملكة، من المركز إلى الهوامش، ومن الصحافة الورقية إلى المنصة الرقمية.

ورغم الإكراهات المالية، لا سيما في أحلك الفترات مثل جائحة كورونا، فإن جريدة مع الحدث لم تتوقف عن النشر، بل استمرت بروح الفريق الواحد، وإرادة لا تلين. ولأن العزائم لا تنكسر، فقد تمكّنت المؤسسة من تجاوز الأزمة، لتنهض من جديد أكثر قوةً وتجددًا، وتواصل أداء رسالتها الإعلامية.

وما يُحسب لهذه الجريدة أيضًا، هو نجاحها في توسيع آفاقها دوليًا، حيث أصبحت صوتًا إعلاميًا يعكس صورة المغرب في الخارج، عبر شبكة من المراسلين المهنيين المنتشرين بعدد من الدول. كما تتطلع المؤسسة اليوم لفتح مكاتب تمثيلية بالخارج، لنقل قضايا الجالية المغربية وتغطية المبادرات الملكية والمشاريع التنموية التي تُبرز إشعاع المملكة دوليًا.

لقد تحولت مع الحدث من مجرد تجربة ناشئة إلى مؤسسة إعلامية تملك رصيدًا مهنيًا يحترمه المتابعون والمهنيون على حد سواء.

وفي هذه المناسبة، لا يسعنا إلا أن نُثمن عاليًا جهود الطاقم الصحفي والتقني الذين واكبوا هذه الرحلة، ونتوجه بكلمة شكر وتقدير خاصة إلى المدير العام للجريدة، السيد يوسف حسيك ، الذي كان العقل المدبر والسند الصلب لهذا الصرح الإعلامي، حيث قاد المؤسسة بحكمة وهدوء، وواجه الصعوبات بإيمان راسخ برسالة الصحافة، وحرص دائم على الالتزام بالقيم الوطنية والمهنية.

 

إن إصرار السيد حسيك على المضي قدمًا، رغم التحديات، شكل نموذجًا يحتذى به في قيادة المؤسسات الإعلامية المستقلة، ودوره في صقل الكفاءات وتكوين جيل من الصحفيين الشباب يستحق كل التقدير.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

الوزير أمين التهراوي.. بين الواقعية والرهان على استرجاع الثقة

تابع الرأي العام الوطني أمس الظهور الإعلامي لوزير الصحة، أمين التهراوي، في لقاء تلفزيوني مع الإعلامي جامع كلحسن حظي باهتمام واسع، لما تضمنه من نقاشات حول الوضع المتأزم الذي يعيشه القطاع الصحي بالمغرب. وبحسب عدد من المتابعين، فقد بدا الوزير واثقا من نفسه، مطلعا على تفاصيل الملفات الحساسة التي تؤرق المواطنين والعاملين في الميدان على حد سواء.

خلال اللقاء، تميز الوزير بالهدوء والوضوح، بعيدا عن أسلوب التهرب المعتاد من الأسئلة أو إلقاء اللوم على الآخرين، كما وقع مع عدد من الوزراء في لقاءات مماثلة. أجوبت الوزير، رغم بساطتها، حملت قدرا من المنطق والواقعية، وأظهرت رغبة في التغيير، ولو أن الطريق أمامه لا يزال طويلا وشائكا.

ولا يمكن – كما يرى البعض – تحميل الوزير مسؤولية كاملة عن ما يتخبط فيه اليوم قطاع الصحة، خاصة وأنه لم يمض على توليه الحقيبة سوى أحد عشر شهرا. هذا يعني أن الرجل ما زال في مرحلة التشخيص ومحاولة بناء الثقة داخل الوزارة ومع المواطنين.

لكن، التحدي الأكبر لا يكمن في الخطابات أو النوايا الحسنة، بل في مدى الالتزام الفعلي بما تم التصريح به، فالمغاربة اليوم يعيشون أزمة ثقة حقيقية تجاه المؤسسات، نتيجة وعود كثيرة لم تُترجم إلى أفعال، خاصة في ظل اتساع رقعة الغضب والمطالبة بإستقالة الحكومة.

المطلوب اليوم هو أن يبرهن الوزير التهراوي بالأفعال قبل الأقوال على أن الإصلاح ممكن، وأن الكفاءة يمكن أن تتغلب على الحسابات السياسية، هذا طبعا اذا استمر على رأس هذه الوزارة. وفي المقابل، تبقى المحاسبة الشعبية والمجتمعية ضرورية ومطلبا متزايدا.

في النهاية، يمكن القول إن الكرة الآن في ملعب الوزير التهراوي: فإما أن ينجح في فتح صفحة جديدة من الثقة والإصلاح داخل قطاع الصحة، أو يسقط في فخ الوعود المتكررة التي مل منها المغاربة. في انتظار ماستكشف عنه الأيام القليلة القادمة خاصة وأن الشعب المغربي على موعد مع خطاب للملك محمد السادس نصره.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

قافلة نفسية… حين يصبح اللقاء علاجًا والإنصات شفاءً

بقلم: فاطمة الحرك

حين تُثقل النفس بما لا يُقال، يصبح اللقاء أكثر من مجرد استشارة؛ يصبح دفئًا إنسانيًا يملأ الفراغ بين السؤال والجواب، بين الألم والصمت.

من هنا، تنطلق القافلة النفسية في رحلتها، لا بحثًا عن أرقامٍ أو إنجازاتٍ شكلية، بل عن تلك اللحظة الصادقة التي يلتقي فيها الاختصاصي بالإنسان، وجهًا لوجه، قلبًا لقلب.

قافلة تمشي بخطى من نور، تحمل في طريقها الأمل، وتمنح كل من أرهقته الحياة مساحة آمنة ليتنفس، ليتحدث، أو حتى ليصمت دون خوف.

في كل استشارة تُفتح نافذة صغيرة على الداخل، وفي كل ورشة يُعاد بناء جسرٍ بين الفرد وذاته، بين الوجع والطمأنينة، بين العزلة والمشاركة.

تؤكد هذه المبادرة أن العناية بالنفس ليست رفاهًا كما يظن البعض، بل فعل حياة لا يقل أهمية عن أي علاج جسدي.

فالصحة النفسية، كما تقول فاطمة الحرك، “ليست قضية فردٍ، بل شأن مجتمعٍ يؤمن بأن الإنسان لا يُشفى وحده، بل بالمشاركة، وبالفهم، وبالاحتضان”.

هي قافلة من الأمل تمضي بخطى ثابتة نحو الإنسان قبل أي شيء،

تُعيد للروح توازنها،

وللنفس حقها في أن تُسمَع وتُفهَم.

مرحبًا بالجميع في مسارٍ يؤمن بأن الشفاء يبدأ من الإصغاء.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

منصف المرزوقي وأحداث المغرب: موقف رجل دولة يقرأ نبض الشعوب

بقلم: سيداتي بيدا

عضو الاتحاد الدولي للصحافة العربية

 

في لحظة دقيقة تمر بها المجتمعات العربية، وبينما تتنامى أصوات الشباب في أكثر من بلد، يبرز تصريح الرئيس التونسي الأسبق، الدكتور منصف المرزوقي، بشأن ما يجري في المملكة المغربية، كرسالة متزنة تنم عن وعي سياسي عميق وخبرة رجل عاش تجربة الانتقال الديمقراطي بكل ما تحمله من تحديات وآمال.

 

لقد تميز المرزوقي، منذ سنوات، بمواقف تدعم التعبير السلمي وتحترم خصوصيات كل بلد. وفي حديثه الأخير عن الحراك الشبابي المغربي، أظهر فهماً متقدماً لديناميات التغيير، حين أكد أن ما يحدث هو تعبير عن حيوية المجتمع المغربي، وليس خروجًا عن ثوابته أو تشكيكًا في مؤسساته.

 

وقد كان لافتًا في تصريحه استحضاره لحكمة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، واستشهاده بمرحلة 2011–2012، حيث تمكنت المملكة من تجاوز موجة الاضطرابات التي اجتاحت عددًا من الدول العربية، بفضل تفاعل المؤسسة الملكية مع المطالب الشعبية بطريقة مسؤولة ومتزنة.

 

لكن اللافت أكثر هو تركيز المرزوقي على ما أسماه “مثلث السلمية”: لا للعنف، لا للإساءة، لا للتخريب. وهي مبادئ تشكّل، في نظره، ركيزة أساسية لأي حراك وطني يُراد له أن يكون بناءً، لا هدمًا، إصلاحًا، لا فوضى.

 

تصريح كهذا، وإن بدا في مظهره تضامنياً، إلا أنه في جوهره يحمل دعوة رصينة إلى الإصغاء، لا من باب الإملاء، بل انطلاقًا من قناعة رجل دولة بأن الاستماع إلى تطلعات الأجيال الجديدة هو استثمار في الاستقرار، لا تهديد له.

 

إن المرزوقي، بخلفيته الحقوقية وتجربته السياسية، يدرك أن قوة الأنظمة لا تقاس فقط بقدرتها على ضبط الأمور، بل أيضًا بمرونتها وقدرتها على التفاعل الإيجابي مع التغيرات المجتمعية، في إطار يحفظ المؤسسات ويعزز الثقة بين مختلف المكونات الوطنية.

 

في زمن تعلو فيه أصوات المواجهة أو التجاهل، يأتي صوت المرزوقي ليذكّر بأن مسار الإصلاح لا يُبنى بالقرارات المنفردة فقط، بل بالشراكة والتفاهم واحترام إرادة الشعوب. وهي رسالة قد لا تكون جديدة، لكنها تكتسب أهمية خاصة حين تصدر عن شخصية سياسية عاشت الانتقال، وتعرف أن الحكمة ليست في مقاومة التغيير، بل في إدارته بذكاء وهدوء.