Categories
متفرقات

الميزانية الاجتماعية بين من يستحق وبين طريقة توزيعها

يوسف حسون

على العادة يتم تخصيص ميزانية اجتماعية  للإعانات الخاصة بالناس المحتاجة و المعوزة للاستفادة منها كحق يمنحه القانون لكل منطقة للتضامن و تظافر الجهود للنهوض بهذه الفئة المقهورة بحيث يرتب كل مجلس طريقة توزيع هذه المساعدات على المواطن المعني بها .

سنة 2021 وضعت العدالة و التنمية تحت اشراف رئيس مقاطعة مولاي رشيد آنذاك السيد مصطفى لحيا ميزانية تبلغ 50.000 درهم كميزانية اجتماعية خاصة بالإعانات و المساعدات و المؤن لهذه الفئة دائما .

و تعد هذه الميزانية القادرة على سد الخصاص الذي يعاني منه المواطن المحتاج داخل منطقة مولاي رشيد المنطقة الاكثر كثافة والاكثر فقرا. فكيف تم توزيع هذه الإعانات و الحاجيات بالتوازي على من هم أولى بها ؟

في الدورة الاستثنائية لمجلس مقاطعة مولاي رشيد لدراسة و التصويت على الميزانية تم اثارة هذه النقطة الفريدة من خلال تدخل عضو المجلس السيد عبد الهادي تواتي جلاب عن حزب التقدم و الاشتراكية بحيث اسند كلمته على ان يكون المبلغ المقرر لسنة 2022 اكثر.

بحيث حددت ميزانيته ب200.000 درهم كميزانية اجتماعية تدخل في اطار هيبات ومعونات لصالح المعوزين بحيث كانت هناك زيادة 150000 كميزانية اضافية لهذه الفئات الاجتماعية بالمنطقة مقارنة بالمجلس السابق للعدالة والتنمية برئاسة السيد مصطفى لحيا .

كما جاء عبر اتصال هاتفي أجرته الجريدة مع السيد يوسف مبروك تأكيدا لما تم ذكره من استفادة ممكنة لهذه الشريحة والتي تظل استفادة خارج ما هو مادي مخصصة لساكنة مقاطعات مولاي رشيد .

لم يخفي السيد الرئيس محمد اجبيل على إمكانية زيادة هذه الميزانية كأسلوب تجاوبي مع العضو عبد الهادي تواتي جلاب كما ان الأخير قدم سؤالا جوهريا في اطار نفس الموضوع عن طريقة و كيفية اختيار هؤلاء المعوزين و المحتاجين للاستفادة,و هل طلب المساعدة ستكون عبر وضع طلب لذى المقاطعة او الملحقات الادارية ام ان الجمعيات هي المكلفة لتوزيع هذه الإعانات في اطار ما هو اجتماعي ؟ بحيث رد السيد الرئيس انه بإمكان الثلاثون عضوا التي كانت حاضرة اثناء الدورة ان تختار الطريقة المناسبة لتسهيل العملية اكثر برئاسة المسؤولة على المصلحة الخاصة بالمسائل الاجتماعية السيدة غيثه بالحاج و التي تم تكليفها بهذه المهام من لدن السيد الرئيس والمكتب المنتخب.

واد نسجل بكل ايجابية التفاعل الايجابي الذي استقبل بها السيد الرئيس المقترح من طرف السيد المستشار من المعارضة والذي قال بالحرف لا احبذ هذه التسمية وباننا كلنا اغلبية ومعارضة في خدمة الساكنة والمنطقة وكلنا مسؤولون للنهوض بالمنطقة التي ننتمي اليها جميعا .

علما ان داخل منطقة مولاي رشيد هناك العديد من الأصوات التي تعالت لعدم تسليمها المساعدات سابقا و في ازمة خانقة عرفتها و ما زالت تعرفها بلادنا بسبب وباء كورونا .

فهل سيكون هناك اقصاء لبعض المحتاجين لعدم انتمائهم لأي جمعية او حزب ؟ ام ان كل مواطن محتاج تتوفر فيه شروط الاستفادة من هذه الميزانية العينية له حق الاستفادة ؟ هل سيتم توزيع الإعانات عبر مجلس المقاطعة بتكوين لجنة لدراسة الأوضاع الاجتماعية لدى الساكنة ؟ ام انها ستمنح الجمعيات الضوء الأخضر في توزيعها بطريقتهم الخاصة ؟ هل هذه الميزانية ستكون في المقام الأول لصالح المنتمون للمجلس حزبيا ام ان قانون العدل و المساوات في تحديد الأكثر حاجة هو الأسلوب الذي سيسود هذه العملية ؟

Categories
متفرقات

” العدالة الإجتماعية : بين الواجب والحق والقانون “

عبدالرحيم الشافعي: كاتب صحفي- المغرب

 

 

“مِنَ العدل أن يأتي الرجل من الحجج لخصومه بمثل ما يأتي به لنفسه”

(ابن رشد )

 

إن مفهوم العدالة الإجتماعية يحتل مكانة هامة في الفلسفة السياسية والإقتصادية و الاجتماعية على حد سواء، حيث انشغل بها الفلاسفة، والمفكرين، و علماء الاجتماع، و قاموا بدراستها و تفكيك خباياها ، كل من زاويته الخاصة، مما أذى الى وجود تعارض، و اختلاف، و تباين، في مواقفهم و تصوراتهم،

والمقال الذي بين أيدينا يندرج ضمن نفس الموضوع، إذ يسلط الضوء على قضية العدالة الاجتماعية بين مفهوم الواجب، والحق، والقانون، و من خلال هذه المفاهيم يمكننا طرح الإشكال الاتي : هل العدالة الاجتماعية قضية واجب أم حق أم قانون ؟ و بناء على هذا يمكننا أن نتسائل :

فما مفهوم العدالة الإجتماعية ؟ و ما علاقتها بالواجب والحق والقانون ؟ بأي معنى يمكننا الحديث عنها ؟ هل من خلال الواجب كواجب ؟ أو من خلال الحق كحق ؟ أو من خلال القانون كقانون ؟

 

 

من خلال العنوان يتضح أن الموضوع يتبنى قضية العدالة الاجتماعية التي تحمل في طياتها مفهوم العدل،من عَدَلَ يَعْدِلُ فهو عادل، والعدالة هي إعطاء الحق لأهله وافيًا غير منقوص في قليل أو كثير، وعدم نقصانه أو زيادته على حساب الغير. وهي أيضًا تحقيق التوازن بين طرفين أو أكثر، أما مفهوم العدالة الاجتماعية فيحيل إلى إزالة الفوارق الاقتصادية الكبيرة بين طبقات المجتمع، وتحقيق معادلة متساوية وعادلة بين أفراده، و قد أكد هذا المفهوم الفيلسوف الأخلاقي والسياسي جون رولز في كتاب نظرية العدالة، حيث حاول حل مشكلة تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق التوزيع العادل إجتماعيا للأغراض في المجتمع،لأجل توفيق بين التحرر والعدالة، ومن أجل مجتمع جيد التنظيم.

إن هذه في الحقيقة إرادة خيرة ،وحرة لا تخضع لميولات ذاتية، و مصالح فردية، أو لمبذأ خارجي، وهذا هو مفهوم الواجب الذي تحدث عنه الفيلسوف ايمانويل كانط حينما اعتبر أن الواجب مرجعه العقل، وغايته فقط احترام القانون الأخلاقي، ومنطقه الإرادة الخيرة، أما مفهوم القانون فهو مجموعة القواعد الملزمة التي تنظم علاقات الأفراد في المجتمع، أو النظام الذي تجري وفقاً له علاقات الأشخاص داخل المجتمع.

بين العدل والواجب والقانون هناك أفراد في المجتمع يجب انصافهم،ويصادف هذا قول الفيلسوف الهولندي غروشيوس ، الذي اعتبر أن القانون هو الحكم بأنّ عملاً ما يعد ظالماً أو عادلاً تبعاً لكونه مخالفاً أو موافقاً لمنطق العقل، وإنّ قواعد هذا القانون ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، و حسب هؤلاء الفلاسفة فأن العدالة الاجتماعية لن تتحقق مادام هناك ظلم سواء بين أفراد المجتمع فيما بينهم، أو سواء بين السلطة الحاكمة والمجتمع.

لن يتحقق هذا الا بوجود مبدأ الحق وهو مفهوم يشير الى تلك الأمور التي يحتاجها الإنسان أو الكائن الحي عامةً، كي يحيي حياة كريمة، إذ يجب على الدولة والوطن والمجتمعات توفيرها له دون منّة أو تعدٍّ، و هي ملك لكل البشر، مكفولة بعدم قابليتها للتجزئة أو الانتزاع من أي شخص كان، مهما كانت ظروفه، فلا يحق لأحد حرمان أي فرد من حقوقه الشخصية، فهي ثابتة وغير قابلة للتصرف، ولا يمكن تجاوزها في أي حال من الأحوال.

وكخلاصة يمكن القول أن العدالة الاجتماعية لن تتحقق برفع الشعارات في مختلف وسائل الإعلام، أو في المظاهرا، أو في الندوات، و المحاضرات، بل ستتحق العدالة الاجتماعية، عندما يدرك الانسان ما له و ما عليه من حقوق، وواجبات في إطار قانوني يعدل بين الناس، يحقق مبدأ العدل و تكافئ الفرص في ضمير الفرد، مع نفسه، و داخل أسرته، و مع مجتمعه، وداخل وطنه، فمفهوم العدالة الاجتماعية عند رولز أو كانط أو جون لوك أو هيوم، مرتبطة بالعقل و بالفرد كسلوك أخلاقي قبل أن تصبح حق و قبل أن يؤطرها قانون، فلا تنتظر الدولة أن تحقق لك هذا المبدأ و أنت تطعن في شرعية الميراث، و في جودة المنتوجات،و تمكر بالناس في العلاقات، و تغش في البيع و الشراء، و في نشر المعلومات،وووو…فلن تكون عادلا ما لم تكن انسانا.