التجارة الثقافية و احتضار الحركة المسرحية:
منصف الإدريسي الخمليشي
منذ أن أصاب العالم هذا ( الوباء) و المسرح يعاني و نحن على أبواب دخول الموسم الثاني بدون اشتغال, فالفنان أصبح سؤاله الأول و الأخير ” لماذا تغلقون المسارح؟” و مطلبه الأوحد ألا و هو ” اغلقوا المسارح” سؤالنا الأبرز في هذا المقال المقتضب ألا و هو لماذا هنا تجارة ثقافية؟ و احتضار للحركة المسرحية؟
يعتبر المسرح أحد القطاعات التي تجعل من الكائن الحي سوي نفسيا, إلا أننا نلحظ أن هناك تجار في الثقافة, المتاجرة هنا و هناك لا لأي سبب سوى أنه قطاع يدخله المتطفلون و لا يعيرون الاهتمام لأي مهتم.
المسرح كبناية أصبح مهجور في زمن ( الوباء) الذي أفشل كل الأنظمة, بل و حتى الحكومات التي استمرت في إجراءات الغلق, أخبروني, هل هناك مقهى بدون مباراة كرة قدم؟ هذا الأمر مثله مثل المسرح الذي تم فتحه و لكن بدون جمهور, فمن بين شروط ضمان فرجة جيدة هو وجود جمهور, بالجمهور تنتج طاقة كبيرة و يتم إنتاج إحساس, فنحن المسرحيين لا نحقد و لا نطمع أبدا, لأننا نحن أهل السلام ننشر السلام بين البشر أجمعين, عند الصعود إلى المسرح يتم نشر الرسائل الإيجابية و الابتعاد عن السوداوية.
لماذا تم تقسيم المسرح الذي يعتبر عمل جمعوي إلى فصائل و أحزاب فتم تحزيب هذا الأب, في الولايات المتحدة الأمريكية هناك الحزب الديموقراطي و الحزب الجمهوري, و بفعل حركات هنا في المسرح المغربي تم تأسيس حزبين و فصيلتين, فصيلة الاحتراف و الهواة, لماذا هذا التقاطع و القطيعة لأهل المسرح الذي تعتبر قوته في الوحدة و التماسك و التكافل.
منذ أن أصبح مفهوم الهواة و الاحتراف حاضرا تأخر المسرح المغربي و ظلت الحركة المسرحية هذا يطعن في ذاك, و لماذا هناك كثرة النقابات؟
ففي كل القطاعات عندما تكثر كثرة التنظيمات التي تدعي حماية المجال, يتم تهميشه, كما الشأن في التعليم الذي ينقسم لكثرة النقابات و نفس الأمر في المسرح.
إن المسرح كي يستعيد عافيته يحتاج إلى الوحدة, نجاحنا في وحدتنا هذا هو الشعار الذي يجب علينا أن نرفعه, لكي لا نكذب على أنفسنا فالمسرح كإبداع و ابتكار هو حاضر في كل الساحة العربية و الدولية, لكن نحن بحاجة إلى وضع الحجر الأساس على ما أسميه بالتكتل الوحيد ” مسرح” ليس هناك فرق بين الهواة و المحترفين و لا داعي لهذه التسميات” الفرق يجب أن يكون فقط في الالتزام و جودة العمل, لأن الابداع ليس هكذا, همنا هو الاصلاح, كيف يمكن لبعض المحسوبين على هذا المجال أن يتحكموا في الابداع و الابداع هو خلق الاختلاف.
المبدعون و المبتكرون وجب عليهم الاتفاق و الوحدة أولا لكي يكون الضغط على الساسة لكي تلبي نداءاتنا المتكررة, بالفعل تم رفع شعارات دائما و نادرا ما تنجح بعضها و لا نحقق الأهداف المرجوة, لأن هناك دائما اختلاف, أكيد الاختلاف لا يفسد للود قضية, و لكن الاختلاف الذي أقصد هنا هو أن كل واحد من المسرحيين يحاول أن يخدم مصلحته الخاصة و هذا الأمر الذي ينبذه المنطق الأرسطي و الأفلاطوني ما عدا إن كنت تطبق عوالم الرأسمالية, هنا يجب علينا أن نكون اشتراكيين, فالنضال الأوحد هو نضال الدفاع عن حقوق الفنان.
في موطن الفراعنة يعتبر الفنان موظفا, و يتم تأدية ثمن تكرار الأعمال على التلفاز, و لكن في المغرب الأقصى, يتم محاسبة المسرحي على كل كلمة يتفوه بها بل و لازالت الرقابة و كأننا نزال على عهد تازمامارت.
الحركة المسرحية تحتضر, نعم كيف لا و هناك ضرب في المصالح و طعن في القدرات و المؤهلات و قمع للفئة النشيطة التي تعتبر هي إحدى مكونات الجيل المقبل, بالشباب سيظل هذا الفن مستمر, و لو رحل الرواد بارك الله في عمرهم, سنبقى نحن المناضلين و لكن يجب على الدولة أن تسير على نهج الديموقراطية, و إلغاء كافة شروط البيروقراطية.
كل مبدع من حقه أن يحصل عل جلسة استماع لشرح و تفسير و تقديم ما يراود خيالاته من أفكار, سواء أ كانوا شبابا أم شياب.
الوحدة و الاختلاف هي صنيعة الائتلاف و لكن يجب أن نصمد و ندافع على جميع الحقوق التي هضمت, كفى من تهميش الثقافة و الأدب و المسرح و الفن, نحن نبحث عن الاختلاف لتحقق الوحدة.
الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق