جاري التحميل الآن

الحالة الوبائية بالجزائر في تدهور مستمر…وما تخفيه الأرقام يفضحه الخصاص المهول في الأوكسجين

انقلبت مساعدة تونس بكميات من الأكسجين سلبياً على حكومة الجزائر، التي أضحت تعاني نقصاً في هذه المادة بعد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، وعلى الرغم من أن المراقبين يربطون القضية بسوء تسيير وتقدير، ينتقد الشارع التباهي بمساعدة “الغير” على حساب الجزائريين.

إعلان وسخط

وجاء إعلان وزير الصحة، عبد الرحمن بن بوزيد، ليثير السخط، بعد أن كشف عن استحداث “خلية أكسجين” لمراقبة إنتاج وتوزيع واستهلاك هذه المادة وفق قاعدة بيانات، مقراً بأن الجزائر قد تواجه أزمة أكسجين في حال تصاعد الموجة الوبائية، وأوضح رداً بشكل ضمني، على الاستياء الشعبي الذي بلغه، أن إنتاج الجزائر للأكسجين كان كافياً قبل تفشي الجائحة، ولكنه لم يعد كافياً بعد الأزمة.

واعتبر الوزير أن الوضعية الوبائية بالجزائر مقلقة جراء تفشي الفيروس في الآونة الأخيرة، مشدداً على أن التلقيح يبقى الخيار الوحيد لمكافحة الوباء، ودعا مديري الصحة إلى التجند أكثر والعمل على تجاوز هذه المرحلة، مع ضرورة تحديث المعلومات حول احتياجات كل محافظة من الأكسجين، عبر الأرضية الرقمية للخلية التي أُنشئت أخيراً من طرف الوزارة الأولى، وهذا لتسهيل تزويدها بهذه المادة الحيوية في الوقت المناسب والحفاظ على صحة وحياة المصابين.

وأشار بن بوزيد إلى أنه ينتظر أن يدخل متعامل خاص في إنتاج الأكسجين قريباً، مضيفاً أنه خُصص فندق كبير في كل محافظة متضررة لاستقبال المرضى الذين يعانون نقصاً في الأكسجين، وأنه ستُقتنى أجهزة توليد الأكسجين من الصين، ودعا إلى تأمين الأجهزة الخاصة بالأكسجين من خلال تجنيد أعوان شبه طبيين ومراقبين من أجل عقلنة استخدام هذه الأجهزة.

غضب بسبب تونس

تصريحات وزير الصحة أثارت غضب فئات واسعة من المواطنين، الذين عبروا عن استيائهم من تصرفات الحكومة التي تواصل مسار سابقيها نفسه، وفق تعبيرهم، بسوء تقدير الأوضاع وسوء التسيير والتدبير، إذ كانت مواقع التواصل الاجتماعي ساحة لانتقاد الحكومة وبشكل خاص وزير الصحة، الذي ظهر قبل أسبوع في تونس على رأس وفد من خبراء الوزارة من أجل تقديم مساعدات تتعلق بمادة الأكسجين.

مساعدة تونس انقلبت سلباً على الجزائر، التي كانت في وضعية وبائية أقل ضرراً يوم أعلنت عن قرار تزويد الجارة الشرقية بمادة الأكسجين، وقد خدش “التوتر” نوعاً ما العلاقات القوية وهز الروابط المتينة، بعد أن عرفت مواقع التواصل الاجتماعي تبادل تعليقات وعبارات غير لائقة، على الرغم من أنها كانت بشكل محدود.

ووصل وزير الصحة الجزائري يوم الثلاثاء إلى تونس، برفقة أعضاء من اللجنة العلمية، لتسليم هبة تضامنية تضم شاحنات أكسجين، و20 طناً من معدات طبية وأدوية، و250 ألف جرعة من لقاح فيروس كورونا، حيث أكد أن وقوف بلاده مع تونس في جميع الأحوال واجب لتجاوز محنة انتشار كورونا وتنامي عدد الإصابات بالفيروس.

تعليقاً على “الغضب”، يرى عضو نقابة الأطباء، أحمد بن علي، في تصريح لـ”اندبندنت عربية”، أن نقص الأكسجين لا علاقة له بالمساعدات المقدمة لتونس من هذه المادة الحيوية، وإن كان من الواجب الوقوف مع الجارة الشرقية مهما كانت الظروف بالنظر إلى ما يجمع البلدين والشعبين، وقال إن أكبر مصانع إنتاج الأكسجين في الجزائر تعمل بشراكة ألمانية، لكن لما اجتمع بهم وزير الصحة والوزير المنتدب للصناعة الصيدلانية ووزير الداخلية، بداية الأسبوع الحالي، من أجل حثهم وتحفيزهم على رفع الإنتاج، اكتشف المسؤولون أن المصانع المعنية تدين للمستشفيات، ولأن الشريك الأجنبي لا يمكن أن يتعامل بمنطق الخسارة، وجدت هذه المصانع صعوبة كبيرة في الرفع من إنتاجها الذي كان كافياً قبل الجائحة.

ويتابع بن علي، أنه مع تفاقم الأوضاع الصحية ستزداد الحاجة إلى الأكسجين، وسيتضاعف الطلب عليه حتى في البيوت، و “لا حل أمامنا سوى الوقوف في وجه الانهيار الصحي، والحد من تسارع أرقام الإصابات، والعودة لمحاصرة الوباء ووقف العدوى من خلال شعور كل مواطن بأن أضمن حل للحفاظ على حياته في الوقت الراهن هو أولاً المسارعة للتلقيح، وثانياً التزام إجراءات الوقاية، بدل الاضطرار إلى الاختناق وانتظار جهاز تنفس صناعي قد لا يكون متوفراً بالكمية الكافية في المرحلة المقبلة”.

غياب استراتيجية صحية ناجعة

من جانبه، يعتقد الإعلامي المهتم بالشأن السياسي، محمد لهوازي، أن الإشكال يطرح من زاوية عجز الجزائر عن توفير الأكسجين بالكمية الكافية للمواطنين، رغم أن عمر الجائحة تجاوز العام ونصف العام، وهي فترة كافية جداً لتوفير مخزون استراتيجي لمواجهة الموجات المتتالية للفيروس، وهو ما يدل على عدم وجود استراتيجية صحية ناجعة من طرف السلطات المعنية. مضيفاً أن موضوع المساعدات التي تقدمها الجزائر إلى تونس، كثيراً ما يخلق بعض الصخب على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ليس وليد اليوم بل يعود إلى سنوات مضت، لكن ليس بالحدة التي يمكنها التأثير في نوعية العلاقات بين البلدين.

ويواصل لهوازي أن الجزائر تشعر بواجب مساعدة جارتها في كل مرة تكون بحاجة إلى ذلك، وفي جميع المجالات سواء الأمنية أو الاقتصادية.

شارك هذا المحتوى:

إرسال التعليق

ربما فاتك