“بيرديكاريس حيا أو الريسوني ميتا”، عبارة شهيرة صدرت عن الرئيس الأميركي تيودور روزفلت سنة 1904، في خضم أزمة اختطاف مواطن أميركي من أصول يونانية، لكن ما هي القصة؟
تعود هذه القصة إلى أحمد الريسوني، والذي تصفه بعض الكتب التاريخية بـ”أبرز قطاع الطرق”، الذين عرفهم المغرب مطلع القرن العشرين، والذي قام باختطاف عدد كبير من الأجانب في شمال المملكة، مقابل طلبه لأموال لإطلاق سراحهم.
خلال عام 1904، قام الريسوني باختطاف “أيون بيركادريس”، والذي كان أحد الأثرياء الأميركيين، إلى جانب أفراد من أسرته، ما جعل قوى دولية تتحرك، لدرجة وصول قطعة حربية إلى طنجة.
يتحدث محمد حسن الوزاني، في كتابه “التاريخ السياسي للحركة الوطنية التحريرية المغربية”، عن جوانب من حياة الريسوني، الذي رأى النور سنة 1870 بمنطقة الزينات، قبل أن يبدأ مساره في تعلم العلوم الدينية والشرعية.
نمط حياته حسب الوزاني، جعل منه “الرجل الذي يجمع بين قاطع الطريق، والسيد الإقطاعي في بلد تشمله الفوضى وتعمه “السيبة”، في وقت كان فيه المغرب مهددا من قبل القوى الاستعمارية الأوروبية، خصوصا من إسبانيا وفرنسا”.
ويضيف الوزاني في كتابه “إن من يطالع الكتب الأجنبية يخرج بفكرة أنه كان رجل فتنة وشغب، ولا ثقة فيه، ولا عهد له ولا ذمة، وأن كل ما كان يهواه هو المال، ومن أجله جعل من نفسه “قاطع الطرق”، للسطو على الناس وسلبهم ما عندهم بالقوة، وقد قاده هذا إلى اختطاف بعض الأجانب طمعا في افتدائهم بالأموال، فكان بهذا يشيع الفوضى وعدم الأمن في البلاد، ويعرضها كذلك للمشاكل مع الدول، بالإضافة إلى أنه كان فظا غليظا ومستبدا وجبارا”.
كتاب التاريخ السياسي للحركة الوطنية التحريرية المغربية، يسرد أيضا عددا من التفاصيل المرتبطة بعمل الريسوني، إذ كانت أبرز الأعمال التي قام بها، هي اختطاف مواطن بريطاني عرف باسم “”هاريس” واليوناني، من اجنسية أميركية، “إيون بيرديكاريس”، والإسكوتلاندي “ماك لاين”.
وبعد ذلك، أرغمت حكومتا إنجلترا والولايات المتحدة على التدخل لافتداء المختطفين وأداء مقدار كبير من المال، يؤكد الوزاني، “تمكنت شهرته أكثر، وهذا ما جعل السلطان مولاي عبد العزيز الذي سبق أن بعث بمحلة (حملة عسكرية) إلى الزينات لمحاصرته وقتاله ولم يفلح في ذلك، فبادر إلى إعطائه حكم أحواز (نواحي) مدينة طنجة”.
وفي السياق ذاته، يقول الفيلسوف المغربي عبد الله العروي، في كتابه “الأصول الاجتماعية والثقافية للوطنية المغربية”، إنه كرد فعل مباشر على اختطاف “بيرديكاريس،” أمر الرئيس الأميركي تيودور روزفلت بإرسال قطعة حربية إلى عرض الساحل المغربي، كما بعث بإنذار للسلطان.
بعد ذلك، اضطر المخزن للقبول بمطالب الريسوني، حيث تم تعيينه قائدا على قبائل الفحص بضواحي طنجة، “ولشدة حذره لم يغادر مستقره بزينات واكتفى بتعيين مساعده ابن المنصور الذي استقر بسوق خارج المدينة، ومنها عمد للفصل بين الناس وفق مزاجه غير عابئ بالأحكام الشرعية ولا حتى بأبسط قواعد تحقيق العدل”.
Share this content:
إرسال التعليق