مشروع أنبوب الغاز الرابط بين غرب افريقيا وشمالها … بين الحاجة للتنمية والصراع الجيوستراتيجي حول الغاز .
مع الحدث.
يعتبر توقيع اتفاقية مشروع خط انبوب الغاز الطبيعي المنطلق من نيجيريا والمار بثلاثة عشر دولة من دول غرب افريقيا، مشروعا واعدا يصبو الى تعزيز وترسيخ بنية التنمية العادلة والشاملة لمختلف هذه البلدان .
فقد بات هذا الخط الذي يبلغ طوله حوالي 6000 كلم ، حاجة ملحة لأوروبا التي تعاني اليوم من خصاص مهول في الطاقة نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية. ما يعني ان الاتفاقية التي أبرمها العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس نصره الله وفخامة الرئيس النيجيري “محمد بخاري”، حلما مشتركا وربحا كبيرا للطرفين الأوروبي والأفريقي .
لهذا المخطط أهداف متعددة حددتها الاتفاقية، والتي ترمي بالأساس الى ربط غرب افريقيا بشمالها مما سيشكل انبثاقا لمنطقة شمال غرب افريقيا والتي ستوفر أرضية خصبة للاندماج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي … كما سيمنح المشروع المجال لتحقيق الاستقلالية الطاقية للمنطقة وتطوير عجلة التنمية المستدامة بها. إذ صرح وزير الموارد البترولية النيجيري “تيميبري سلفا” ، أن هذا الخط سيكون بمثابة توسيع لمنشأة ضخ الغاز التي أحدثت سنة 2010 والمنطلقة من جنوب نيجيريا مرورا بالبنين والطوغو باتجاه غانا . ان المراد من هذا المشروع هو تمديد الخط ليمر بالمغرب ويصل الى السوق الأوروبية.
رغم أن هذا المخطط مازال في طور الدراسة ومرحلة تأمين التمويل، إلا ان هناك مجموعة من الجهات الراغبة في دعمه والتي من بينها روسيا ومنظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” ومنظمة منتجي النفط الأفريقيين “APPO ” . يضيف ذات المصدر المتحدث الذي أكد أنه لا يمكن استكمال هذا المشروع في ظل الادارة الحالية والتي يترأسها الرئيس محمد بخاري ، لكن بإمكانها وضع اللبنات الأساس ونقط الانطلاق في أفق 2023 حتى تتمكن الادارة المقبلة من اتمامه ، وقد انطلقت دراسة هذا المشروع في ماي 2017 بتكلفة قدرت بالملايير منحت خلال الزيارة التي قام بها جلالة الملك الى أبوجا. وفي 10 يونيو 2018 خلال الزيارة التي قام بها الرئيس محمد بخاري الى الرباط تم عقد اتفاق خاص بهذا المشروع.
فيما يخص تمويل دراسة التصميم الهندسي للمخطط فقد تم توقيع اتفاقية بين البنك الاسلامي للتنمية ووزارة الاقتصاد والمالية والمكتب الوطني للكربوهيدرات والمعادن في المغرب ، وذلك من اجل اتخاد قرار الاستثمار النهائي بحلول سنة 2023 وضمان احترام المشروع للمعايير البيئية الدولية . وفي سياق متصل فقد أعلنت شركة “بنسبين” البريطانية المتخصصة في الخدمات الهندسية والادارية لصناعة النفط والغاز حصولها على عقد من المكتب الوطني للكربوهيدرات والمعادن “ONHYM3” والمؤسسة الوطنية النيجيرية للبترول “NNPC” لتنفيذ مرحلة التصميم الأولي لهذا الخط الواعد.
لكن في ظل الظروف الحالية والتي ترتبط بالحرب الروسية الأوكرانية أضحت امدادات الغاز الافريقية تحظى باهتمام كبير ومتزايد من لدن الدول الاوروبية ، وذلك من أجل تقليص الاعتماد على الانتاج الروسي، الذي بات اليوم جزءا من معادلة روسية في الحرب من أجل الضغط على البلدان الأوروبية للتخلي عن دعمها لأوكرانيا.
يبقى السؤال المطروح اليوم ، لماذا تسعى روسيا الى دعم هذا المشروع علما أنه يتضارب مع مصالحها الاستراتيجية خصوصا أنها المزود الرئيسي لأوروبا بالغاز الطبيعي ؟
الأستاذة سميحة المرضي طالبة باحثة في العلاقات المغربية وبلدان غرب افريقيا
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق