مع الحدث
المتابعة ✍️ : ذ لحبيب مسكر
في تصريحات أدلى بها من مطار موريستاون في نيوجيرسي، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن “استيائه” من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واصفًا ما يجري في أوكرانيا بـ”الجنون” و”القتل غير المبرر”. لكن هذا الغضب الانتقائي يفتح بابًا واسعًا للتساؤل: لماذا يُدين ترامب بوتين بسبب الحرب في أوكرانيا، بينما يتجاهل الجرائم الإسرائيلية المتكررة في غزة، والتي أودت بحياة آلاف الأطفال ودمّرت البنية التحتية لقطاعٍ محاصر منذ سنوات؟
يرتفع صوت ترامب متحدثًا عن ضحايا الحرب في أوكرانيا، لكنه يصمت تمامًا أمام مأساة غزة، حيث يُقتل المدنيون بلا هوادة، وتُرتكب مجازر موثّقة بالصوت والصورة. لا بل إن ترامب كان من أبرز الداعمين غير المشروط لإسرائيل، وبلغت مواقفه ذروتها حين قرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
الخطاب الغربي، الذي يتماشى معه ترامب، يقدم الأوكرانيين كضحايا شرعيين لعدوان خارجي، بينما يُجرد الفلسطينيون من إنسانيتهم، ويُصوَّرون كـ”تهديد أمني دائم”. هذه الازدواجية لا تتعلق بحجم الجرائم أو فظاعتها، بل بمن يصنع الرواية الإعلامية ويحدد اتجاهات الرأي العام.
رغم مواصلة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هجماته الكارثية على غزة، تستمر واشنطن في تزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية ، فيما تُوجَّه الانتقادات فقط لأعداء الغرب.
ما نراه ليس دفاعًا عن القيم الإنسانية، بل تسييسًا مفضوحًا للأخلاق. تُستخدم مبادئ مثل حقوق الإنسان والقانون الدولي كأدوات ضغط ضد الخصوم، بينما تُمنح الحصانة لحلفاء واشنطن مهما كانت جرائمهم فادحة. هذا الانحياز ينسف مصداقية الخطاب الغربي، ويُعرّي الطابع النفعي لأجنداته الأخلاقية.
إذا كان استنكار ترامب لما يفعله بوتين يعكس فعلًا قلقًا إنسانيًا، فلماذا لا نرى الغضب نفسه تجاه ما يفعله نتنياهو؟ إن انتقاء الضحايا وتجاهل الآخرين لا يخدم العدالة، بل يعمّق فجوة النفاق في السياسة الدولية. فكم من الأطفال الفلسطينيين يجب أن يُقتلوا، وكم من بيوتٍ يجب أن تُهدم، كي تُسمع كلمة “استنكار” واحدة من أفواه من يدّعون الدفاع عن القيم؟
تعليقات ( 0 )