بوسكورة: السلطات المحلية تشرع في هدم منازل بدوار الكوارث وسط احتجاجات الساكنة ومطالب بالإنصاف

فيصل باغا

شهد دوار الكوارث، التابع للملحقة الإدارية الهلال بجماعة بوسكورة، صباح اليوم عملية هدم واسعة لمجموعة من المباني العشوائية، باشرت بها السلطات المحلية بحضور عناصر الدرك الملكي، في إطار حملة لمكافحة البناء غير القانوني الذي بات يشكل هاجسًا متكررًا في العديد من مناطق المغرب.

شهدت عملية الهدم التي نفذت صباح اليوم، مشاهد مؤلمة للسكان الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام واقع صادم؛ منازلهم مهددة بالهدم أو قد هدمت فعلاً، دون أن تتوفر لديهم بدائل أو تعويضات، مما دفعهم إلى التعبير عن استيائهم العميق ورفع مطالب مستعجلة للسلطات المختصة.

وقالت الساكنة إنهم بنوا هذه المنازل منذ سنوات، في ظل ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة، متسائلين عن الجهات التي أذنت أو سمحت لهم بالبناء في الأصل، خاصة وأن هذه المنازل تشكل مصدر رزق وسكن لعائلات كثيرة.

وعبرت العديد من العائلات عن غضبها واستيائها من ما وصفوه بـ”الإهمال والتخلي”، مؤكدين أن السلطات المحلية لم تقدم لهم أي حلول أو دعم قبل الشروع في عملية الهدم، الأمر الذي جعلهم يعيشون حالة من القلق وعدم الاستقرار.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، يطرح السؤال نفسه: أين نائبة الرئيس بالمجلس الجماعي لبوسكورة، الممثلة الوحيدة للمنطقة، من كل هذا؟ فقد كان من المنتظر أن تلعب دورًا فاعلًا في الدفاع عن حقوق الساكنة أو على الأقل في التوسط لإيجاد حلول وسطية تُجنب السكان كارثة التشرد.

الغياب الواضح لهذه الهيئة المنتخبية أثار تساؤلات حول مدى تمثيلها وفاعليتها في تقديم الدعم والمساعدة للسكان الذين أعطوها أصواتهم وثقتهم.

أكدت مصادر من داخل الساكنة أن جزءًا كبيرًا من مسؤولية تفشي البناء العشوائي يعود إلى أعوان السلطة المحليين، الذين، حسب شهادات السكان، كانوا “سببًا مباشرًا في تفريخ هذه الظاهرة”، إذ سمحوا أو تغاضوا عن تشييد هذه المنازل دون مراقبة أو تطبيق القانون بشكل صارم.

وتقول الساكنة إن بعض هؤلاء الأعوان استغلوا الوضع لتحقيق مكاسب شخصية وأصبحوا – كما يقولون “أغنياء على حساب معاناة المواطنين البسطاء”، في حين يظل السكان العاديون يدفعون الثمن غاليا، سواء بالهدم أو التهجير أو العيش في ظروف صعبة.

وسط هذه الأجواء، وجّه السكان نداءً عاجلاً إلى وزارة الداخلية والجهات الوصية، مطالبين باتخاذ إجراءات عاجلة تعيد لهم حقوقهم المسلوبة، وتقديم تعويضات عادلة للمتضررين، إلى جانب تطبيق القانون بحزم على كل من ساهم في تفشي البناء العشوائي، سواء من أعوان السلطة أو غيرهم.

ويؤكد السكان أن الحل لا يكمن فقط في الهدم، بل في اعتماد برامج دعم اجتماعي حقيقية، وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، مع ضمان حقهم في السكن الكريم.

تبقى قضية دوار الكوارث في بوسكورة نموذجًا صارخًا لتحديات البناء العشوائي في المغرب، حيث تتقاطع عوامل الفقر والتغاضي والتواطؤ أحيانًا، مما يؤدي إلى مزيد من المعاناة للسكان.

إن معالجة هذه الأزمة تتطلب تعاونًا حقيقيًا بين السلطات المحلية والمركزية، والهيئات المنتخبة، مع ضرورة فتح تحقيق شفاف يعيد الثقة ويضمن إنصاف المتضررين، ويمنع تكرار مثل هذه الحالات في المستقبل.

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)