مع الحدث
المتابعة ✍️ : ذ لحبيب مسكر
في هدوء قاتل، تتكرر مآسٍ إنسانية مؤلمة في عدد من المدن المغربية: رُضَّع يُعثر عليهم في أماكن مهجورة أو داخل حاويات النفايات، وفتيات يُقدمن على الإجهاض السري بوسائل بدائية تُهدد حياتهن. مشاهد موجعة تكشف هشاشة البنية الاجتماعية، وتعري عجز القوانين عن مواكبة واقع صارخ.
حقائق صادمة من الميدان
أرواح تُزهق في بدايتها: العثور على رضيع ميت داخل كيس قمامة بمدينة بني ملال في الأسابيع الماضية، يعيد الجدل إلى الواجهة.
انتشار الإجهاض السري: تشير تقديرات جمعية “أطباء بلا حدود” إلى تسجيل ثلاث حالات إجهاض سرّي يومياً داخل عيادات غير مرخصة.
فئات هشة في الواجهة: وفق دراسة للمرصد الوطني لحقوق الطفل، 80% من ضحايا الإجهاض السري هن فتيات قاصرات ينحدرن من أسر معوزة، كثير منهنّ ضحايا اغتصاب أو علاقات قسرية.
لماذا تتفاقم الأزمة؟
1. الصمت المجتمعي:
التثقيف الجنسي ما زال غائباً عن المناهج التعليمية والخطاب الأسري، ما يجعل المراهقين والمراهقات عرضة للتجارب غير الآمنة، في غياب أدنى معرفة بالحقوق والصحة الإنجابية.
2. قانون عقيم:
لا يزال الإجهاض مُجرّماً في المغرب، باستثناء حالات ضيقة كتهديد حياة الأم. هذا التضييق يدفع الفتيات، حتى ضحايا الاغتصاب، إلى اللجوء إلى أساليب بدائية ومميتة أحياناً.
3. هشاشة البنية الداعمة:
مراكز الإيواء والاستماع قليلة وغير كافية، ولا توجد آليات مؤسساتية تُرافق الضحايا نفسيًا واجتماعيًا. كما أن غياب الثقة و الخوف من الفضيحة يجعل الكثير من الفتيات يتكتمن على مآسيهن، أو يُجبَرن على السكوت.
قصص من واقع مسكوت عنه
“باعت هاتفها و ملابسها لتدفع ثمن الإجهاض السري”… تحكي فاطمة الزهراء، ناشطة حقوقية، عن حالة فتاة قاصر من ضواحي خنيفرة لجأت إلى سيدة تستعمل أعشاب و ادوية مهربة للإجهاض ، بعد أن رفضت عائلتها استقبالها إثر حمل ناتج عن اغتصاب.
في حالات أخرى، يُلقى برضيع حديث الولادة داخل كيس بلاستيكي، أو يُترك أمام مسجد، في مشاهد تُجسد حجم البؤس والخذلان الذي تعانيه الأمهات في الظل.
مقترحات وحلول ممكنة
في ظل استمرار هذا الوضع، تُطرح حلول استعجالية وشجاعة، منها:
✔ إصلاح قانوني
تقنين الإجهاض في الأسابيع الأولى من الحمل، خاصة في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم.
توفير حماية للهوية في حالات التبليغ واللجوء إلى الخدمات الطبية.
✔ بنية تحتية داعمة
إحداث صناديق آمنة للتخلي عن الرضع في المستشفيات والمراكز الصحية.
توفير عيادات قانونية ومجهزة تضمن الإجهاض الآمن والمُؤطر طبياً.
✔ الوقاية أولاً
إدماج التربية الجنسية في المقررات الدراسية.
إطلاق خطوط هاتفية مجانية للدعم والإرشاد النفسي والقانوني.
بين التأييد والتحفظ
المدافعون عن التغيير:
“لا يمكن الاستمرار في التغاضي عن هذه المآسي اليومية”، يقول أحد الفاعلين الجمعويين.
في المقابل، يرى ائتلاف العلماء المغاربة أن الحل لا يكمن في إباحة الإجهاض، بل في “تعزيز التربية الدينية والقيم الأسرية”.
في الختام: هل حان الوقت لتعديل القانون؟
اليوم، لم يعد السؤال عن مدى شرعية الإجهاض أو التخلي عن الرضع، بل عن المسؤولية التي نتحمّلها كمجتمع ومشرّعين تجاه هذه الأرواح المهددة.
هل آن الأوان ليُراجع المشرّع المغربي قانون الإجهاض؟
الواقع يُجيب: التأخر في إيجاد حلول عملية وإنسانية يعني مزيداً من الضحايا كل يوم..
أطفال بلا أسماء، وفتيات بلا مستقبل.
تعليقات ( 0 )