عبد الله بن أهنية
Reflections on man’s relationship with nature
في خضم حديثي مع أحد أصدقائي ونحن ملتفين حول صينية الشاي المغربي الأصيل، نتجاذب الحديث حول التغيرات المهولة التي طرأت على العالم في السنوات الأخيرة في مناحي شتى في حياتنا، لم نجد بُداً من أن نركز على أهمية تقاليدنا العريقة وطقوس الأعياد التي عهدناها والتي تعتبر جزءاً من موروثنا الثقافي والاجتماعي الغني. كما أننا لم نجد بُداً حينها من أن نًعرّج أيضاً على موضوع إعادة النظر في علاقتنا بالطبيعة وضرورة نشر ثقافة إعادة تدوير بعض المواد المستهلكة(Recycling) بدلاً من الاسراف والتبذير فيها، وأن مفهوم ثقافة إعادة التدوير ذلك قد أصبح ضرورة للحفاظ على توازن النظام البيئي. فهل قضية التغيير تلك التي طرأت على مجتمعات كثيرة وأصبحت جلية في نمط العيش لدى البعض، والشغف في اقتناء كل ما هو جديد هي مجرد ميول وتصورات فردية تعكس أساليب الحياة المتلونة والغريبة أحياناً في هذا العصر، أم هي واقع ملحوظ وملموس قد أصبح يُحس به الكل ويلمسه بشكل يومي كلّ من له إحساس أو ذوق سليم. وقد يعزو البعض ذلك إلى التغيير الحاصل في ثقافات البشر وطريقة تعايشهم مع الطبيعة إلى مدى اهتمامنا بثقافتنا ومدى تعلقنا بالحفاظ على موروث أجدادنا واستمراريته عبر الأجيال كي نعيش في سلم وسلام. غير أن مفهوم الثقافة رغم تجدره في عمق تاريخ الشعوب، فقد يطاله التغيير لتصبح مقوماته خاضعة لنظرة وسلوك الأفراد داخل المجتمع وإلى ما يطمح إليه الفرد أو الأسرة، إذ نجد من هو متمسك بتلك الأعراف والطقوس الموروثة، ومن هو مجرد مقلد يحب أن يقتني أو يطارد كل ما هو جديد. وبالنظر إلى مسار الأمور، فإننا نلاحظ بأن هنالك أحياناَ خلط بين مفهوم الثقافة والحضارة: فالثقافة في نظر بعض الباحثين، هي أقدم من الحضارة، أي أن الثقافة بدأت عندما بدأت اللغة، وربما كان ذلك منذ أكثر من مليون سنة، في حين أن الحضارة بدأت عندما بدأت الزراعة، ربما ليس قبل أكثر من عقود طويلة مضت. ومن جهة أخرى، فإن نقيض الثقافة إذن هو الموت و”الفناء”. في حين أن عكس الحضارة هو “البربرية والهمجية”.(مقتبس في لافاييت La Fayette، 1976، ص 22).
علاقة الإنسان بالطبيعة: معايير مزدوجة:
يرى كثير من الباحثين بأنه في علاقتنا دائمة التطور مع العالم الطبيعي، تجد البشرية نفسها عند منعطف حرج؛ فقد أدى الاستخدام العشوائي للسموم وغيرها من المبيدات في ميادين الزراعة بغية القضاء على الحشرات وإزالة الأنواع الرئيسية من موائلها إلى الإخلال بالتوازن الدقيق للنظم البيئية في بقاع شتى في هذا العالم. كما يرى البعض بأن عواقب هذه التصرفات، التي نعتقد بأنها ستوفر لنا سبل الراحة بالقضاء على تلك الكائنات، يتردد صداها إلى ما هو أبعد بكثير مما قد نتصوره في البداية، مما يسلط الضوء على الترابط البديع والمعقد بين جميع الكائنات الحية على كوكبنا. هذا الترابط العجيب بين جميع المخلوقات والكائنات وكيف يخدم بعضها البعض، يبين بشكل جلي عظمة الخالق سبحانه، بحيث لا زالت البشرية برمتها إلى يومنا هذا عاجزة على فهم خيوط ذلك الترابط بأكمله. وكمثال على ذلك، فإن قصة طائر البوم المبهر، وأهمية وجود بعض فصائل الذئاب في الغابات والبراري، على سبيل المثال لا الحصر، وفي النظم البيئية للغابات على وجه الخصوص، وكذلك الأدوار المعقدة التي تلعبها الديدان والحشرات والذباب والنحل والحيوانات البرية والزواحف بأشكالها وأنواعها، تؤكد الحاجة الملحة إلى تحول نموذجي في نهجنا تجاه الطبيعة. فهل نحن نستفيد حقًا من إبادة أمم من الزواحف والحيوانات بشكل مباشر وغير مباشر، أم نحن نسيء إلى أنفسنا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في آن واحد؟
طائر البوم: بطل الطبيعة المجهول:
ورد عن المفكر الإسلامي مصطفى محمود بأن طائر البوم، الذي غالبًا ما يتم تجاهله، يقدم خدمة لا تقدر بثمن للمزارعين منذ آلاف السنين من خلال استهلاك آلاف الفئران سنويًا. وهذه الخدمة المجانية لا يقدر أهميتها إلا المزارعون أنفسهم، لما يعرفونه عن الخسائر المادية التي يمكن أن تحصل بسبب وجود كميات هائلة من الفأران في فدادينهم. ولا تفيد هذه الآلية الطبيعية لمكافحة الآفات الإنتاجية الزراعية فحسب، بل تقلل أيضًا من الاعتماد على المبيدات الحشرية الضارة. وبالنظر إلى التكوين الطبيعي لطائر البوم، والخاصيات المهولة التي حباه الله عز وجل بها، فلا يسعنا إلا أن نقول سبحان الخاق. فهذا الطائر العجيب لا يخرج ولا يصطاد إلا بالليل ولا يخرج بالنهار إلا ناذراً، وإن خرج، فإن جميع أشكال العصافير والطيور الأخرى تلوذ بالفرار من حواليه، وقد لاحظت هذا بنفسي عندما كنت أتجول في إحدى المنتجعات في مدينة “كيسيمي” Kissimmee بولاية فلوريدا الأمريكية، حيث لاحظت وجود طيور البوم وهي من البلاستيك تقف قابعة على أعمدة خشبية قديمة في كل زاوية من المنتجع وفي وسطه قرب وادي اصطناعي، فأخبرني أحد المسؤولين هناك بأنهم وضعوها خصيصاً لكي تفر كل الطيور من حواليها وبذلك لن تتسخ ممرات المنتجع بمخلفات العصافير !!!
ومن الملاحظ أن هذا الطائر العجيب قد حباه الله تعالى بحدة نظر وكمّ هائل من العدسات خارقة للعادة تمكنه من رؤية كل الزواحف في جنح الظلام الشديد ومن مسافة بعيدة. أما فيما يخص أجنحته فهي مكسوة بريش مركب بشكل عجيب وكاتم للصوت بشكل خارق للعادة أيضاً. فيمكن للبوم أن يهوي على فريسته بشكل أفقي دون أن يحدث أي صوت خلال الطيران أو النزول وبسرعة فائقة، فلا يفلت فريسته. ومع كامل الأسف، يمكن أن يؤدي اختفاء طيور البوم بسبب تدمير الموائل أو التدخل البشري بشتى أنواعه إلى عواقب مدمرة على إنتاجية المحاصيل والتوازن البيئي.
ومن خلال إدراك العلاقة التكافلية بين طيور البوم والزراعة، فإننا نعترف بالقيمة المتأصلة في الحفاظ على الأنواع المتنوعة داخل النظم البيئية وما تقدمه تلك الطيور من خدمات جليلة للمزارع، الذي لا يمتلك ثمن المبيدات، في جنح الظلام عندما يخلد هذا الأخير إلى النوم، ويستيقظ البوم مع غروب الشمس ليباشر عملية الصيد الليلية ليكون عامل الليل الوفي الخدوم، فيملأ صدى نعيقه المخيف فضاء البوادي ويخدش صمت وسكون الليل البارد.
الذئاب: حراس النظم البيئية للغابات:
دعنا نأخذ مثالاً آخر لنكتشف بعض الأسرار في علاقة الحيوانات بالطبيعة ومدى دقة أساليب العيش والتعايش بينها وبين الانسان أيضاً. وبما أن الانسان قد سخر له الله تعالى كل ما في هذا الكون، فلا ضرر من أن يأخذ عن بعض هذه الكائنات شيئا من الحكمة ونظام التعامل والسلوك في إطار الجماعة. وفي هذا الصدد، كتبت الباحثة ياسمين عزت مقالاً رائعاً نشر في مجلة “البوابة” بتاريخ26 يوليو 2017 ، حيث تقول:
“تردد في القصص والروايات وعلى لسان أجدادنا، أن الذئب حيوان شرس، وارتبط اسمه بالخوف والذعر لما يتسم به من سمات الغدر والخيانة والخبث التي أوقعت في أنفسنا كراهية له…
لكن هناك معلومات قد لا تعلمها عن الذئب، كلها تشير لوفائه وعزة نفسه وقوته وحسن سلالته تميزه عن باقي الحيوانات، لم تذكرها القصص والروايات بل ركزت على غدره وصفاته الكريهة التي أورثتنا احتقاره والخوف منه، هذا لا يعني أن نتعايش معه، ولكن على الأقل ربما تكون صفات يتعلم منها الإنسان.
يعد الذئب من السباع ومن سلالة الملوك، كما أنه لا يأكل الجيفة.
الذئب يختلف عن باقي الحيوانات فهو لا يقرب زواج المحارم، أي لا يتزوج بأمه أو أخته.
الذئب يتميز بالوفاء مع زوجه “وليفته” ولا يتزوج سوى وليفته، فهو لا يخونها مع أخرى، وفي المقابل فإن أنثي الذئب لا تخون زوجها فهما يتبادلان الحب والوفاء ما داموا على قيد الحياة، والذئاب تعرف أبناءها حيث يولدون من أم واحدة وأب واحد.
تصاب بالتعجب والدهشة عندما تعلم أن الذئاب تقيم حدادًا كبني البشر عند الموت، ففي حالة موت أحد الزوجين من الذئاب، يقام حداد من قبل من تبقي على قيد الحياة، وتكون فترة الحداد لا تقل عن ثلاثة أشهر، وقد تستمر مع البعض لقرابة سنة كاملة، وفي حالات التعلق والوفاء الشديدين يقدم المتبقي من الزوجين “الذئاب” على الانتحار لأنه يفضل الموت على البقاء وحده دون وليفه.
كما يلقب ابن الذئب بالابن البار، لما يتحمله من مشاق تجاه والديه خاصة عندما يصلون لمرحلة عمرية متقدمة “الشيخوخة”، ولم يستطيعوا مجاراة القطيع من الذئاب، ويظلون ماكثين بأوكارهم، فيلجأ لصيد الفرائس بدلا عن أبويه وتوفير الطعام لهما.
عندما يرغب الذئاب من الإناث أو الذكور في الزواج، فإن قانون القطيع يوجب عليهم ترك القطيع والبحث عن قرين من قطيع آخر كما يتم تحديد منطقة أخرى خاصة بالزوجين الجدد لإنشاء عائلة خاصة بهما، حيث يعتبر الأبوان أن زيجة جديدة تعد مزاحمة لهما في قيادة القطيع.
نظام السير في قافلة الذئاب على النحو التالي:
كبار السن أو المرضى وعددهم ثلاثة، وهم يسبقون القطيع لتحديد سرعة السير وبينهم وبين باقي القطيع مسافة، ويعد تقدمهم على البقية تضحية بالنفس في حين الخطر. وفي المؤخرة تأتي بقية أفراد القطيع والذين يقوم بحراستهم خمسة آخرون؛ أقوياء يقومون بحراستهم من الخلف. والذئب الذي يسير خلفهم ويكون آخرهم هو “رئيسهم” كما يقوم بتوجيه القطيع ويتحكم في مسارهم، ويحافظ عليهم في حالة أي هجوم مفاجئ أو اعتداء”. )المصدر السابق .(
وبالعودة إلى موضوعنا، يمكن القول بأن إعادة إدخال الذئاب إلى النظم البيئية حيث تم القضاء على العديد منها سابقًا، واستخدم فروها للتجميل والديكور وبأثمنة باهظة، يكشف عن دورها الذي لا غنى عنه في الحفاظ على الانسجام البيئي. وهكذا، يرى علماء الطبيعة بأن الذئاب تنظم أعداد الفرائس، وتمنع الرعي الجائر وتحافظ على الغطاء النباتي، وبالتالي تعزز التنوع البيولوجي الطبيعي في شتى بقاع الأرض.
وتبعاً لذلك، تشير الدراسات إلى أن غياب الذئاب من بعض البقاع أو الأماكن يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية متتالية، مثل زيادة أعداد الغزلان والأضرار اللاحقة بالنباتات. وبالتالي، فإن استعادة أعداد الذئاب لا يؤدي إلى تنشيط النظم البيئية فحسب، بل يؤكد أيضًا على الترابط بين الأنواع داخلها.
وللإشارة، فقد تمت دراسات لفهم التأثير البيئي للذئاب على النظم البيئية للغابات، وخاصة فيما يتعلق بدورها في السيطرة على تجمعات الحيوانات العاشبة، وبالتالي التأثير بشكل غير مباشر على المجتمعات النباتية، على نطاق واسع. وفي إحدى الدراسات الرئيسية التي سلطت الضوء على هذا الموضوع أجراها علماء البيئة روبرت إل بيشتا وويليام جيه ريبل Robert L. Beschta and William J. Ripple ، ونشرت في مجلة “علم البيئة” Ecology في عام 2012، فقد بحثوا في الآثار البيئية لإعادة إدخال الذئاب إلى حديقة يلوستون الوطنية Yellowstone National Park في عام 2012 بالولايات المتحدة. وقد وجدت الدراسة أن وجود الذئاب أدى إلى سلسلة من التغيرات البيئية، بما في ذلك انخفاض عدد الأيائل أو الغزلان (الفريسة الأساسية للذئاب) والتغيرات اللاحقة في سلوك الرعي للأيائل. وبعبارة أخرى، فإنه نتيجة لانخفاض ضغط الرعي لدى الأيائل أو الغزلان، تغيرت وفرة وتوزيع الأنواع النباتية داخل الحديقة. وعلى وجه التحديد، لوحظ انتعاش أشجار الصفصاف والحور الرجراج، التي كانت الأيائل أو الغزلان ترعى عليها بكثافة في غياب الذئاب. كما سلط هذا البحث الضوء على أهمية تواجد الحيوانات المفترسة مثل الذئاب في الحفاظ على توازن النظام البيئي والتنوع البيولوجي. في حين تم افتراض ودراسة تأثير الذئاب على المجتمعات النباتية قبل هذا البحث، وعلى سبيل المثال، فقد قدمت دراسة يلوستون Yellowstone study أدلة تجريبية قوية على هذه العلاقات البيئية في بيئة العالم الحقيقي.
عالم الحشرات المعقد: حراس التنوع البيولوجي:
تعتبر الحشرات هي الأخرى، والتي غالبا ما يتم استبعادها باعتبارها آفات، مكونات أساسية للنظم البيئية، حيث تساهم في التلقيح، ودورة المغذيات، والتحلل. كما تُظهر الهياكل والسلوكيات المعقدة للحشرات أدوارها المتخصصة في العمليات البيئية. وتسلط أمثلة مثل النحل والفراشات والخنافس الضوء على الطرق المتنوعة التي تدعم بها الحشرات عمل النظام البيئي ورفاهية الإنسان. وبالتالي، فإن الاستخدام الواسع النطاق للمبيدات الحشرية التي نراها اليوم لا يهدد أنواع الحشرات الفردية فحسب، بل يهدد أيضًا الشبكة المعقدة من التفاعلات التي تعتمد عليها النظم البيئية، ناهيك عن إمكانية تسرب مضاعفاتها إلى الخضر والفواكه التي هي مصدر قوت للبشرية. فنحن لا نعلم إلا الشيء القليل عن الأدوار التي تقوم بها الصراصير على سبيل المثال رغم منظرها المقزز. أما النحل، فلا يكفي دوره في مد الإنسان بالعسل الذي في قوت وشفاء للبشرية جمعاء فحسب، بل يلعب النحل دوراً أساسياً في عملية تلقيح المزروعات والأشجار المثمرة أيضاً. ومع كامل الأسف، فإننا نفقد في كل سنة أعداداً هائلة من النحل بسبب المبيدات والسموم التي تُرش بها الحقول الزراعية والأشجار المثمرة.
خلاصة:
تقدم روايات طائر البوم والذئاب والحشرات والنحل رؤى مقنعة حول الترابط بين جميع أشكال الحياة وضرورة الحفاظ على توازن النظام البيئي. وباعتبارنا نحن البشر حراس الأرض، فيتعين علينا جميعاً أن نعيد النظر في علاقتنا مع الطبيعة. وبدلاً من النظر إلى أنواع معينة باعتبارها مصدر إزعاج يجب استئصاله، يتعين علينا أن ندرك قيمتها الجوهرية ومساهمتها في مرونة واستدامة النظم البيئية. ومن خلال تعزيز فهم أعمق وتقدير لشبكة الحياة المعقدة التي أنشئها الله جل وعلا وأحسن خلقها، يمكننا الشروع في طريق نحو التعايش والانسجام مع العالم الطبيعي ومحاولة الحفاظ على كل مقوماته ومكوناته من شجر وحيوانات وطيور وحشرات وزواحف.
ومن جهة أخرى، فإن الروايات التي سردناها وغيرها تقدم غالباً رؤى عميقة حول العلاقة بين الإنسان والطبيعة كما أشرت، وكيف يؤثر تدخلنا في التوازن البيئي على مستقبل الحياة على الأرض، ولكننا لا زلنا في حاجة ماسة إلى المزيد من الدراسات التي ستظهر لنا حقائق مذهلة عن الحكمة وراء تلك العلاقات المعقدة بين كل المخلوقات والطبيعة من أجل إعداد فضاء صحي يخدم الانسان ويساعد في بقاءه. ومن خلال تلك الأبحاث، يمكن للبشر أيضاً أن يكتشفوا الترابط العميق بين جميع أشكال الحياة وضرورة الحفاظ على توازن البيئة. وبعبارة أخرى، فبدلاً من مجرد اعتبار الكائنات الحية كمصدر للإزعاج أو التهديد، يتعين علينا أن نفهم دور كل كائن في النظام البيئي وأهميته في المحافظة على توازنه. وبالتالي، يمكننا نحن كمجتمعات وأفراد أن نستوعب أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي والتعايش بسلام مع الطبيعة بدلاً من تدميرها واقتلاع أشجارها وهد جبالها وهضابها وتلويث بحورها وأنهارها وقتل طيورها وحيواناتها.
فقد دلت نصوص الشرع على أن المسلم يحصل له الأجر بالإحسان على كل شيء وفي كل شيء، وأن الحيوان داخل في هذا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “في كل كبد رطبة أجر.” رواه البخاري. وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء.”
وأخيراً، يمكننا أن نقول بأنه لابد من تشجيع الفهم العميق لهذه العلاقة لأن هذا الفهم يمكن أن يساعد في تشجيع التغييرات الإيجابية في سلوكنا تجاه البيئة والمساهمة في بناء مجتمع أكثر استدامة وانسجامًا مع الطبيعة، وحبذا لو استطعنا نشر ثقافة إعادة التدوير لبعض المواد التي تستهلك بكثرة ) (Recycling، وإحياء فكرة وفلسفة اصلاح ما يمكن إصلاحه ) Repairing philosophy ( كما كان يعمل بذلك أجدادنا، بذلا من الاعتماد على شراء الأشياء الجديدة والتخلص منها في فترة وجيزة بمجرد أن تخرب أو تتوقف عن العمل. ومن يدري، فربما من أسباب انتشار بعض الأمراض وتفشيها في مجتمعاتنا اليوم، قد يكون ناتج عن عدم فهمنا الحقيقي للتوازن البيئي الذي تحكمه العلاقات الوطيدة بين المخلوقات والطبيعة في هذا الكون، واسرافنا وافراطنا في استهلاك موارد هذا الكون بدون تكيس ولا تقدير ولا حسن تدبير واهمالنا لشكر النعم….
باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة
أحد مؤسسي منصة 3B Golden Gate لتعليم اللغة الإنجليزية والتدريب عن بعد:
Share this content:
تعليق واحد