جيل Z بين مطالب مشروعة وغياب لغة الحوار - m3aalhadet مع الحدث
قالب مع الحدث |أخبار 24 ساعة

جيل Z بين مطالب مشروعة وغياب لغة الحوار

IMG_20250928_041719

شهدت مدن مغربية عديدة خلال الأيام الأخيرة وخصوصا في نهاية الاسبوع، خروج مئات الشباب من جيل “Z” في مظاهرات سلمية متفرقة، في العديد من المدن والاقاليم رافعين شعارات تدعو إلى إصلاحات عميقة تمس مختلف القطاعات، وإلى محاسبة المفسدين الذين يعيقون التنمية والعدالة الاجتماعية.

هذه التحركات الشبابية عكست، بشكل جلي، وعيًا متزايدًا لدى الجيل الجديد بحقوقه ومطالبه، والتي تبقى في جوهرها مشروعة، إذ تركز على العدالة، تكافؤ الفرص، تحسين جودة التعليم والصحة، ومحاربة الفساد والزبونية. لكن ما أثار الانتباه هو الغياب اللافت للحكومة وأصوات المنتخبين، حيث لم تسجل أية مبادرات رسمية للحوار أو فتح قنوات للتواصل مع هؤلاء الشباب.

هذا الفراغ السياسي في التواصل جعل المحتجين في مواجهة مباشرة مع رجال الأمن، الذين تولوا مهمة التنظيم ومنع بعض المظاهرات من الانزلاق، ما يطرح إشكالية غياب لغة الحوار المؤسساتي التي من المفروض أن تقودها الحكومة والمنتخبون باعتبارهم صلة وصل بين الدولة والمجتمع.

ويرى متتبعون أن جيل Z بات اليوم قوة اجتماعية لا يمكن تجاهلها، إذ يملك أدوات جديدة للتعبير، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي حولها إلى منبر للتنسيق وتوجيه الرأي العام. لكن استمرار تجاهل مطالب هذه الفئة قد يؤدي إلى مزيد من الاحتقان، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتراجع الثقة في المؤسسات.

تحليل سياسي

إن الخرجات الأخيرة لشباب جيل Z لا يمكن اختزالها في مجرد احتجاجات عابرة، بل هي مؤشر على تحول عميق في الثقافة السياسية المغربية. فهؤلاء الشباب لم يعودوا يكتفون بدور المتفرج على السياسات العمومية، بل أصبحوا يطالبون بحقهم في صناعة القرار، متسلحين بوعي رقمي وجرأة غير مسبوقة.

في المقابل، يظهر أن النخب السياسية التقليدية لم تستوعب بعد هذا التحول، إذ لا تزال تعتمد خطابًا كلاسيكيًا قائمًا على التبرير والتسويف، بدل الانفتاح على لغة جديدة قادرة على الإقناع وبناء الثقة. هذا الانفصام بين جيل جديد طموح ومؤسسات جامدة هو ما يفسر حدة الشعارات وتكرار النزول إلى الشارع.

من جهة أخرى، فإن غياب مبادرات سياسية استباقية من شأنه أن يترك الساحة فارغة لخطابات أكثر راديكالية قد تستثمر في غضب الشباب، ما يشكل خطراً على الاستقرار الاجتماعي. لذلك، فإن تأطير هذه الدينامية عبر حوار مؤسساتي مسؤول بات ضرورة وطنية ملحة، وليس مجرد خيار سياسي.

خلاصة
المغرب اليوم أمام مفترق طرق: إما أن يلتقط رسالة جيل Z، ويحولها إلى فرصة لإعادة بناء الثقة وتجديد النخب السياسية، أو يواصل سياسة التجاهل التي قد تفتح الباب أمام موجات غضب أكبر يصعب التحكم في مخرجاتها.

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

‫من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي m3aalhadet مع الحدث