هند بومديان
“حين يتعرّى الوطن على الشاشة: العهر الرقمي وجريمة قتل القيم”
ذات مساء، وأنت تتصفح هاتفك بحثًا عن بصيص وعي أو فكرة تنير القلب، تصطدم بمشهد لا يُنسى: فتاة مغربية تبثّ على المباشر، بكلمات فاحشة، بألفاظ ساقطة، بجسد يُباع ويُشهر كما لو أنه لم يعُد للستر مكان في هذا الوطن.
ليس مشهدًا واحدًا. بل سيل لا يتوقف. موجة جارفة من “العهر الرقمي” تكاد تجرف معها كل ما تبقّى من قيمنا، حشمتنا، وصورتنا أمام أنفسنا قبل غيرنا.
هذا ليس انحرافًا عابرًا… هذه جريمة.
جريمة في حق الذاكرة الجماعية، في حق الأمهات اللاتي تعبْن من أجل أن يربين جيلًا نقيًا، في حق الشباب الذي يجد نفسه محاصرًا بين التافه والفاسد، دون قدوة أو منارة.
ما يحدث اليوم على مواقع التواصل ليس حرية تعبير، بل انتحار أخلاقي معلن. هو قتل بطيء للحياء المغربي، لتقاليدنا، لروحنا الأصيلة. والأخطر أنه يُمارَس بوجه مكشوف، بل يُمَجَّد أحيانًا ويُتابَع بشغف وكأنه “نجم الموسم”.
من المسؤول؟
هل نُحمّل المسؤولية فقط لهؤلاء الذين اختاروا عرض أجسادهم؟ أم للمجتمع الصامت؟ أم للدولة الغائبة في تقنين هذا الفضاء الإلكتروني الذي صار مستنقعًا؟
الحقيقة أن الجميع مسؤول.
إن ما نحتاجه اليوم ليس فقط قانونًا يُجرّم الإساءة للقيم، بل ثورة أخلاقية، واستفاقة وطنية شاملة، تبدأ من المدرسة، من البيت، من الإعلام، من كل يد تمسك بهاتف وتقرر أن ترفض هذا الانحطاط.
لأن الوطن حين يتعرّى على الشاشة، لا يسقط فقط في عيون الآخرين، بل يسقط من أعين أبنائه.
تعليقات ( 0 )