مع الحدث
المتابعة ✍️: مجيدة الحيمودي
في ظل الانتشار المقلق للكلاب الضالة في شوارع وأزقة المدن المغربية، تتعالى أصوات المواطنين متسائلة عن مصير الميزانيات الضخمة التي تخصصها الجماعات المحلية كل سنة لمحاربة هذه الظاهرة. سؤال مشروع يفرض نفسه بقوة: أين تذهب الملايين التي تُصرف سنوياً تحت بند “محاربة الكلاب الضالة”؟
بحسب تقارير متفرقة من مجالس جماعية، تُرصد مبالغ كبيرة سنوياً لمحاربة الكلاب الضالة، تشمل – نظرياً – عمليات تعقيم لتقليل التكاثر، وتلقيح للوقاية من داء السعار، وتوفير رعاية مؤقتة، إضافة إلى حملات تحسيسية. غير أن الواقع الميداني يكشف شيئاً مختلفاً: أعداد الكلاب في ازدياد مستمر، والتعقيم شبه غائب، والتلقيح إن وُجد فهو في الظل.
رغم بساطة وفعالية عملية تعقيم الكلاب في الحد من تكاثرها، إلا أن تنفيذها يبدو شكلياً أو منعدماً. فمشاهد الكلاب نفسها تتكرر في الأحياء عاماً بعد عام، لكن بأعداد مضاعفة، مما يشير إلى غياب حقيقي لأي برنامج تعقيم منظم أو فعال.
داء السعار، الذي يعتبر من الأمراض الفتاكة، ما زال يشكل خطراً على المواطنين، خصوصاً الأطفال، في ظل غياب أي إشارات واضحة عن حملات تلقيح شاملة ومنتظمة. الكلاب الضالة تتحول بذلك إلى “قنابل بيولوجية” متجولة، تهدد السلامة العامة، دون أن يتحمل أحد المسؤولية.
رغم حجم الأموال المعلنة، تغيب الشفافية عن طريقة صرف هذه الميزانيات. لا وجود لتقارير مفصلة، ولا لتتبع محاسباتي يُمكّن الرأي العام من معرفة أين وكيف تُصرف هذه الأموال. فهل تُمنح فعلاً لجمعيات فاعلة؟ أم تُوجه لشركات نالت الصفقات وفق معايير غير واضحة وبدون نتائج تُذكر؟
الوضع الحالي يستدعي دق ناقوس الخطر. فالمشكلة لم تعد فقط ظاهرة كلاب ضالة، بل صارت قضية سوء تدبير، وغياب محاسبة، وتبذير محتمل للمال العام. على الجهات المعنية، سواء على مستوى الجماعات أو وزارة الداخلية، أن تفتح تحقيقات جدية في كيفية تدبير هذه الميزانيات، وأن تقدم توضيحات للرأي العام.
بين عضات الكلاب، وخطر السعار، وغياب الشفافية، يبقى المواطن هو الضحية الأولى. وما لم تتم معالجة هذا الملف بجدية، فإن الأزمة ستستفحل، ليس فقط على المستوى الصحي والأمني، بل أيضاً على مستوى الثقة بين المواطنين والمؤسسات .
تعليقات ( 0 )