المتابعة ل : لحبيب مسكر
وفاة البابا فرنسيس بسكتة دماغية وقصور في القلب تُطلق شرارة أحد أكثر الطقوس غموضًا في العالم: الكونكلاف يبدأ
روما – أكد الفاتيكان، في بيان رسمي، أن البابا فرنسيس، الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية، قد توفي عن عمر ناهز 88 عاما، نتيجة سكتة دماغية حادة ترافقت مع قصور في القلب. وقد شكّلت وفاته لحظة مؤلمة للكاتوليكين في جميع أنحاء العالم، وفتحت في الوقت ذاته الباب لبدء أحد أقدم وأسرّ الطقوس الكنسية: الكونكلاف.
الكونكلاف، المشتق من الكلمة اللاتينية cum clave أي “مع مفتاح”، ليس مجرد مصطلح رمزي؛ بل واقع ملموس. إذ يُحجز الكرادلة، وعددهم قد يصل إلى 120 دون سن الثمانين، داخل كنيسة السيستينا، في عزلة تامة عن العالم، وتحت أنظار لوحات يوم القيامة التي أبدعها مايكل أنجلو، لاختيار خليفة جديد للبابا الراحل.
قبل الدخول إلى العزلة، يُقام قداس “من أجل انتخاب البابا”، حيث يطلب الكرادلة الهداية الإلهية. بعدها، يُقسمون على الصمت الكامل، ويُمنعون من أي تواصل مع الخارج. كسر هذا القسم يعني الحرمان الكنسي الفوري.
تُجرى جولات تصويتية ـ تصل إلى أربع مرات يوميًا ـ يُدلي خلالها كل كاردينال باسم مرشحه على ورقة اقتراع. تُعدّ الأصوات، وتُحرق الأوراق، في مشهد يُنتج الدخان الشهير: أسود إذا لم يُنتخب البابا، وأبيض حين يتم التوافق.
حتى هذا الدخان، له رمزيته وتقنياته: تُستخدم مركّبات كيميائية خاصة لإنتاج اللونين بدقة متناهية، تأكيدًا على أن لا شيء في الكونكلاف يُترك للصدفة.
يُذكر أن أول كونكلاف رسمي أُقيم عام 1274 بعد أزمة انتخاب دامت نحو ثلاث سنوات، ما دفع الكاتوليكيين آنذاك لحبس الكرادلة، ونزع سقف القاعة، وتقليل الطعام، إلى أن تم اختيار البابا في أيام قليلة. ومنذ ذلك الحين، أصبح الكونكلاف جزءًا مقدسًا من التراث الكاثوليكي، لكنه لا يخلو من التوترات والتحالفات والخطط المسبقة.
بمجرد انتخاب البابا، يتوجه إلى “غرفة الدموع” ليبدّل ثيابه، ويأخذ لحظاته الأولى كرأس للكنيسة. كثيرون بكوا هناك، مدركين أن حياتهم الشخصية قد انتهت، وبدأت مهمة مقدسة لا رجعة فيها.
في اللحظة المرتقبة، يظهر الكاردينال البروتوديكون على شرفة كاتدرائية القديس بطرس ليعلن: “Habemus Papam” – “لدينا بابا”، فيقدّم القائد الجديد للكنيسة الكاثوليكية نفسه للعالم باسم جديد، وهويّة متحوّلة.
تعليقات ( 0 )