مع الحدث/ بوسكورة
بقلم ✍️: ذ فيصل باغا
تشهد مدينة بوسكورة هذه الأيام أزمة بيئية وصحية حقيقية بسبب تدفق مياه الصرف الصحي في الشارع العام، وهو ما أثار غضب واستياء واسع لدى سكان المدينة الذين يعيشون في ظل ظروف صعبة ومزرية. المياه العادمة التي تجتاح الطرقات والأحياء السكنية لم تعد مجرد مشكلة مؤقتة، بل تحولت إلى كارثة تهدد الصحة العامة وتعرقل حركة السير وتؤثر سلباً على حياة الناس اليومية.
في مشهد يعكس مدى الإهمال الذي تعيشه المدينة، تبدو شوارع بوسكورة الرئيسية كأنهار من المياه القذرة، تحمل في طياتها روائح كريهة وحشرات وطفيليات تهدد سلامة السكان. هذا الوضع دفع العديد من المواطنين إلى التعبير عن استيائهم من غياب أي تدخل جدي من طرف المجلس الجماعي، الذي بدا وكأنه في “سبات عميق” لا يستيقظ منه، رغم كل النداءات والمطالب المستمرة.
تدفق مياه الصرف الصحي في الشوارع لا يشكل فقط تهديداً مباشراً لصحة السكان، بل يحمل في طياته أيضاً أضراراً بيئية جسيمة. المياه الراكدة تتسبب في تكاثر الحشرات والقوارض، وتلوث الهواء المحيط، كما تؤدي إلى أضرار في البنية التحتية للمدينة، حيث تتآكل الأرصفة والطرقات بسرعة، مما يزيد من تكاليف الصيانة ويعيق حركة المرور ويضعف صورة المدينة أمام الزوار والمستثمرين.
يشتكي السكان بشكل يومي من هذا الوضع، مؤكدين أن حياتهم باتت تعيسة بسبب هذه المشكلة التي لم تجد حلاً بعد. فالأطفال يتجنبون اللعب في الهواء الطلق، وكبار السن يعانون من أمراض الجهاز التنفسي، والنساء مضطرات لتجنب الخروج من منازلهن، بينما الطرقات تتحول إلى مستنقعات تعيق التنقل العادي.
الغريب في المشهد هو الصمت المريب والجمود الواضح من طرف المجلس الجماعي ببوسكورة، الذي يُفترض به أن يكون المسؤول الأول عن تسيير الشأن المحلي وحل مشاكل المدينة. رغم النداءات المتكررة، لم نرَ أي تحرك فعلي أو مشاريع إصلاحية على الأرض، مما يطرح تساؤلات حول جدية المجلس في تحمل مسؤولياته تجاه المواطنين.
رئيس المجلس الجماعي وأعضاء المجلس الآخرين يظهرون كما لو أنهم في سبات عميق، لا يتحركون إلا في مناسبات انتخابية أو اجتماعات شكلية، دون تنفيذ خطوات فعلية لحل أزمة الصرف الصحي التي تعاني منها المدينة منذ سنوات. هذا الوضع أدى إلى تفاقم حالة الغضب والاستياء لدى السكان، الذين بدأوا يفقدون الثقة في نوايا المسؤولين وقدرتهم على تحسين الأوضاع.
وسط هذا الوضع المأساوي، بات من الضروري تدخل الجهات العليا، وعلى رأسها وزارة الداخلية ووزارة التجهيز والنقل، للضغط على المجلس الجماعي وتحميله مسؤولياته. كما يجب فتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب التراخي في معالجة هذه الأزمة، والكشف عن أوجه صرف الميزانيات المخصصة للصرف الصحي والتعمير في المدينة.
الساكنة تطالب أيضاً بمحاسبة كل مسؤول ثبت تقصيره في أداء واجبه، خاصة في ظل استمرار هذه الكارثة التي تهدد حياة آلاف المواطنين. بالإضافة إلى ذلك، يطالب المجتمع المدني والفعاليات الحقوقية بتوفير حلول مستدامة، مثل تحديث شبكة الصرف الصحي، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وإنشاء مشاريع بيئية صحية تسهم في تحسين جودة الحياة.
مدينة بوسكورة اليوم تعيش واحدة من أسوأ أزماتها البيئية والصحية، حيث مياه الصرف الصحي تغرق الشوارع والطرقات، والمجلس الجماعي يتجاهل الأزمة كما لو أن شيئاً لم يحدث. لا يمكن السكوت أكثر على هذا الوضع الذي يهدد صحة وسلامة السكان، وينذر بتدهور بيئي واجتماعي خطير.
آن الأوان لأن يستيقظ المجلس الجماعي من سباته العميق، ويتحمل مسؤولياته كاملة، أو يفسح المجال لمن يستحق قيادة المدينة نحو مستقبل أفضل، يضمن لكل ساكن حياة كريمة وبيئة صحية وآمنة. فبوسكورة لا تستحق أن تبقى تحت وطأة الإهمال والتراخي، بل تستحق أن تزدهر وتتقدم بخطى ثابتة نحو التنمية المستدامة التي ينتظرها سكانها بفارغ الصبر.
تعليقات ( 0 )