الرقم الأخضر يطيح بباشا مراكش متلبسًا برشوة 3000 درهم.. نهاية صادمة لمسيرة دامت ربع قرن

مع الحدث/ مراكش

المتابعة ✍️: ذ عبد الجبار الحرشي

 

اهتزت مدينة مراكش مساء الإثنين 4 غشت الجاري، على وقع واقعة غير مسبوقة تمثلت في توقيف باشا الملحقة الإدارية “الإنارة” بمقاطعة المنارة، متلبسًا بتلقي رشوة قدرها 3000 درهم، داخل مقهى شعبي بمنطقة دوار سيدي مبارك.

 

العملية الأمنية، التي جاءت بتعليمات مباشرة من النيابة العامة، انطلقت عقب شكاية تقدمت بها مواطنة عبر الرقم الأخضر المخصص للتبليغ عن الرشوة، أفادت فيها بتعرضها للابتزاز المالي من طرف المسؤول الترابي ومرافقه عون سلطة مقابل تسوية ملف إداري يتعلق بمقهى تمتلكه.

 

وكشفت المعطيات أن المشتكي الرئيسي في هذه القضية لم يكن سوى طبيب عسكري وصاحب مقهى تحمل اسم “L’Élégance” بحي صوفيا، والذي أكد بدوره تعرضه لضغوطات مالية من المسؤولين المذكورين بغرض الحصول على رخصة الربط بالماء واستئناف نشاطه المهني.

 

بتنسيق محكم بين عناصر الشرطة القضائية ومصالح النيابة العامة، تم نصب كمين محكم أسفر عن ضبط الباشا وعون السلطة في حالة تلبس باستلام المبلغ المالي داخل المقهى المذكور ليجري توقيفهما واقتيادهما نحو مقر الشرطة، حيث تم وضعهما تحت تدابير الحراسة النظرية في انتظار استكمال البحث القضائي.

اللافت في القضية أن الباشا الموقوف يُعد من الأطر الإدارية المخضرمة إذ قضى أزيد من 25 سنة داخل الإدارة الترابية وشغل مناصب قيادية بعدد من مدن المملكة من مواليد مراكش سنة 1969، حاصل على الإجازة في اللغة الفرنسية، وتخرج من المعهد الملكي للإدارة الترابية ضمن الفوج 39.

بدأ مسيرته سنة 1999 بعمالة سيدي يوسف بن علي قبل أن يتدرج في مناصب متعددة بكل من تمارة، طنجة، الصويرة، عين حرودة، إلى أن عُيّن سنة 2023 باشا على رأس الملحقة الإدارية “الإنارة” بمقاطعة المنارة في المدينة التي وُلد بها.

مصادر من داخل الإدارة الترابية عبّرت عن صدمتها من الواقعة، خاصة وأن الباشا كان على بعد سنتين فقط من التقاعد، وكان يُصنّف ضمن الأطر المجربة في مجال تدبير الشأن المحلي مما جعل سقوطه المفاجئ محط استغراب كبير لدى زملائه ومرؤوسيه.

القضية أعادت تسليط الضوء على فعالية الرقم الأخضر الذي تشرف عليه رئاسةالنيابة العامة باعتباره آلية حقيقية لمحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة في وقت تتنامى فيه الدعوات لتقوية ثقافة التبليغ وتشجيع المواطنين على مواجهة الرشوة بدل الاستسلام لها.

وقد تم فتح تحقيق موسع من طرف الجهات المختصة لتحديد ما إذا كانت هناك ملفات أخرى مشابهة أو ممارسات سابقة من طرف الموقوفين على أن تُحال القضية على أنظار القضاء في الساعات القادمة.

بين مشوار مهني طويل ومسؤوليات كبرى في عدد من المدن المغربية وسقوط مدوٍّ بسبب 3000 درهم فقط تبقى القضية شاهدًا على مفارقة قاسية

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)