مع الحدث : ذ لحبيب مسكر
دخل حيز التنفيذ القانون رقم 03.23 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، وذلك بعد نشره في الجريدة الرسمية عدد 7437 بتاريخ 8 شتنبر 2025. ويأتي هذا المستجد التشريعي في سياق دينامية إصلاح منظومة العدالة ببلادنا التي انطلقت منذ عقود وتعززت بتوصيات ميثاق إصلاح منظومة العدالة وبالتوجيهات الملكية السامية.
القانون الجديد أكد على جملة من المبادئ الأساسية، أبرزها تعزيز قرينة البراءة وتفسير الشك لفائدة المتهم، وترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي باعتباره إجراءً استثنائيا مع توسيع بدائله مثل المراقبة القضائية أو السراح المقيد بشروط. كما دقق الضوابط المرتبطة بالوضع تحت الحراسة النظرية، من خلال إلزامية تسجيله في سجلات إلكترونية للرقابة، وضمان حقوق الموقوفين في الاتصال بالمحامي والإشعار بحقوقهم. ومنع كذلك الاعتداد بأي اعتراف منتزع بالعنف أو الإكراه تكريسا لمبدأ رفض التعذيب والمعاملة المهينة.
ومن بين المستجدات البارزة أيضا إيلاء عناية أكبر بضحايا الجريمة، وذلك عبر إشعارهم بمآل الشكايات والإجراءات، وتوفير الترجمة والمساعدة الاجتماعية عند الحاجة، وإحداث خلايا رسمية للتكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف. كما أولى المشرع أهمية خاصة لفئة الأحداث، حيث تم تحديد سن الرشد الجنائي في 18 سنة مع اعتماد مقاربة حمائية وإدماجية تراعي المصلحة الفضلى للطفل.
القانون الجديد واكب كذلك تطور الجريمة المنظمة والرقمية، من خلال تقنين استعمال تقنيات البحث الخاصة مثل اعتراض الاتصالات والتقاط الصور وتسجيل الأصوات واختراق الشبكات الإجرامية، مع وضع ضوابط قضائية دقيقة. كما عزز التعاون الدولي في الميدان الجنائي عبر آليات التسليم المراقب والفرق المشتركة وتبادل المعلومات.
ويستند هذا النص إلى فلسفة تحقيق التوازن بين حماية المجتمع من الجريمة وضمان حقوق وحريات الأفراد، كما أولى أهمية لمرحلة تنفيذ العقوبات عبر إدماج المحكومين وتشجيع السلوك الحسن داخل المؤسسات السجنية، وإقرار آليات للتخفيف من العقوبات ورد الاعتبار. وبهذا يدخل المغرب مرحلة جديدة في مجال العدالة الجنائية قائمة على النجاعة والإنسانية ومواكبة للتحولات الوطنية والدولية بما يعزز دولة الحق والقانون.
تعليقات ( 0 )