Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء جهات مجتمع

منى ملمان.. حين تتحول الفرشاة إلى حياة

 

منى ملمان.. حين تتحول الفرشاة إلى حياة

 

✍️. ه


ند بومديان

في مدينة الدار البيضاء، تنسج الفنانة التشكيلية منى ملمان عوالمها اللونية على إيقاع الألم والتجاوز. لم تكن بدايتها مع الفن وليدة دراسة أكاديمية صارمة، بل ثمرة موهبة فطرية نمت بين تفاصيل الحياة اليومية، واشتدت جذورها بعد لحظة فارقة غيّرت مجرى حياتها: وفاة زوجها سنة 2021.

تحكي منى أن علاقتها بالرسم بدأت منذ الطفولة، لكنها اتخذت منعطفًا حاسمًا حين وجدت في الألوان متنفسًا روحيًا وسندًا نفسيًا بعد الفقد. تقول: “الرسم لم يعد هواية، بل ضرورة وجودية. كانت كل ضربة فرشاة توازي نبضة حياة، وكل لون دواء لجراح القلب.”

رغم غياب التكوين الأكاديمي الرسمي، اختارت منى أن تصقل موهبتها من خلال ورشات متخصصة، أتاحت لها التعلّم المباشر من فنانين محترفين، وهو ما جعل تجربتها تمزج بين العمق العفوي والانضباط التقني. وقد تأثرت في بداياتها بالمدرستين الواقعية والتعبيرية، لما تحملانه من قدرة على ملامسة الشعور الإنساني وتجسيد التفاصيل اليومية بعين مرهفة.

أسلوب منى الفني يتسم بروح التجريب وتعدد الأدوات، حيث تفضل الاشتغال بخامة الأكريليك لما تمنحه من حرية ومرونة. وتتميز أعمالها ببعد إنساني ووجداني عميق، كما تعكس ارتباطًا قويًا بالهوية المغربية وجمال الطبيعة، فتستلهم من الزليج، الفخار، والألوان التراثية رموزًا تنبض بالدفء والانتماء.

عرضت منى أولى أعمالها خلال الملتقى الوطني الرابع للفنون الجميلة سنة 2023، وكانت تلك لحظة تحوّل من الظل إلى الضوء. توالت بعد ذلك مشاركاتها في معارض عديدة على المستوى الوطني، من بينها معرض مخصص للفنانات العصاميات، لكنها لم تتلقَّ بعد دعمًا مؤسساتيًا، الأمر الذي تعتبره تحديًا مستمرًا أمام الفنان المغربي عامة.

تطمح منى ملمان إلى تطوير أسلوبها ليصبح بصمتها الخاصة، وتحلم بعرض أعمالها في فضاءات دولية، كمعارض باريس أو البندقية. ورغم تحفظها تجاه الفن الرقمي، فإنها تؤمن بدور الفن كقوة فاعلة في تشكيل الوعي الجمعي والنهوض بالروح الإنسانية.

ببساطة، منى ليست فقط فنانة تشكيلية، بل امرأة وجدت في الفن طريقًا للنجاة، وبوابة للبوح، وجسرًا بين الألم والتعبير. في كل لوحة ترسمها، نلمس ذاك الامتداد العاطفي العميق بين الفنانة والحياة… حيث تصبح الريشة صوتًا، واللون نبضًا، واللوحة مرآة صادقة لروح عصامية تناضل في صمت.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

الفن جماعة لا وحدة… الفنانة بديعة سيكو تتحدث عن الإصدار الجماعي المشترك

 

الفن جماعة لا وحدة…


الفنانة بديعة سيكو تتحدث عن الإصدار الجماعي المشترك

✍️. هند بومديان

في تجربة جديدة تضاف إلى مسارها الفني، شاركت الفنانة التشكيلية بديعة سيكو في إصدار جماعي مشترك جمع عددًا من الفنانين التشكيليين المغاربة، وهي تجربة وصفتها بالمهمة والمُلهمة، خصوصًا من حيث روح التعاون والانفتاح التي ميزتها.

 

تقول بديعة: “هذا الإصدار لم يكن مجرد توثيق لأعمال فنية، بل كان فعلًا جماعيًا يحمل رسالة الفن كقيمة إنسانية وثقافية تتجاوز الفرد. من الجميل أن يجتمع فنانون من مشارب وأساليب مختلفة في عمل واحد، يعكس تنوع المشهد التشكيلي المغربي وغناه”.

 

وترى أن مثل هذه المبادرات ضرورية لإبراز صوت الفنان التشكيلي المغربي، خاصة في ظل قلة المنصات التي تتيح له الحضور والتفاعل. فحسب تعبيرها: “الإصدار الجماعي هو فضاء للحوار البصري والفكري، حيث يصبح العمل الفني جزءًا من نسيج متكامل لا يقلل من خصوصية الفنان بل يثريها”.

 

بالنسبة لبديعة، فإن هذا النوع من الإصدارات يشكل أيضًا فرصة للقاء غير مباشر مع الجمهور، وفرصة لمراجعة الذات الفنية من خلال المقارنة والاختلاف والتقاطع مع تجارب الآخرين. وتضيف: “حين ترى أعمالك إلى جانب لوحات زملائك، تكتشف أشياء جديدة عن نفسك، عن بصمتك، عن مسارك… هو تمرين صادق في التواضع والنضج”.

 

وتدعو إلى مزيد من هذه المبادرات الجماعية، لكنها تشدد على ضرورة أن تُرافق بدعم إعلامي وثقافي ومؤسساتي حقيقي، حتى لا تبقى مجرد لحظات عابرة. وتشير إلى أهمية أن تُتاح هذه الإصدارات للجمهور الواسع، لا أن تبقى حبيسة أروقة محدودة أو نسخ محصورة.

 

وختمت حديثها بالقول: “الفن يزدهر حين يُشارك، ويتنفس حين يُحتضن. والإصدار الجماعي هو شكل من أشكال هذا الاحتضان الجماعي للفن، للفكر، وللأحلام التي نرسمها جميعًا، كلٌّ بطريقته”.

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

الطبقة المتوسطة في المغرب اختناق صامت في زمن الغلاء

  1. من عمود الاستقرار إلى هامش المعاناة:

الطبقة المتوسطة تُستنزف

هند بومديان

لطالما شكلت الطبقة المتوسطة في المغرب العمود الفقري للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. هي الشريحة التي تعيش بين طرفي نقيض: لا هي فقيرة معدمة، ولا هي غنية مترفة. لكن في السنوات الأخيرة، بدأت هذه الفئة تعرف تحولات جذرية، تكاد تمحو معالمها وتذيبها في بحر الهموم اليومية وغلاء المعيشة. فهل نحن أمام انقراض تدريجي لهذه الطبقة؟ أم أن الأمر مجرد تحول اجتماعي اقتصادي يفرز ملامح جديدة لمجتمع مغربي متغير؟

 

 

الطبقة المتوسطة.. من كانت؟

 

كانت هذه الطبقة تضم الموظف، المعلم، الإطار، الصيدلي، الحرفي المتعلم، أصحاب المقاولات الصغيرة، وكل من كان دخله يسمح له بتغطية الحاجيات الأساسية، تعليم الأبناء، التداوي، والتفكير في مشاريع صغيرة دون الغرق في الدين أو الفقر.

 

زمن الأزمة: حين تصبح الكرامة ترفًا

 

اليوم، أصبح الحديث عن “الطبقة المتوسطة” أشبه بالحنين لزمن مضى. الموظف الذي كان يملك سيارة متوسطة ومنزلًا بسيطًا، أصبح يغرق في القروض لتأمين مدرسة خاصة، أو علاج في مصحة، أو حتى شراء لوازم شهرية. الغلاء المتصاعد، تجميد الأجور، ضعف الحماية الاجتماعية، وارتفاع الضرائب، كلها عوامل دفعت هذه الطبقة نحو الهشاشة.

 

 

هل نحن أمام انقراض أم تحول؟

 

الطبقة المتوسطة لا تنقرض كما تنقرض الكائنات، لكنها تذوب وتتبدل. جزء كبير منها انزلق نحو الفقر، وآخر يحاول البقاء عبر التنازل عن أنماط عيش كانت تعتبر عادية. في المقابل، برزت طبقة جديدة: طبقة استهلاك متناقض، تعيش المظاهر أكثر من الواقع، تقترض لتسافر أو تشتري هاتفًا ذكيا، لكنها لا تملك مدخرات، ولا استقرار مالي حقيقي.

 

السياسات العامة والمسؤولية الجماعية:

 

الدولة مسؤولة عن هذا التحول، لأنها لم تحمِ هذه الطبقة من الانزلاق، بل ساهمت في إنهاكها عبر رفع الدعم، وتجميد الأجور، وفرض ضرائب غير عادلة. كما أن غياب إصلاحات تعليمية وصحية عادلة جعل كل أسرة متوسطة تُضطر لتحمّل أعباء الخدمات التي كان من المفترض أن تكون مجانية أو شبه مجانية.

 

الطبقة المتوسطة في المغرب لا تختفي فجأة، لكنها تتحول بصمت مؤلم. وإن لم تتدارك السياسات العمومية الأمر، فستفقد البلاد ركيزة توازنها، وتفتح الباب على مصراعيه نحو مجتمع منقسم بين القلة المترفة والغالبية المحرومة. فهل نملك الشجاعة لطرح الس

و الأهم: أي مجتمع نريد؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

أزمة الفن التشكيلي في ظل صمت الوزارة

 

“حين يُقصى الجمال: أزمة الفن التشكيلي في ظل صمت الوزارة”

هند بومديان

في ركنٍ معتم من المشهد الثقافي المغربي، يجلس الفن التشكيلي على قارعة الانتظار. لا صخب إعلامي يحيطه، ولا التفاتة جادة من وزارة يفترض أنها وُجدت لحمايته. في زمن تتحول فيه الصورة إلى لغة عالمية، ويصبح فيها التعبير البصري قوة ناعمة لصناعة الوعي والجمال، يُقابَل الفن التشكيلي المغربي بالإهمال والتجاهل، وكأنّ الريشة لا تستحق أن تُحمى.

فأين الخلل؟

الخلل أولًا في التصور الرسمي للفن. لا تزال وزارة الثقافة تنظر للفن التشكيلي كأمر هامشي، لا يندرج ضمن أولوياتها، بل وتتعامل معه كمجرد ديكور في فعالياتها الرسمية. لا استراتيجية واضحة، لا استثمار حقيقي، ولا رغبة في تأسيس قاعدة متينة لهذا الفن العريق.

ثم هناك غياب البنية التحتية: أين هي المتاحف الوطنية؟ أين هي قاعات العرض المفتوحة على مختلف جهات المملكة؟ لماذا لا نجد حضورا فعليًا للفنانين التشكيليين في أجندة الثقافة المغربية؟ لماذا يضطر أغلبهم للتمويل الذاتي من أجل إقامة معرض أو طبع كاتالوغ؟

أما المعضلة الأخطر، فهي في تغييب الفن عن المجتمع. الإعلام لا يمنح له مساحة، والمدرسة لا تعرّف به، والمجالس المحلية لا تدمجه في مشاريعها التنموية. فنانون كبار رحلوا دون أن نعرف عنهم شيئًا، وآخرون صامدون بأدوات بسيطة وإرادة تكاد تُخنق.

لكن، الأزمة ليست قدَرًا. بل هناك حلول جريئة وممكنة، تنتظر فقط من يتحمل مسؤوليته:

  • أن تتحول وزارة الثقافة من جهاز بيروقراطي إلى حاضنة حقيقية للمواهب.
  • أن تُدمج الفنون التشكيلية في النظام التعليمي كمساحة للتفكير الخلاق لا مجرد نشاط ترفيهي.
  • أن تُخصص ميزانيات محترمة لدعم الإنتاج، التكوين، والتنقل الفني داخل وخارج الوطن.
  • وأن تُمنح الفنانات والفنانون مكانتهم كصُنّاع للهوية البصرية المغربية، لا كزُوار موسميين في معارض جوفاء.

الفن التشكيلي ليس امتيازًا للنخبة، بل هو حق جماعي في الجمال والتأمل والاحتجاج البصري. وتركه يتآكل في العزلة هو تواطؤ ضمني مع البشاعة والتفاهة. آن للوزارة أن تفتح عينيها، أو على الأقل، أن تسمع صرخة اللون قبل أن تصير صرخة الرحيل.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء

كلمة الفنانة التشكيلية نعيمة زمرو عن الإصدار الجماعي للفنانين التشكيليين

 

الفن حين يُصبح صدىً جماعيًا للروح…

نعيمة زمرو عن الإصدار الجماعي للفنانين التشكيليين

تحت إشراف هند بومديان

في زمن تتآكل فيه المعاني خلف ستائر العجلة والسطحية، ينبثق هذا الإصدار الجماعي كفسحة ضوء ومقاومة ناعمة. ليس مجرد عمل فني أو تجميع لأصوات مشتتة، بل نداء جَماعي نبيل، تناغمت فيه رؤى فنانين من مدارس متعددة، وجمعتهم امرأة آمنت بأن الفن لا يُكتمل إلا حين يُشارك.

لقد كان هذا المشروع، بالنسبة لي، تجربة فريدة تُعيد تعريف الفن كمجال للقاء، لا للعزلة. لكل مشاركة وقعها الخاص، ولكل لمسة نبرة مختلفة، لكن ما منح لهذا العمل روحه المتفردة، هو تلك اليد الخفية الصبورة، التي جمعت، نسّقت، راسلت، شجّعت، وآمنت بأن هذا الحلم يمكن أن يصير حقيقة.
تلك اليد كانت هند بومديان.

هند لم تكن فقط منسّقة، بل كانت القلب النابض لهذا العمل. جمعتنا كمن تجمع شظايا مرآة، لتصنع منها صورة مكتملة لفن مغربي حرّ، حيّ، نابض بالأسئلة. كانت الحاضرة في التفاصيل، والغيورة على الجَمال، والمدافعة عن كل صوت صادق. بفضلها، لم يكن هذا الإصدار مجرد تجربة فنية، بل لحظة ولادة، وبيان انتماء لجيل يرفض أن يُقصى أو يُختزل.

هذا العمل الجماعي هو إعلان جماعي للحب، للجرأة، وللاستمرار. وقد كانت هند، بكل لطفها وإصرارها، شاهدة ومُنجزة، صاغت لحمتنا من اختلافنا، وجعلتنا نؤمن بأن الفن، حين يُقاد بالشغف، يمكنه أن يهزم الصمت.

ففي زمن يزداد فيه الضجيج ويخفت فيه صوت المعنى، يأتي هذا الإصدار الجماعي كمحاولة نبيلة لإعادة تشكيل الوعي من خلال الفن، لا بوصفه ممارسة فردية فحسب، بل كحالة تشاركية تُجسد نبض جيل، وقلق مرحلة، وأمل وطن. وبين هذه الصفحات، لم يعد الفنان ذاك الكائن المنعزل في مرسمه، بل صار شاهداً ومُشاركاً في كتابة مرآة جماعية تعكس ما لا يُقال.

بالنسبة لي، هذا العمل لم يكن مجرد مشاركة في مشروع فني… بل كان فعل انتماء. انتماء للفن كقيمة روحية، وللمجتمع ككائن حي يحتاج لمن يصغي لنبضه ويعيد ترجمته بلغة جمالية راقية. لقد جمعتنا فكرة واحدة: أن نرسم بالكلمات، أن نكتب باللون، أن نصوغ ذواتنا في لوحات فكرية تفتح نوافذ للتأمل بدل أن تُغلق الأبواب بالحكم.

كل مساهمة في هذا الإصدار كانت بمثابة بصمة روحية، ليست فقط للفنانين المشاركين، بل للمشهد الثقافي المغربي برمّته. ما يجعل هذا العمل متفرّدًا هو كونه وُلد من الالتقاء، لا من الاستعراض. من التواضع الإبداعي، لا من نرجسية الفن. هو مساحة نقية، حرّة، لا يُقاس ثقلها بعدد الصفحات، بل بعمق الأسئلة التي تطرحها.

هذا الكتاب، بكل بساطة، يُعيد للفن وظيفته الأولى: أن يكون سؤالًا مفتوحًا، أن يكون مقاومة ناعمة، أن يكون ملاذًا للباحثين عن الضوء في متاهة الواقع.

إنني أعتبر هذا الإصدار الجماعي لحظة فارقة في مساري، لأنه منحني فرصة للكتابة من القلب، وللإصغاء إلى تجارب مختلفة، وللتأمل في جوهر الفن كجسر لا كجدار. لقد حملنا هذا المشروع الجماعي، كلٌ من موقعه، كمن يحمل طفلًا في طور التكوين، بكل ما يتطلبه من رعاية، وصدق، وجرأة.

تحية لكل فنان وفنانة ساهموا في ولادة هذا الجمال. ولتكن هذه الخطوة بداية لمسار لا ينطفئ فيه الضوء

و تحية من القلب لهند بومديان، قائدة الحلم، وصانعة هذا الأفق المفتوح.

 

 

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

كلمة الفنانة التشكيلية ليلى بنرباك حول الإصدار الجماعي ظلال الذات و ألوان الرؤية

  1. كلمة الفنانة التشكيلية ليلى بنرباك (ألوان رباكيات الحمراء) – مراكش

إن مشاركتي في هذا الإصدار الجماعي للفنانين التشكيلين  ليست مجرد حضور عابر، بل هي محطة فنية وروحية أعتز بها كثيرًا، لأنها تعكس جزءًا من تجربتي وتمنحني فرصة للقاء الرمزي مع فنانين وفنانات يتقاسمون الشغف ذاته رغم اختلاف الأساليب والمقاربات.
منذ أن أمسكت أول مرة بريشة طفلة، لم أكن أدرك أنني سأمضي عمرًا أبحث من خلالها عن ذاتي، عن صمتي، عن أسئلتي العميقة التي لا تجيب عنها الكلمات، بل تتجلى على سطح اللوحة، في تقاطعات الضوء والظل، في انحناءات الخطوط وتدرجات اللون.
وجدت في الفن لغة ثالثة، لا هي عامية ولا فصحى، بل لغة الروح الحرة. وخلال جائحة كورونا، حين كان العالم صامتًا ومنزويًا، انفتحت أمامي نوافذ داخلية عميقة، وكانت اللوحة فضاءً للبوح وللتنفس وللإيمان من جديد بالقدرة على الخلق والاستمرار.

مشاركتي في هذا العمل الجماعي تأتي تكريسًا لهذا الإيمان. فهي ليست فقط مساهمة فنية، بل أيضًا مساهمة إنسانية وحوارية. أومن أن الفن ليس ترفًا أو زخرفًا، بل ضرورة وجودية، ومسؤولية أخلاقية تجاه الذات والمجتمع.
كل عمل أقدمه ينبع من تجارب شخصية، من مشاهدات يومية، ومن تأملات في الطبيعة والمجتمع المغربي الغني بتنوعه الثقافي والروحي. أستلهم من مدن المغرب، من حجارة مراكش الحمراء، من صخب الأسواق وصمت الزوايا، من وجوه الناس ومن الحنين المستتر في التفاصيل الصغيرة.

رغم أنني لم أتلقَّ تكوينًا أكاديميًا، فإن مساري كان وما يزال رحلة تعلم مستمرة، عبر الاحتكاك، عبر المعارض، عبر الشغف. وهذه التجربة المشتركة اليوم هي حلقة جديدة من هذا التعلم، من هذا الانفتاح، ومن هذا الحلم الجماعي الذي ننسجه معًا كفنانين مغاربة.

أشكر كل من ساهم في خلق هذا الفضاء الفني، وأتمنى أن يصل صداه إلى القلوب، وأن يكون لبنة إضافية في بناء مشهد فني مغربي حديث، متجذر، منفتح، وقادر على التأثير.

ريشتي ممتنة، وقلبي مفعم بالأمل.

ليلى بنرباك
ألوان رباكيات الحمراء – مراكش

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

إصدار جماعي للفنانين التشكيليين يوقظ لغة الجمال الخفي”

“تجليات الروح على قماشة الخلود:
إصدار جماعي للفنانين التشكيليين يوقظ لغة الجمال الخفي”

في عالم يتسارع فيه الإيقاع حد التلاشي، تبرز الفنون التشكيلية كأحد أعمق أشكال التعبير عن الذات والروح. إنها ليست مجرد ألوان وخطوط، بل هي شيفرة سرية تكشف عن عمق التجربة الإنسانية، تنبض بالحس، وتنطق بما تعجز الكلمات عن قوله.

وها نحن نقترب من حدثٍ سيكون علامة فارقة في مسار الإبداع، إصدار خاص سيجمع نخبة من الفنانين التشكيليين، وسيمنحهم منبرًا يليق بما تحمل أياديهم من رسائل تتجاوز البصر نحو البصيرة.
من تأليف الكاتبة هند بومديان، يأتي هذا العمل كاحتفاء بالفن لا كمادة للعرض، بل كحالة وجودية تُعاش وتُحس، كصوت الروح حين تتكلم عبر اللون والظل والنور.

الفنانون لا يرسمون فقط، إنهم يعرّون المشهد الداخلي للإنسان، يسائلون الذاكرة، ويعيدون تشكيل الواقع برؤية مغايرة. هذا الإصدار المرتقب لن يكون مجرد توثيق، بل دعوة للتأمل، لفهم ما وراء الفرشاة، وما يسكن القماشة من توتر الجمال والبحث عن المعنى.

إنه تظاهرة بصرية ـ فكرية، تسلط الضوء على تجارب فردية شكّلتها الأحلام والانكسارات، وتعيد طرح السؤال الأبدي: ما الفن؟ ومن الفنان؟ وهل يكفي الجمال وحده ليخلّد العمل؟

كل لوحة، كل ملمس، كل لون، سيكون شاهداً على لحظة خلق خالدة. ومن خلال هذا الإصدار، ستُروى الحكايات التي لم تُقل، وتُكتشف الأصوات التي كانت صامتة.

فليكن هذا الحدث تتويجًا لما لم يُقال بعد

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

حين يتعرّى الوطن على الشاشة: العهر الرقمي وجريمة قتل القيم

هند بومديان

“حين يتعرّى الوطن على الشاشة: العهر الرقمي وجريمة قتل القيم”

ذات مساء، وأنت تتصفح هاتفك بحثًا عن بصيص وعي أو فكرة تنير القلب، تصطدم بمشهد لا يُنسى: فتاة مغربية تبثّ على المباشر، بكلمات فاحشة، بألفاظ ساقطة، بجسد يُباع ويُشهر كما لو أنه لم يعُد للستر مكان في هذا الوطن.

ليس مشهدًا واحدًا. بل سيل لا يتوقف. موجة جارفة من “العهر الرقمي” تكاد تجرف معها كل ما تبقّى من قيمنا، حشمتنا، وصورتنا أمام أنفسنا قبل غيرنا.

هذا ليس انحرافًا عابرًا… هذه جريمة.

جريمة في حق الذاكرة الجماعية، في حق الأمهات اللاتي تعبْن من أجل أن يربين جيلًا نقيًا، في حق الشباب الذي يجد نفسه محاصرًا بين التافه والفاسد، دون قدوة أو منارة.

ما يحدث اليوم على مواقع التواصل ليس حرية تعبير، بل انتحار أخلاقي معلن. هو قتل بطيء للحياء المغربي، لتقاليدنا، لروحنا الأصيلة. والأخطر أنه يُمارَس بوجه مكشوف، بل يُمَجَّد أحيانًا ويُتابَع بشغف وكأنه “نجم الموسم”.

من المسؤول؟

هل نُحمّل المسؤولية فقط لهؤلاء الذين اختاروا عرض أجسادهم؟ أم للمجتمع الصامت؟ أم للدولة الغائبة في تقنين هذا الفضاء الإلكتروني الذي صار مستنقعًا؟

الحقيقة أن الجميع مسؤول.

إن ما نحتاجه اليوم ليس فقط قانونًا يُجرّم الإساءة للقيم، بل ثورة أخلاقية، واستفاقة وطنية شاملة، تبدأ من المدرسة، من البيت، من الإعلام، من كل يد تمسك بهاتف وتقرر أن ترفض هذا الانحطاط.

لأن الوطن حين يتعرّى على الشاشة، لا يسقط فقط في عيون الآخرين، بل يسقط من أعين أبنائه.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

“حين تتحوّل المدن إلى منصات كبرى: المعارض الموسمية بين الحلم التنموي والواقع المجالي”

“حين تتحوّل المدن إلى منصات كبرى: المعارض الموسمية بين الحلم التنموي والواقع المجالي”

 

هند بومديان

في كل سنة، تنبض بعض المدن المغربية بنبض مختلف، حياة مؤقتة مفعمة بالحركة والوعود، حين تحتضن معارض موسمية كبرى تغيّر وجه المدينة وتشدّ الأنظار الوطنية والدولية. ومعرض الفلاحة الدولي بمدينة مكناس هو واحد من أبرز هذه الفعاليات، ليس فقط باعتباره تظاهرة اقتصادية ضخمة، بل كمرآة تعكس دينامية التنمية في المجال الفلاحي وتطرح في الآن ذاته أسئلة عميقة حول العدالة المجالية، الاستدامة، وجدوى هذا النوع من التظاهرات.

مكناس… مدينة ترتدي عباءة دولية لأيام معدودات

حين يحل موعد معرض الفلاحة، تتحوّل مكناس من مدينة مغربية تحمل تاريخًا عريقًا إلى مركز اهتمام قاري وعالمي، تستقبل وزراء وخبراء ومستثمرين وشركات من مختلف القارات. تنشط الفنادق والمقاهي، وتنتعش الأسواق، وتظهر المدينة كما لو أنها تستعيد بريقًا كان مفقودًا.

لكن، ماذا بعد المعرض؟
هل ينعكس هذا الزخم على البنية التحتية للمدينة؟ هل يحسّ الفلاح الصغير الذي يسكن القرى المجاورة بأي أثر فعلي لهذا الحدث؟ وهل تبقى المعرفة التقنية والمعدات المتطورة التي تُعرض في متناول اليد بعد نهاية التظاهرة؟

المعارض الموسمية… بين الفكرة والممارسة

المعارض، في جوهرها، لحظة احتكاك وتبادل، مساحة لتلاقي الأفكار والمنتجات والثقافات. لكنها أيضًا اختبار حقيقي لمدى قدرة الدولة على ضمان أن تنعكس هذه اللحظات الاستثنائية على المعيش اليومي للساكنة، خصوصًا في المدن التي تستضيفها.

معرض مكناس يعري واقعًا مركبًا: مدينة تعاني من الإهمال، تلبس زيًا عالميًا لأسبوع، ثم تعود لرتابتها. وفلاح مغربي صغير لا زال ينتظر الدعم، بين حلم العرض الفلاحي الضخم وواقع المعاناة مع الماء، السوق، والوسيط.

نحو عدالة معرضية

قد يكون السؤال الأهم هو: كيف نجعل من هذه المعارض الموسمية قاطرات تنموية حقيقية؟
كيف نحوّلها من مناسبات احتفالية إلى مشاريع تمتدّ آثارها على مدار السنة؟
وكيف نعيد ربط المدينة والقرية، المركز والهامش، عبر هذه الديناميات؟

ليس المطلوب إلغاء المعارض، بل إعادة التفكير فيها. إعادة توزيع أدوارها، إشراك الفئات المهمّشة، بناء جسور دائمة بين العرض والطلب، بين السياسة والواقع، بين الشعارات والتنفيذ.

معرض الفلاحة بمكناس نموذج ناجح شكليًا، لكنه يحمل بين طيّاته تحديات تنموية ومجالية عميقة. هو مرآة لبلد يسعى للتحديث، لكنه لا يزال يتلمّس طريق العدالة المجالية.
المعارض الموسمية ليست فقط مناسبات للاستهلاك والانبهار، بل فرصة لإعادة بناء العلاقة بين الإنسان، الأرض، والسياسات العمومية.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء مجتمع

ظلال الذات و ألوان الرؤية

“ظلال الذات وألوان الرؤية”… من سيرة الحياة إلى نقد الريشة.

 

إعداد و تقديم هند بومديان

في مبادرة نوعية تمزج بين التوثيق الفني والتأمل الإنساني، أطلقت مؤسسة هندابلانكا للتنمية الاجتماعية إصدارًا جماعيًا يحمل عنوان “ظلال الذات وألوان الرؤية: من سيرة الحياة إلى نقد الريشة”، وهو كتاب حواري فني يجمع شهادات وتجارب مجموعة من الفنانين التشكيليين المغاربة من مختلف المدن والجهات، بتنسيق وتقديم من الإعلامية والفاعلة الثقافية هند بومديان.

هذا العمل ليس مجرد توثيق لسِيَر ذاتية ولا استعراض لمسارات فنية، بل هو نافذة مفتوحة على دواخل الفنانين، حيث تتقاطع تجارب الحياة الشخصية مع التحولات الإبداعية، وتُروى الرحلة من الطفولة الأولى للّون إلى نضج الأسلوب وبروز البصمة الجمالية الخاصة بكل فنان.

الكتاب يُقدم بلغة راقية وأسلوب حواري سلس، معزَّز بصور للوحات مختارة تعبّر عن مراحل مختلفة من الإنتاج الفني للمشاركين. كما يطرح أسئلة عميقة حول علاقة الفنان بعالمه، برؤيته، بمحيطه، وبقضايا المجتمع، مما يجعل منه مرجعًا بصريًا وسرديًا في آنٍ واحد.

جاء هذا المشروع ليعكس أيضًا التزام مؤسسة هندابلانكا بتثمين الثقافة البصرية وتعزيز دور الفن التشكيلي كرافعة للتنمية، ولتسليط الضوء على أصوات إبداعية تستحق أن تُسمع وتُقرأ وتُحتفى بها.

في كلمتها التقديمية، كتبت هند بومديان:
«هذا الكتاب ليس فقط لقاءً مع الفنان، بل هو أيضًا تأمل في الإنسان الذي يسكن خلف الألوان، ذلك الذي يجعل من الألم فرحًا، ومن الذكرى لوحة، ومن الريشة معنى يتجاوز الظاهر».

“ظلال الذات وألوان الرؤية” هو احتفاء بالفن كفعل وجود، وبدور الفنان في إعادة تشكيل رؤيتنا للعالم، وهو أيضًا دعوة لقراءة اللون بما يحمله من أسرار، ولقراءة الذات من خلال آثارها في اللوحة.