سياسة النفور و اختراق الدستور…؟
منصف الإدريسي الخمليشي
تعرف المنظومة التربوية المغربية خروقات كبيرة, سيما على مستوى تسجيل التلاميذ الجدد بالمستوى الأول ابتدائي, و هذا ما تحاول المملكة المغربية جاهدة إصلاحه, إلا أن بعض المسؤولين على هذه العملية يقومون بخرقات كبيرة, و في هذا المقال سنستعرض حالة حية لطفلة في سن التمدرس.
يعتبر الوسط الهش و الأحياء الشعبية, إحدى النقط السوداء التي تتراكم فيه نسب الجرائم بشكل فظيع, أول ما يمكننا أن نبدأ به هو استعراض أهم ما جاء في الفصل 31 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011, بعد ثورة الربيع العربي احتدم الشارع المغربي بوقفات احتجاجية مطالبة بتغيير جوانب عديدة في الدستور, و يقول هذا الفصل:
” تعمل الدولة و المؤسسات العمومية و الجماعات الترابية, على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسر أسباب استفادة المواطنين و المواطنات, على قدم المساواة من الحق في:
– العلاج و العناية الصحية
– الحماية الاجتماعية و التغطية الصحية, و التضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة.
– الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج و ذي جودة…….”
و أكثر ما يهمنا في هذه الفقرة من الباب 2 ” الحريات و الحقوق الأساسية” في الفصل 31 من الدستور المغربي الذي توافق عليه جل مكونات المجتمع المغربي عبر استفتاء نظمته المملكة المغربية في عام 2011.
بناء على هذا نستعرض حالة الطفلة ” إسراء ” التي رفض مدير “مدرسة العهد الجديد الابتدائية” تسجيلها بحجة امتلاء الطاقة الاستيعابية للمؤسسة, إلا أن هناك ما يثبت صحة هذه الفرضية, و هو الحوار الذي دار بينه و بيننا, حيث طلبنا السيد المدير من أجل تسجيل الطفلة, فكان الجواب ” هل درست مرحلة التعليم الأولي في هذه المدرسة؟”
لنفترض أن هذه الفرضية فعلا صائبة, فلنقم بصياغة فرضية أخرى, ” ماذا لو درست الطفلة (إسراء) مرحلة التعليم الأولي في مدرسة العهد الجديد الابتدائية؟” كانت ستظفر بإحدى المقاعد في المدرسة العمومية و سيكفل لها حق و الذي من المفروض هو حقها و هنا نلمس مساس بالحريات العامة فيما يخص اختيار موقع التمدرس.
إذن, آنذاك لم تعد المؤسسة ممتلئة, ما هذا التناقض, و عند طلبنا المذكرة التي تثبت هذا لاحظنا تلعثم في طريقة الكلام, و من الطبيعي أن نطالب بوثيقة رسمية يضمنها الدستور المغربي كما هو منصوص عليه في الفصل 27 منه ” للمواطنين و المواطنات حق الحصول على المعلومات, الموجودة في حوزة الإدارة العمومية, و المؤسسات المنتخبة, و الهيئات المكلفة بمهام المرفق العام.
لا يمكن تقييد حق في المعلومة إلا بمقتضى القانون, بهدف حماية كل ما يتعلق بالدفاع الوطني, و حماية و أمن الدولة الداخلي من المس بالحريات و الحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور, و حماية مصادر المعلومات و المجالات التي يحددها القانون بدقة.”
إذن فولوجنا لمؤسسة عمومية من أجل تسجيل ابننا أو ابنتنا أصبح مهدد بقوة القوانين الغوغائية و التعالي على الأفراد, فلا يمكن لموظف في القطاع العام, أجرته تقتطع من أموال دافعي الضرائب, أن يتعامل بهذه البرودة التي يمكنها أن تؤدي بنا إلى مجتمع أكثر تخلفا و أكثر تراجعا على مستوى التعليم, يكفي أننا في المرتبة 101 في مستوى تدني شهادة البكالوريا, يكفينا التقرير السنوي للمندوبية العامة لإدارة السجون الذي يؤكد في سنة 2022 أن المغرب به أزيد من 97 ألف سجين, و كل واحد من هؤلاء يكلف الدولة أزيد من 80 درهم يوميا, يكفينا تقدير وزارة الصحة سنة 2015 أننا في وطننا نتوفر على أزيد من 55 ألف عاهرة, يكفينا أن في المغرب حوالي 196 ألف متسول حسب إحصائيات رسمية.
هذه نماذج لمعطيات رسمية و نضيف و نذكر أننا في الرتبة 129 في مؤشر التنمية البشرية.
قد يقول قائل أن رفض تسجيل طفلة في مدرسة عمومية ليس له علاقة مع هذه الأمثلة المذكورة أعلاه, سنؤكد قولهم و لكن نحن نذكر نتائج هذه الحالة إذا لم يتم تسجيلها في القريب العاجل خاصة و أنها في وسط هش ممتلئ بجميع أنواع الجريمة ” اغتصاب, قتل, تجارة في البشر” و أخطر جريمة التي سيحاسب عليها جميع من ارتكبها هي التسبب في الهدر المدرسي.
إذن, هذه رسالة للسيد وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة ” شكيب بنموسى” إننا ندعوكم بالتدخل و بشكل عاجل, إسراء نقطة صغيرة في البحر الأبيض المتوسط و المحيط الأطلسي, لعل المغرب شاسع المساحة بأكثر من 710 ألف كيلومتر, فمن العيب و العار أن لا تجد مقعدا يعادل نصف متر من أجل طلب العلم.
إننا لا نعمل بمنطق ” كبرها تصغار كما يزعمون” و لكن نريد إنقاد ما ضاع, فهذا المقال بمثابة تحذير لانتكاسة كبيرة قد تقع في الموسم المقبل فالعديد من الأطفال غادروا المغرب عبر سبتة أو مليلية رغبة منهم في العيش الكريم.
الكرامة كما حددها القرآن الكريم و السنة النبوية و القوانين الوضعية فأولى من أولى تمظهراتها هي الاستمتاع بالحقوق الأساسية التي يجب على كل انسان أن يظفر بها.
إننا نريد خيرا لهذا الوطن, و لا يمكن الصمت على جريمة, خاصة أن موعد التسجيل لم يغلق بعد, انطلقت العملية منذ فاتح أبريل و ستنتهي يوم 25 يونيو, و جدة هذه الطفلة, منذ مدة و هي تحاول أن تفعل إلا و أن مصيرها كان هو ” البلايص عمروا” هل مازلنا في سنوات الرصاص و زمن بنت الكوميسير…؟
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق