بقلم الإعلامي / امين الزتي
هناك في الحياة معنى حقيقي للإنسانية ، فليست تلك العبارة البسيطة في نطقها بين أحضان شفتين ، ولكن بعمقها الدلالي ، الذي نلاحظه كلما حلت نازلة من النوازل ،الا والمواقف عنوان على جبين الحدث ، والحال نعطي فيه النموذج الكامل لحادث الطفل ريان ، الذي اجتمعت حول قضيته قلوب العرب ، كما هو الحال اليوم لحادث زلزال الحوز وباقي المناطق التي شهدت الرعب ، ومن هنا يحق لنا أن نأكد، أن المغاربة شعب لا مثيل له من الجانب التضامني الذي لمسناه فيه في نوازل مختلفة، وهذا ليس بوليد اليوم، وإنما هو تصرف متجدر عبر التاريخ ، كسوة الفقير وإطعام الجائع وسقي العطشان ونصرة المضلوم ، كلها تصرفات نابعة من مكارم الأخلاق وما تربى عليه الأجيال مند الأزل أبا عن جد ، والحال مثلما وقع للجارة الجزائرية التي يتشدق فيها اليوم أتباع النظام العسكري، وهم الذين لم يجدوا مند عصور خلت غير أحضان المغرب ، الذي كان ولا زال اللسان السمح بل و اليد الحنون التي طالما كانت ممتدة إلى أن تعرضت للعض من طرف ناكري الجميل ، وهنا نستحضر الموقف الثاني الذي اندلعت فيه ألسنة النيران بالجارة الجزائرية ، ولم تجد غير اليد التي عرضتها للعض ممدودة ومبسوطة بعطاء غير مجدود، رغم تكالب العسكر والنظام بأعلامه وإعلامه الفاشي ، على مصلحة المغرب في صحرائه، وما هي الا أيام حتى تم إغتيال مغاربة على المياه الحدودية ، لا لشيء سوى أنهم مغاربة في الأصل ، دون إعتبار أواصر العلاقة ولا حتى إحترام القانون الدولي عند توفير الحماية للحدود ، ولا حتى تفعيل البروتوكول الداخلي قبل إستعمال السلاح ضد من حملوا الطائرات لإطفاء وإخماد ألسنة النيران المندلعة بالبلد والملتهبة على جغرافية كادت أن تكون في خبر كان .
وهنا نشاهد موقف المغرب حال إندلاع النيران ، كيف كان المغرب داعما برجاله ومعداته دون من ولا أذى، مقدما في ذلك أبناء شعبه فداء لأواصر العلاقة ، ومسحضرا فيها حق الجوار، بخلاف موقف جارة السوء التي حاولت اليوم صنع البروباغندا عبر ما يسمى بالإعلام المدفوع له نظير تسويد وجه بلد له مكانة ريادية بين باقي البلدان ، هذا بعد رفض المغرب للمساعدات التي حاولت الجزائر تقديمها له لاعتبار أنه و شعبه قادر على إحتواء الموقف، وذلك بفعل ما رأى فيه البلد بعمق ما وراء ذلك ، وهو ما خلف حملة من السعار الديكي على أسماع العالم، محاولين دغدغة المشاعر بإسم عدم قبول المساعدات الجزائرية… التي لم تجد سبيلها حتى في حناجر الشعب الجزائري الشقيق المصطاف أناء الليل وأطراف النهار على قطرة حليب ،حتى تكون اليوم كريمة مع من تحاول بين الفينة و الأخرى إستهدافه .
فأمام هذه الرقصات نرى أنه لا يصح سوى الصحيح ، فلا شك أن المنتظم الدولي يعي ما وراء هاته الرقصات ، ويعلم جيدا أن المغرب برجاله قائم بذاته ، وأن المغاربة هم شعب تفرقهم أشياء ، بعامل الجغرافية والتنوع الثقافي ، لكن توحدهم المبادئ الإسلامية ، ومنها مبدأ الإتحاد والتكافل الإجتماعي ، وهو ما أبهر العالم ، وشهدته عليه القنوات الدولية، التي رغم محاولتها البئيسة للتنقيب عن المساوئ بين السن والضرس، لتستيقن أخيراً ، أن الشعب المغربي شعب أبي صنع الفخر والأمجاد ، فكيف بواقع نازلة زلزال خلف ضحايا، ومعه خلف الله فيه على شعب بخير وعطاء غير مجدود ، إبتلاء اختار الله فيه قوم أحبهم وأحبوه شهداء نحسبهم فرضي بهم ضيوفا عنده ، شهداء قال في شأنهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، فهكذا نحسب الإبتلاء ، إنطلاقا من عقيدة سليمة سنامها الوسطية والإعتدال والإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره .
وإذا ما عدنا كرة إلى ذاك الذيك الإعلامي الجزائري، الذي لا يعلوا صياحه خاصرة مؤخرته ، نلاحظ أن طبيعة النقل الصحفي عند النوازل مقفودة لديه تقنيا ، كما وكيفا ، وهذا ما يرجع بالأساس إلى طبيعة ضعف التكوين في المجال خصوصاً في ممارسة عمل صحافة الطوارئ، الذي نلاحظ فيها اليوم وصلات محتشمة من الإذانة الصورية ، التي لا تسمن ولا تغني من جوع ، وكأن هاته التشكلة العابثة في غياهيب العدم ، تظن نفسها أنه لها تأثير بليغ عما تنتهي إليه من خلاصات نقاشاتهم العقيمة التي ، يحضرها من لهم مبادئ النقد من أجل النقد ، وليس من وراء نواياهم إصلاح لأواصر العلاقة بين البليدن ، والكل شاهد عيانا كيف إحتفلت شردمة العسكر والتابع للنظام الأسود بالحاجز الحدودي ، على ما أصاب إخوانهم المغاربة حال وقوع الزلزال ، فكيف نرضى بسم يضخ تحت بساط الدعم والمساعدة ، وهنا نقرأ بعمق الفعل ، أن البلد الذي تحكمه حفنة من لهم مطامع في الجزائر وخيراتها، بل لهم مصلحة أن تبقى هاته الترهات تمتد لغاية يعلمها جنيرالات الجيش ، وهم ومثلهم من يصنعون العداوة ، لكن المغاربة واعون بأن تلك الترهات لا تزيدهم في هذا إلا عزما على مواصلة الإتحاد ، وقد شاهدوا ذلك عيانا ، من خلال الإلتحام حول النازلة وذلك من خلال الدعم المادي والطبي والنفسي والعسكري ، ونستحضر من هذا الشاحنات الملئى بكميات هائلة من الدعم الموجهة لإخواننا بمنطقة الحوز التي رفعتة فيها صافراتها فخرا على مجد عظيم ، وهذا ما يعطي الدرس ، ويحق للإخوة الجزائريين ،التعلم من قيم التضامن المغربي والمغاربي معها،مع وضع الموقفين في كفة المقارنة ، دون الحديث عن الدعم الدولي الذي رفض فيه المغرب دولة فرنسا التي كانت ترقص سالفا على الجراح ، قبل أن تنقلب الموازيبن وتأتي صاغرة محاولة التودد للمغرب ، بقبول المساعدة منها ،ليس لأنها أرادت مساعدته ولكن للقوة التي باث فيها إقتصاديا وديبلوماسيا، الشيء الذي نجزم فيه ونقول شتان بين بلد شعاره شعب عظيم ، وبلد يجعل مواطنيه يصطافون على قطرة حليب يدفع لهم مقابل نهيق على حافة حدودية ، وقطع لهم فيها صلة الدم وأبدلهم بها سم يجري في العروق فهل أنتم منتهون .
Share this content:
إرسال التعليق