منتدى جهات إفريقيا 》مدينة السعيدية تستعيد وهجها الإفريقي
● السعيدية – مع الحدث :
تعيش مدينة السعيدية، التي عادة ما تستعيد سكينتها في مثل هذه الأيام بعد فصل صيف صاخب، لحظات مميزة بمناسبة استضافتها لمنتدى جهات إفريقيا، مفصحة عن مكامن السحر فيها، وعن عمقها وامتدادها الإفريقي الراسخ.
وبمناسبة التئام هذا الحدث ذي البعد الإفريقي، تم تزيين فضاءات الجذب الرئيسية في المدينة، الجميلة أصلا، ما أضفى حلة بهية على “الجوهرة الزرقاء” التي ارتدت حلة قشيبة راقت لضيوفها المميزين.
فعلى امتداد الطرق المؤدية إلى الفضاء الذي يستضيف فعاليات المنتدى المنظم في الفترة من 8 إلى 10 شتنبر الجاري، تلفت الأنظار لافتات وأعلام متعددة الألوان والأشكال. نحو عشرين علما لدول شقيقة وصديقة، في مشهد يؤكد انتماء السعيدية لعمقها الراسخ : إفريقيا.
وليس من قبيل الصدفة، بكل تأكيد أن ما لا يقل عن 400 مشارك إفريقي قد استهوتهم هذه المدينة الوادعة التي يبلغ عدد سكانها بالكاد 10 آلاف نسمة، والتي يتمتعون فيها بنسائم منعشة ينثرها بسخاء، المتوسط و واد ملوية.
وقد توفق هذا المنتدى في دورته الأولى، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، في اختيار موضوع مفعم بالآمال من أجل تحقيق المزيد من التقدم “مساهمة الجماعات المحلية في التنمية المستدامة وديناميات التكامل في إفريقيا”. وافتتحت أشغال المنتدى على أنغام النشيد الوطني والنشيد الرسمي لمنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية المتحدة، ترنيمة احتفاء وفرح قدمت للحضور صورة إفريقيا في أبهى تجلياتها.
ومن محاسن الصدف، أن رئيسة المجلس الجماعي للسعيدية إيمان مداح، ربما أصغر رئيسة لمجلس جماعي في المغرب، هي من رحب بالضيوف الأفارقة الذين وفدوا إلى المدينة التي تحولت في ظرف وجيز إلى وجهة سياحية واعدة على الضفة الجنوبية للمتوسط.
ويحق اليوم لمنتجع السعيدية وهو ثمرة إرادة ورؤية ملكية، أن يفخر بشبكة طرق مهمة، وبقدرة استقبال تصل إلى 30 ألف سرير، ومارينا، فضلا عن ساحل يمتد على 14 كلم برماله الذهبية.
بالنسبة لرئيس مجلس جهة الشرق السيد عبد النبي بعوي، فإن السعيدية، المدينة الحدودية، تجسد مثالا رائعا لنجاح هذه التوليفة النادرة حيث تنخرط السلطات العمومية ورجال الأعمال والفاعلون الجمعويون والساكنة المحلية في تحقيق هدف مشترك.
واعتبر أنه خلافا لمن يزرع الكراهية والتفرقة، تسعى الجهة الشرقية إلى جعل منتدى جهات إفريقيا منصة للحوار بين الجهات وآلية للدفاع عن مصالحها، بهدف تمكين الساكنة من ظروف العيش الكريم، وتعليم جيد وسكن لائق.
وأضاف أنه أمام آثار جائحة “كورونا” والأزمة الاقتصادية وأزمة المناخ وتصاعد هجرة الشباب والأدمغة واتساع فجوة الثورة التكنولوجية، ليس هناك طريق للخلاص إلا من خلال تحقيق أهداف التنمية المستدامة والادماج واستثمار الثروات الافريقية لصالح الأفارقة قبل غيرهم.
في ذات السياق، أكد وزير الداخلية السيد عبد الوافي لفتيت أن منتدى جهات إفريقيا، يعكس الرغبة الملحة للمملكة، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، في اقتسام الخبرة والتجربة الجهوية المغربية مع كافة الدول الإفريقية الصديقة والشقيقة.
ففي كلمة تلاها نيابة عنه الوالي الكاتب العام لوزارة الداخلية السيد محمد فوزي، قال الوزير إن هذه الرغبة نابعة من حرص المغرب على جعل تنمية إفريقيا في صلب أولوياته تماشيا مع إيمانه بنجاعة التعاون جنوب-جنوب، مستحضرا مضامين الخطاب الملكي بمناسبة القمة 28 للإتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا.
وأبرز أن جلالة الملك يشدد في عدة مناسبات على أن التزام المغرب من أجل إفريقيا ومن أجل تعاون جنوب-جنوب هو تعاون مثمر، وليس نتاج ظرفية معينة ولا مصالح ضيقة، مضيفا أن جلالة الملك مافتئ يدعو إلى تضامن فعال وأخوي ومفيد بشكل متبادل.
كل المؤشرات تبعث إذن على الاعتقاد بأن منتدى السعيدية سيشكل علامة فارقة جديدة على درب التعاون اللامركزي والشراكة المتضامنة بين الجهات الترابية في إفريقيا، وتكريس الانخراط القوي والصادق للنخب الإفريقية الصاعدة في تدبير الشأن المحلي واستشعارها للانتظارات المشروعة لشعوب القارة.
ولتحقيق هذا المبتغى، بتعين على إفريقيا أن تدرك حجم قدراتها ومواردها من أجل تعبئة إمكانياتها وتعزيز ثقتها في مؤهلاتها الخاصة، بما في ذلك المبادرات الدامجة للفاعلين والمتدخلين على المستويين المحلي والإقليمي.
أكثر من مجرد أمنية، يتعلق الأمر بضرورة ملحة بالنظر إلى كثافة وعمق التصريحات المعبر عنها في اليوم الأول من هذا المنتدى.
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق