الانفِتاح…

 

لمياء.أ.الدويهي.لبنان 

 

الانفِتاح…

إحترام الخُصوصيَّات أَمرٌ مَفروغٌ منهُ، التَعرُّضُ للآخرين هو من المُحَرَّمات، التَّعبير عن الآراء هو من الضَّروريَّات، قَبولُ الآخرين هو من القُدسيَّات…
إلاَّ أنَّ هناك الكَثيرَ من النَّاس الذين يَخلطون الأمور ويَعتقِدون أنَّ الانفِتاحَ يَقتَصِرُ على حُريَّةِ اللِّباسِ الجريء أو مُخالطةِ الأفرادِ بَعضِها لبَعض، من دونِ التزام أو أن يتَصرَّفَ الإنسانُ على سَجيَّتِهِ من دونِ مُراعاةِ الآخرين ومشاعِرهم باسمِ الحُريَّة الفرديَّة وحَقِّ التَّعبير عن النَّفسِ المُساءِ فَهمُها هنا… كُلُّ فردٍ يَحقُّ لهُ التَّعبيرُ عن ذاتِهِ بالطَّريقةِ التي يَجدُها مُلائمة وأن يَرتدي ما هو فاضِحٌ أم لا، فهذا من شأنِهِ ويَعودُ لمِقدارِ احتِرامِهِ لكَيانِهِ وجَسَدِهِ، هذا الهَيكلُ المُقدَّس الذي يَحوي الإنسان بكُليَّتِهِ بما فيهِ من روحٍ وفكرٍ وقلبٍ ونَفَسٍ وجَسَد… ولا أدري لِما الآخرون يَعتَقِدونَ أنَّ ال open-minded هم الجَريئونَ فقط في لِباسِهم والمُنساقونَ لأهوائِهم والمُندَفعونَ في تَصرُّفاتِهم والذين تُنسَبُ إليهم صِفةُ الجَريئينَ، وشتَّان ما بينَ الجُرأةِ والتهوُّرِ باسمِ التَحَرُّر… شَخصيًّا أَجدُ أنَّ انفتاحَ الفكرِ هو في تَقبُّلِ الآخرينَ بفكرهم واحتِرامِ آرائِهم وشَخصِهم وفي أن نَفهمَ أنَّ تَفاوتَ الطَّبقاتِ لا يَمنَحُ الحَقَّ لأحدٍ بمُعامَلَةِ الآخرينَ بفَوقيَّة… الانفِتاح يَعني الاقرار بأنَّ لِكُلِّ إنسانٍ فكرًا وجَوهرًا ورؤيا قد تَفوقُنا… أن نكونَ مُنفَتحينَ يَعني أن نُلغيَ الحَواجِزَ في التَّآلفِ مع الآخر، كائِنًا مَن كان، وبغَضِّ النَّظرِ عن لونِهِ وعِرقِهِ وانتِمائِهِ… الانفتاح هو عَدَم إطلاقِ الأحكامِ المُسبَقةِ والاستهزاءِ بالآخرين واعتِبارِهم ناقصين، الانفتاحُ هو الانفتاحُ على أَخينا الإنسان، والوَعيُ والإدراكُ بأنَّهُ يَملِكُ مَساحةً في إنسانيَّتِهِ قد تَتخطَّانا ومَوهبةً قد لا تكونُ ظاهِرةً للعَيان وإنَّما مُهمَّةً للوجدان وذات قيمةٍ قد تَنقُصُ من الجُعبَةِ الرُّوحيَّةِ للكَثيرين… الانفتاح هو النَّظرُ خارجَ أَبراجِ ذواتِنا المُتعاليةِ والصَّدِئةِ أَحيانًا كَثيرة، والقُدرةُ على تَخطِّي هذه الجُدرانِ المُدَجَّجةِ بأَفكارٍ وربَّما هَواجِسَ، تُدين، تُهَمِّش، تَنتَقد، تَلذَع، تَتعالى، تَتَعدَّى، تُحطِّم، تُدَمِّر وقد تَجرَح، تُهين، تُذلّ… فتَعكِسُ تَشويهًا في نُفوسِنا النَّتنةِ العَفِنةِ، المُنغَلِقةِ على ذاتِها… الحفاظُ على الحُقوق وصَونُ الكرامات، لا يَعني تَدميرَ الآخرينَ وتَخطِّيهم كأنَّهم لا يتمتَّعونَ بالحُقوقِ ذاتِها… الانفِتاحُ لا يَعني الاقرار بشُرعةِ حُقوقِ الإنسان وإنَّما القُدرةَ على تَطبيقِها بالرُّغمِ من الصُّعوباتِ والتَّحديَّات… الانفتاحُ هو أن نَدَعَ الإنسانَ في ذاتِنا يَتَحَرَّرُ من عُبوديَّةِ الذاتِ وكفانا خَلطًا للأمورٍ وإِعطاءَ تَسمياتٍ عَشوائيَّة في غيرِ مكانِها، نَستَعمِلُها كيفما شِئنا ومتى شِئنا وكيفما حلا لنا، فقط لأنَّنا أَحيانًا كَثيرة نَسقُطُ في بِئرِ الأنا الزَّائِفة مُعلِنينَ أَنفُسَنا الأفقَه، الأذكى، الأَهمّ، «الأَكْلَس»…
٢٨ /١ /٢٠١٦

الآراء الواردة في هذا المقال تعبر عن رأي صاحبها وليس بالضرورة رأي مع الحدث

Share this content:

إرسال التعليق

You May Have Missed