ذ/ عبدالرحيم أبوصهيب
لم أكن في يوم من الأيام متوثرا إلى هاته الدرجة وأنا أنتظر سباق 3000 آلاف متر حواجز بأولمبياد طوكيو والذي سيعرف مشاركة البطل المغربي سفيان البقالي، توثر ربما كان سببه الأمل الكبير الذي عقدته ;أنا وملايين المغاربة على هذا الرجل من أجل تحقيق انتصار نسمع معه نشيدنا الوطني يعزف ونرى علمنا الغالي مرفوعا بين الأمم.
كان السباق قد بدأ فعلا ، وكان التوثر يزداد شدة لدرجة أنني لم أعد أستمتع بطعم الغداء الذي تزامن وقته مع وقت السباق ، بل وتخليت عنه حين بدأ إيقاع الجري في الإرتفاع، كان أطفالي ينظرون إلي في ذهول مبتسمين ولربما في قرارة أنفسهم كانوا يطرحون سؤالا بسيطا : لماذا كل هذا؟
إن المغاربة المتتبعين لمواقع التواصل الاجتماعي والذين يتابعون حسابات أصدقائهم الأجانب كانوا يرون كل يوم كيف يفتخر هؤلاء بأبطالهم وينشرون مقاطع انتصاراتهم وصور فرحتهم على صفحاتهم، ويتسللون إلى تعليقات تحمل أحاسيس الفخر والتميز، إنه الإنتماء يا سادة.
انتماء جعلني أقف تماما وأتجاهل أي شيء، وربما فعل الكثيرون مثلي ممن سمحت لهم فسحة الغداء بمتابعة السباق الذي ظهر فيه البطل المغربي مركزا تماما ; وراح يجتاز الخصوم والحواحز بسهولة تامة مستفيدا من طول قامته و خبرته وعزمه، ليفرض في الأمتار الأخيرة إيقاعه السريع ويدخل في المرتبة الأولى ويحقق ذهبية السباق.
رحت أصرخ بصوت عال في فرح عارم، ليس بالفوز فقط بل بالكرامة التي أعيدت ليس لي فقط بل لشعب بأكمله_ أو ربما معظمه_. إنها كرامة المغربي الأصيل المحب لبلده، الغيور الذي يأبى إلا أن يرى بلده في المقدمة مع البلدان التي تحقق النجاح.
لم تكن المسألة منذ البداية مسألة سباق، لكنه الإحساس بالقهر والتخلف الذي يخلفه عدم التواجد، إنه طعم الفشل المرير والإخفاق بعد التعود على النجاح، طعم تغير بعد انتظار طويل وخروج أبطالنا تباعا من مختلف المسابقات. وأخيرا سيعزف النشيد الوطني وسيرفع علمنا الغالي عاليا في سماء طوكيو.
إحساس رائع وحب خالص خال من النفاق لوطن أغلى من أي شيء، يحتاج حبا فطريا وحسا وطنيا عاليا، يجعلك تبكي وتزأر إدا طاله ظلم، وتطير فرحا بانتصاراته وإنجازاته. وطن لا يقتصر العيش فيه على المصالح الشخصية أو التعامل البرغماتي الخالي من الوطنية والغيرة على قيمها. وطن نعشقه جميعا لأنه يضمنا جميعا، ومجرد العيش فيه فخر وشرف لنا جميعا.
وحب الأوطان من الإيمان.
Share this content:
إرسال التعليق