فيروز تودّع ابنها زياد الرحباني في وداع مهيب يهزّ ذاكرة لبنان الثقافية

مع الحدث/ بيروت

تحرير ✍️: مجيدة الحيمودي

في لحظة من الحزن العميق والوجع الإنساني الصامت، ودّعت أيقونة الغناء العربي السيدة فيروز، ابنها الوحيد، الفنان والمبدع الاستثنائي زياد الرحباني، الذي أسلم الروح بعد مسيرة فنية طويلة ومتفردة بصم خلالها المسرح والموسيقى والفكر العربي المعاصر.

ففي صباح يوم أمس الأحد اكتسى شارع الحمرا في بيروت بحزن ثقيل، حيث احتشد المئات من محبّي زياد الرحباني رجالاً ونساءً، شيوخاً وشبّاناً، مودّعين جثمان الفنان الذي أعاد تعريف الفن الملتزم والساخر في آن فقد كان شارع الحمرا، الذي شكّل محوراً لمسرحيات زياد ونبضاً لموسيقاه الثائرة، المحطة الأولى في موكب الوداع، قبل أن يُنقل الجثمان إلى مسقط رأسه في المتن الشمالي بجبل لبنان ليوارى الثرى هناك. المشهد كان مؤثراً بكل المقاييس: عيون دامعة، تصفيق طويل، أغانيه تُبثّ من مكبّرات الصوت، ولافتات تخلّد بعضاً من أقواله الجريئة… لكن الأكثر إثارة للعاطفة، كان حضور السيدة فيروز، بصمتها الرهيب، وهي تودّع فلذة كبدها الذي كان رفيقاً فنياً وشريكاً إنسانياً طيلة عقود.

 

زياد المولود عام 1956 كان حالة فنية متفرّدة، خالف السائد والمألوف، وواجه بشجاعة الأنظمة والأنماط، وخلق صوتاً مسرحياً وموسيقياً لا يُشبه إلا ذاته. تعاونه مع والدته فيروز شكّل علامة فارقة، فأنتج معها أعمالاً ستظل محفورة في وجدان أجيال، منها “كيفك إنت؟”، “مش كاين هيك تكون”، و”البوسطة”.

الوسط الفني اللبناني والعربي عبّر عن حزنه العميق، وانهالت التعازي من كبار الفنانين والمثقفين الذين أجمعوا على أن الرحباني الابن لم يكن مجرد فنان، بل ظاهرة ثقافية نادرة، امتلك أدوات النقد والتمرد والخلق الفني، وسخرها لطرح قضايا الناس، من السياسة إلى الحب، من الواقع اللبناني إلى الهمّ العربي العام.

يُذكر أن الراحل كان قد عانى في السنوات الأخيرة من وضع صحي حرج، لكنه ظل حاضراً في الذاكرة الجماعية من خلال أرشيف فني غني، ما زالت أصداؤه تتردد في البيوت والمقاهي والقلوب.

زياد الرحباني يرحل لكن إرثه يبقى… والوجع في قلب فيروز لا يحتاج إلى كلمات. فالوداع هذه المرة ليس ككل وداع.

 

شارك المقال
  • تم النسخ
تعليقات ( 0 )

اترك تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)