Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة مجتمع

شعب و ملك في جسد واحد« روح التضامن المتجذرة في المغرب» 

هند بومديان

التضامن في المغرب ليس مجرد شعار، بل هو واقع يومي يعكس العلاقة العميقة بين الملك والشعب. هذه العلاقة، التي تشكلت عبر التاريخ، تجسد مفهومًا فريدًا من التلاحم الوطني، حيث لا تُختزل أدوار الحاكم في السياسة فحسب، بل تمتد لتشمل الرعاية الاجتماعية والدعم المباشر للفئات الهشة.

الملك.. أبٌ للأمة قبل أن يكون حاكمًا

لطالما كان الملوك العلويون على مر التاريخ قريبين من الشعب، لكن في العهد الحديث، تعزز هذا القرب ليصبح تضامنًا فعليًا وملموسًا. ورأينا كيف أن الملك محمد السادس لم يتردد يومًا في التدخل شخصيًا في الأزمات التي مرت بها البلاد، من الكوارث الطبيعية إلى الأزمات الاجتماعية. وهذه الرؤية الملكية لم تظل حبيسة القصر، بل امتدت إلى ولي العهد الأمير مولاي الحسن وأخته الأميرة للا خديجة، اللذين لم يترددا في مشاركة المواطنين معاناتهم عبر مبادرات إنسانية تهدف إلى التخفيف من آثار الفقر والهشاشة.

التضامن في رمضان.. دفء العطاء في شهر الرحمة

مع حلول شهر رمضان، يعود التضامن ليكون العنوان الأبرز للحياة المغربية. فالشهر الفضيل ليس فقط مناسبة دينية، بل هو وقت تتجسد فيه القيم الإنسانية بأسمى معانيها. وهنا، تأتي المبادرات الملكية، كمبادرة “رمضان 1446″، التي أطلقها ولي العهد مولاي الحسن برفقة الأميرة للا خديجة، كمثال حي على هذا التلاحم. فمساعدة مليون أسرة مغربية على مواجهة غلاء المعيشة، وتوزيع المواد الأساسية، ليس فقط عملًا خيريًا، بل هو تأكيد على أن المغرب دولة تقوم على التكافل، وأن العلاقة بين الملك والشعب هي علاقة وجدانية عميقة، لا تحدها الرسميات.

عندما يصبح الشعب امتدادًا للعرش

إن تضامن الملك مع شعبه لم يكن يومًا اتجاهًا واحدًا. ففي كل الأزمات، كان المغاربة يهبون للدفاع عن وطنهم وملكهم. من حملات التبرع بالدم في الأوقات الحرجة، إلى الوقوف صفًا واحدًا لمواجهة الأزمات الاقتصادية، يثبت المغاربة دائمًا أن علاقة العرش بالشعب ليست علاقة حاكم بمحكوم، بل هي علاقة جسد بروح، حيث الملك هو القلب النابض لهذا الجسد، والشعب هو الأوصال التي تمنحه الحياة.

درس للعالم في التلاحم الوطني

في وقت تعاني فيه العديد من الدول من فجوة بين الشعوب وحكامها، يظل المغرب استثناءً، حيث يتجسد مفهوم “ملك الفقراء” ليس فقط في الخطابات، ولكن في الميدان، حيث نرى أفراد الأسرة الملكية ينزلون بأنفسهم لملاقاة المواطنين، ومساعدتهم، والاستماع إليهم. وهذا التضامن، الذي لا يعرف تمييزًا ولا حدودًا، هو ما يجعل المغرب بلدًا فريدًا بنسيجه الاجتماعي وروحه الجماعية.

إن “شعب وملك في جسد واحد” ليست مجرد عبارة متداولة، بل هي عقيدة راسخة في وجدان المغاربة، تظهر في المواقف الصعبة قبل الأيام العادية، وتؤكد أن سر قوة هذا الوطن يكمن في وحدته، حيث التضامن ليس اختيارًا، بل هو جوهر الهوية المغربية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

أحياء صفيح بعمالة النواصر: عرقلة للتنمية وضرورة معالجة التحديات الاجتماعية

فيصل باغا

تُعتبر الأحياء الصفيحية في عمالة النواصر من أبرز القضايا التي تعرقل جهود التنمية في المنطقة، حيث تعيش العديد من الأسر في ظروف صعبة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. هذه الأحياء، التي تزداد كثافة سكانية، تعاني من نقص في البنية التحتية والخدمات الأساسية، مما يجعلها تحديًا أمام جهود التنمية المستدامة.

رغم الجهود المبذولة من قبل الدولة لتحسين الوضع المعيشي في الأحياء الصفيحية، إلا أن المشكلة لا تزال قائمة. فالكثير من هذه الأحياء تفتقر إلى شبكات المياه والصرف الصحي، والطرقات غير المعبدة، والنقص في المرافق الاجتماعية مثل المدارس والمراكز الصحية. هذه الظروف تؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة، مما يعيق عملية التنمية في المنطقة.

 

من بين أبرز العوامل التي تسهم في استمرار هذه الأوضاع، هو غياب التخطيط الحضري السليم في فترات سابقة، مما أدى إلى انتشار هذه الأحياء بشكل عشوائي، ما يخلق تحديات إضافية للتطوير. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشكلة أخرى تتعلق بالتركيبة الاجتماعية والاقتصادية للسكان، حيث يعاني الكثير منهم من الفقر والبطالة، مما يحد من قدرتهم على تحسين ظروفهم.

 

من أجل معالجة هذه التحديات، يجب أن تتضافر الجهود بين مختلف الجهات المعنية، بدءًا من السلطات المحلية، مرورًا بالمجتمع المدني، وصولاً إلى القطاع الخاص. يجب أن تركز الاستراتيجيات المستقبلية على تطوير بنية تحتية قوية ومستدامة، وإنشاء مشاريع سكنية تحترم كرامة الإنسان وتراعي الاحتياجات الأساسية للمواطنين. كما يجب أن يتم توفير فرص عمل للسكان من خلال مشروعات تنموية تدعم الاقتصاد المحلي وتساهم في رفع مستوى المعيشة.

 

تبقى الأحياء الصفيحية في عمالة النواصر عقبة حقيقية أمام التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مما يستدعي تدخلاً فعالاً لمعالجة هذا التحدي الكبير، بهدف تحسين الظروف المعيشية وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة لصالح سكان المنطقة.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة

بوجدور : “عبد الحكيم عامر” نموذج رجل الأمن المحنك يودع جهاز الأمن الوطني

محمد ونتيف

بعد سنوات من الخدمة في جهاز الأمن الوطني، أفادت مصادر مطلعة أن العميد الممتاز “عبد الحكيم عامر”، رئيس المنطقة الإقليمية للأمن ببوجدور، قد أحيل إلى التقاعد النسبي بناءً على طلبه المقدم إلى إدارة الأمن الوطني.

 

أمضى العميد عامر سنوات في التدرج بالرتب الأمنية في عدد من المدن، مشهودًا له بالأخلاق الحميدة والحنكة والتفاني في العمل الجاد.

 

يُعد العميد الإقليمي “عبد الحكيم عامر” رجل أمن ذو مسيرة مهنية حافلة بالعطاء والإخلاص، حيث أظهر جدية وتفانيًا في إدارة المهام الأمنية الموكلة إليه، وساهم في تعزيز الثقة بين المواطنين والجهاز الأمني في إقليم بوجدور. كما يتميز بأسلوبه الفعال في العمل وتواصله الإيجابي مع مختلف الفاعلين، مما جعله نموذجًا يُحتذى به في تفعيل الرؤية الأمنية الحديثة التي أعلنت عنها المديرية العامة للأمن الوطني.

 

ولعل الفترة التي قضاها العميد عامر في إقليم بوجدور، والتي امتدت لثماني سنوات، تزامنت مع مجموعة من الأحداث التي استدعت التعامل معها برؤية أمنية استباقية وفعالة، وهو ما نجح في تحقيقه، ليترك بصمة واضحة خلال ثماني سنوات مشهود لها بالنجاح.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة جهات

وجدة:”إلى متى هذا التجاهل”

أيوب ديدي

لقد عرفت مدينة وجدة في الآونة الأخيرة تدهور على مستوى حافلات النقل الحضري،ولا سيما العمال الذين لم يتوصلوا بأجرتهم الشهرية لمدة شهرين إلى جانب عدم توفر الضمان الاجتماعي.

وهذا ما جعلهم يخوضون إضرابا دام لمدة أربعة عشر يوما،ورغم هذا فلم تكن هناك استجابات للمطالب بل تجاهل مستمر.ولم يتوقف الأمر هنا فحسب،هذا مادفع المسؤول عن شركة النقل الحضري بإحضار عمال من مدن أخرى كمدينة مكناس.

هؤلاء السائقين الجدد الذين لا يتوفرون على خبرة ولا يعرفون حتى بعض المحطات التي عليهم الوقوف فيها.

إن ملف النقل الحضري أصبح من الضروري على الجهات المعنية أن تتخذ الحل المناسب،وتسوية أوضاع هؤلاء العمال وارجاع المياه لمجاريها،ثم إطلاق جميع خطوط حافلات النقل الحضري لتشتغل كعادتها.

إن مدينة وجدة بحاجة إلى حافلات نقل تلبي متطلبات ساكنتها وتناسب جماليتها ورونقها

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

المغرب ورؤية الهلال: نموذج علمي في تحديد المناسبات الدينية

بقلم: عماد وحيدال

تتجدد كل عام النقاشات حول كيفية تحديد بداية الأشهر الهجرية، خاصة شهر رمضان، حيث أعلنت المغرب أن أول أيامه سيكون يوم الأحد، بينما بدأت دول أخرى في الصيام يوم السبت. أثار هذا التباين ردود أفعال واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتُبر بعض النقاد أن المغرب في عزلة عن نظيره العربي.

ومع ذلك، فإن المغرب يعتمد على منهج علمي بحت في رصد الهلال، والذي يتجاوز الاعتبارات السياسية أو العقائدية. يمتلك المغرب أكثر من 270 نقطة مراقبة، حيث تتولى لجان متخصصة تضم قضاة وعدول وعناصر من الجيش مراقبة الهلال بدقة. تُرسل التقارير إلى وزارة الأوقاف لتتخذ القرار المناسب بناءً على الأدلة العلمية.

تعتبر منهجية المغرب من الأكثر دقة في العالم الإسلامي، وقد أثبتت صحة قراراتها في عدة مناسبات، حتى عندما أعلنت دول أخرى بدء رمضان سابقًا دون رؤية واضحة. يكشف هذا الالتزام العلمي أن المغرب ليس خارجًا عن الإجماع، بل يسعى لتقديم نموذج يحتذى به في عالم يتغير باستمرار. في نهاية المطاف، يعكس هذا التوجه تعزيز قيم الدقة والموضوعية في الدين الإسلامي.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة نازل

معاناة سكان جماعة سبيعات في إقليم اليوسفية: غياب البنية التحتية

بقلم: فيصل باغا

تعيش جماعة سبيعات في إقليم اليوسفية تحت وطأة غياب البنية التحتية الأساسية، مما يزيد من معاناة سكانها. تعاني مناطق مثل دوار السعادنة ودوار السلامة من مشاكل حادة، أبرزها انقطاع الطرق عن مجموعة مدارس السلامة، مما يعيق وصول التلاميذ إلى التعليم.

إلى جانب ذلك، يواجه السكان نقصًا حادًا في إمدادات المياه الصالحة للشرب، مما يضطرهم للبحث عن مصادر بديلة، ويتعرضون لمخاطر صحية. كما أن غياب الإنارة العمومية يزيد من شعور العزلة والخوف، خاصة في الليل.

إن تلبية مطالب سكان سبيعات بتحسين البنية التحتية ليست مجرد ضرورة إنسانية، بل استثمار في مستقبل المنطقة. يتطلع المواطنون إلى تدخل حكومي جاد لتنفيذ مشاريع حيوية تشمل إصلاح الطرق وتوفير المياه والكهرباء، مما يسهم في تحسين ظروف حياتهم بشكل عام.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

حبل المشنقة… في يد الشنّاق!

محمد فتيح

في بلادٍ عجيبة، حيث السوق يشبه ساحة إعدام، والمواطن هو المحكوم بالمؤبد، يجلس الشنّاق (المضارب) على كرسيه الوثير، يتأمل حبله السحري، ذلك الحبل الذي لا يلتف حول أعناق ، بل يلتف حول الأرزاق!

الشناق ليس مجرد تاجر، بل جلاد اقتصادي بارع، يتقن فن الاختناق الجماعي دون أن يترك أثرًا للجريمة. يعرف متى يشدّ الحبل لترتفع الأسعار، ومتى يرخيها قليلًا ليمنح الضحية وهم التنفس. يترك المواطن يتخبط بين الحياة والموت، لا يموت تمامًا فيرتاح، ولا يحيا بكرامة… لأنه لا يريد جثثًا، بل زبائن يستهلكون حتى آخر أنفاسهم!

تبدأ جلسة الإعدام برفع الأسعار فجأة ،بحج واهية وما أكثرها :الجفاف ،الحرب في مكان ما ،أو حتى بسبب كارثة وقعت على بعد آلاف الكيلومترات!

وعندما تتعالى صرخات الشعب المعذبين بنار الأسعار ، يبتسم بخبث ويقول لهم: “اصبروا… هذه أزمة مؤقتة!”.

وعندما يوشك السوق على الانهيار، يرخي الحبل قليلا فينخفض السعر بسنتات ، ويفرح المواطن وينسى انه من قبل قد كان إرتفع بدريهمات !ولا يدرك أنه مازال يدفع اكثر من اللازم.

إنها لعبة نفسية أكثر مما هي اقتصادية…لأن الشنّاق يبيع السلع مع كثير من الأوهام!

لكن في يومٍ من الأيام، استفاق الشعب أخيرا وألقى نظرة فاحصة على الحبل… واكتشف أنه ليس مجرد طوق يلتف حول أعناقهم، بل هو حبل يمكنهم سحبه من يد الشنّاق نفسه!

فقرر الناس أن يفعلوا ما لم يكن في حسبان : القطيعة …لم يشتروا، لم يتوسلوا، لم يركضوا خلف العروض الوهمية. فقط تركوا السوق فارغًا، والبضائع تتعفن على الرفوف.

بدأ التجار يصابون بالذعر… البيض يفسد، السمك يتعفن ،الحليب يتخثر، والزيت يكسد في قنيناته. حبل المشنقة ينقلب على صاحبه وأصبح الشنّاق هو من يشعر بالاختناق.

وتعالت الهتافات: “عاش الشعب بلا شناق! عاش الشعب بلا أطواق !”

وحينها، انقطع الحبل أخيرًا… فعاش الشعب حرًا، يتنفس بلا خناق!

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

كأس الهم : حين يسقى الجياع بالوهم

محمد فتيح

في بلادٍ يحكمها الظلّ ويسوسها الريح، كان الناس يتدافعون في الأسواق بحثًا عن لقمة، بينما تتدافع الأخبار في القصور بحثًا عن مخرج. اشتدت الأزمة، وصار الفقراء يتكاثرون كالعشب البريّ، لا ماء يرويهم ولا شمس تحرقهم ، فقط ينتظرون حصادًا لن يأتي.

اجتمع كهنة التدبير في معبدهم العاجيّ، حيث لا يُسمع أنين الجياع، ولا تُرى طوابير المرضى. خاضوا طقسهم المقدس: جلسوا على الأرائك الوثيرة، تظاهروا بالتفكير العميق، ثم قال كبيرهم:

“الرعية تتذمر، الأعين تراقب، البطون تصرخ… نحتاج إلى سحرٍ يشغلهم.”

تنحنح كاهنٌ ذو لحية مصففة وقال:

“لنطعمهم!”

تشنجت الأكتاف، واحمرت الأعين، وكادت الأرائك أن تنقلب. قال الكاهن الأكبر بغضب:

“أجننت؟ تطعمهم اليوم فيطلبون المزيد غدًا؟ لا يا غبيّ، نحن نحتاج إلى شيءٍ يدوم… شيءٍ يُذهلهم عن أوجاعهم، شيءٍ يجعلهم ينسون الجوع ولا يتذكّرون إلا التصفيق و الهتافات!”

ثم وقف كاهنٌ آخر، كان قد ابتلع قواميس الحكم القديمة، ورفع يده كمن يعلن النبوة:

“عرس الرمال! نُقيم لهم عرسًا أسطوريًا، مهرجانًا للعظمة، نأتي بالرمال من أقاصي الأرض، نرسم بها لوحاتٍ عملاقة، ثم نتركهم يحدّقون!”

انبهر الجميع، وضُربت الطبول، وسُكبت الميزانيات كما يُسكب الماء على الرمال.

جاء أحد القباطنة مهرولًا، ركع عند عتبة المعبد وقال بتوسل:

“سيدي، سفننا يمكن أن تحمل الحبوب بدل الرمال، فالأطفال يبكون جوعًا.”

نظر إليه كبير الكهنة بازدراء، ثم قال ببطء كمن يشرح لطفلٍ بليد:

“الخبزُ يُؤكلُ مرةً فيُنسى، لكنّ العرسَ العظيمَ يُحكى عنه ألف عام. اذهب، وافعل ما قيل لك.”

وهكذا، وصلت الرمال الذهبية، وشُيدت الملاعب العملاقة، وسُكب المال كالعسل في أفواه المستثمرين.

وفي يوم العرس العظيم، تجمّع الناس أمام الشاشات، وارتفعت الهتافات، ونُسيت الفواتير، والديون، والطوابير الطويلة أمام المستشفيات. صار لكل مواطن فريق يشجعه، وكل فقير نجم يحلم بلقائه، وهدأت البطون، ولو إلى حين.

أما الكهنة، فقد جلسوا في أبراجهم، يراقبون الرعية ترقص وتصفّق، وقال كبيرهم وهو يبتسم:

“لقد أقمنا لهم عرسًا… فما حاجتهم الآن إلى الخبز؟”

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طالع

عيدٌ بلا أضحية.. حين يُذبح العيد بسكين الغلاء ونُحرم من شعائره

هند بومديان

على مرّ الأجيال، ظل عيد الأضحى محطةً سنويةً يتجدد فيها الفرح، ويتعزز فيها رابط العائلة والتكافل الاجتماعي. إنه عيد لا تكتمل فرحته إلا بصوت التكبيرات الممزوج برائحة الشواء، وأهازيج الأطفال وهم يحيطون بالأضحية كأنها جزء من طقوس طفولتهم. لكنه اليوم، تحت وطأة الغلاء الفاحش ونقص رؤوس الماشية، بات هذا العيد على حافة النسيان، مهددًا بالتحول من مناسبة احتفالية إلى ذكرى مؤلمة، تجر معها إحساسًا بالحرمان وانكسار العادات والتقاليد.

 

سكين الغلاء يسبق سكين النحر

 

لم يكن المواطن المغربي يومًا عاجزًا عن التكيف مع الأزمات، لكن الأزمة هذه المرة أعمق وأشد وطأة، حيث تضاعفت أسعار الماشية بشكل جعل الأضحية حلمًا بعيد المنال، حتى لمن كانوا يعتبرونها جزءًا من ضروريات حياتهم. لم يعد الحديث عن مجرد زيادة اعتيادية في الأسعار، بل عن ندرة حقيقية في رؤوس الماشية، ما جعل العرض لا يتناسب مع الطلب، فارتفعت الأثمان بشكل صادم، وتجاوزت القدرة الشرائية للأغلبية الساحقة من الأسر.

 

في زمنٍ لم يعد فيه الراتب يكفي لتغطية حاجيات الشهر الأساسية، أصبح تأمين أضحية العيد ترفًا لا يقدر عليه إلا قلة. وبينما كان البعض في الماضي يلجأ إلى الادخار، أو حتى الاستدانة، لضمان شراء الأضحية، فإن هذه الخيارات لم تعد متاحة بنفس السهولة، خاصة مع تزايد الأعباء المعيشية التي تكاد تجهز على ما تبقى من القدرة على الاحتمال.

 

عيد بلا أضحية.. هل يبقى عيدًا؟

 

منذ أن وعى المغاربة على الحياة، ارتبط عيد الأضحى بطقوس لا تكتمل إلا بوجود الأضحية، حيث يجتمع أفراد الأسرة حول الذبيحة، في أجواء من الفرح والاحتفال. لكن اليوم، ومع تعذر شراء الأضحية لدى شريحة واسعة من المجتمع، بات السؤال مطروحًا: هل يمكن للعيد أن يكون عيدًا بلا أضحية؟ هل يمكننا أن نجد بديلًا يحافظ على روح العيد دون أن نشعر بالنقص أو الغُبن؟

 

الأكثر إيلامًا أن بعض الأسر، التي بالكاد تُؤمّن قوتها اليومي، تجد نفسها أمام ضغوط اجتماعية ونفسية هائلة، حيث يُنظر لمن لم يذبح وكأنه تخلى عن واجب ديني أو فرّط في حق أبنائه بالاحتفال. وهكذا، بدلًا من أن يكون العيد مناسبةً للفرح، أصبح عبئًا ثقيلًا يثقل كاهل الأسر الفقيرة، ويدفع بعضها إلى اتخاذ قرارات قاسية، كالتضحية بمصاريف ضرورية من أجل شراء الأضحية، ولو على حساب الاحتياجات الأساسية للأسرة.

 

بين الضرورة الدينية والأزمة الاقتصادية

 

يتفق الفقهاء على أن الأضحية سنة مؤكدة وليست فرضًا، أي أنها ليست واجبة على من لا يستطيع تحمل تكاليفها. لكن في مجتمع مثل المغرب، حيث التقاليد أقوى من الفتاوى، تظل الأضحية رمزًا للكرامة الاجتماعية، ما يجعل التخلي عنها أمرًا بالغ الصعوبة.

 

وبينما تحاول الدولة التخفيف من حدة الأزمة عبر استيراد كميات إضافية من الأغنام، يظل الحل بعيدًا عن متناول الفئات الهشة والمتوسطة، التي لم تعد قادرة حتى على مجاراة أبسط متطلبات الحياة اليومية. فكيف ستتمكن من شراء أضحية وصل ثمنها إلى أرقام فلكية؟

 

هل يكون التضامن هو الحل؟

 

في مواجهة هذا الواقع القاسي، قد يكون الحل الوحيد هو إعادة إحياء قيم التضامن والتكافل الاجتماعي، بحيث يصبح العيد فرصةً لمشاركة الفرح، بدلًا من أن يتحول إلى مصدر للضغط والإحباط. قد تكون هناك حاجة إلى تغيير نظرتنا للعيد، بحيث لا يُختزل فقط في الذبح، بل يمتد إلى قيم العطاء والتراحم، سواء عبر تقاسم الأضاحي بين العائلات، أو من خلال مبادرات خيرية تضمن وصول اللحوم إلى من يحتاجونها دون أن يشعروا بالحاجة أو العوز.

 

عيد الأضحى.. إلى أين؟

 

إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فقد نصل إلى مرحلة يصبح فيها عيد الأضحى مجرد ذكرى جميلة من الماضي، تمامًا كما اندثرت عادات كثيرة بفعل التحولات الاقتصادية والاجتماعية. قد يأتي يوم نروي فيه لأطفالنا عن زمنٍ كانت فيه الأسر تجتمع حول الأضحية، وعن فرحةٍ كانت تغمر البيوت، قبل أن تسرقها يد الغلاء والجشع.

 

لكن إلى ذلك الحين، سيبقى السؤال معلقًا في الأفق: هل نحن أمام عيدٍ بلا أضحية؟ أم أننا فقط نعيش مرحلة انتقالية ستفرز شكلًا جديدًا للاحتفال، قد يكون مختلفًا، لكنه ربما يحمل في طياته معاني أعمق للعيد؟

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

مجلس الغذاء الأعلى: جلسة الغلاء الطارئة

محمد فتيح

في قاعة مظلمة داخل مخزن فاخر، اجتمعت نخبة المواد الغذائية لعقد اجتماع طارئ. جلست اللحوم الحمراء في المقدمة على مقعد فاخر، بينما احتلت الزيت مكانها المعتاد وسط الطاولة، تتأرجح داخل زجاجتها اللامعة. بجوارها، كانت الطماطم تتنهد بحزن، بينما استلقى السمك منهكًا، وكأنه خرج للتو من معركة بحرية خاسرة. بينما جلس البيض في الزاوية و كانت قنينة الغاز تراقب الجميع بصمت، كأنها تعرف سرًا لا أحد يدركه.

 

الطماطم (بحزن): “لقد كنا طعام الفقراء، والآن صرنا حلما بعيد المنال… لم أعد أزين الموائد كما كنت، بل صرت أُباع بالحبة كالمجوهرات!”

 

الزيت (بغرور ممزوج بالذنب): “أنا أعلم هذا الشعور… بالأمس، رأيت رجلًا في السوق يقلب زجاجتي بين يديه، ثم وضعني بحذر كما لو كنت زجاجة عطر فرنسي باهظة!”

 

اللحوم (تقهقه بسخرية): “يا لكم من دراميين! أنا كنت حلم الفقراء في المناسبات، والآن حتى الطبقة المتوسطة لا تجرؤ على النظر إليّ! بالأمس مررت بجانب رجل نظر إلي، ثم حدق في جيبه الفارغ، فضحكت عليه دون قصد!”

 

السمك (متألمًا): “وأنا؟ كنت وجبة البحر البسيطة، غذاء العائلات الساحلية… والآن تحولت إلى كائن أسطوري! بالأمس، اقترب مني طفل في السوق وسأل والده: ’هل هذا هو السمك الذي كنا نأكله في الماضي؟‘ شعرت أنني قطعة أثرية!”

البيض (بهدوء): “وماذا عني؟ كنت أساس كل مائدة، قوت البسطاء… والآن صرت ثقيلًا على الجيوب، بعد أن كان الناس يشترونني دون تفكير!”

 

تنهد الجميع. فجأة، دقت قنينة الغاز على الطاولة بقوة، فالتفت الجميع إليها.

 

قنينة الغاز (بهدوء حاد): “أنتم تتشكون، لكن بدونــي، لن يطهى أحدكم! مهما ارتفعت أسعاركم، لن تكونوا أكثر من زينة على الرف إن لم أكن موجودة!”

 

ساد الصمت، قبل أن تضيف بنبرة ساخرة: “لكنني أنا الأخرى، أصبحت نادرة… قنبلة موقوتة في انتظار من يستطيع دفع ثمنها!”

 

فجأة، دق باب المخزن، ودخل مواطن نحيف، ملامحه منهكة، يحمل محفظته المهترئة. نظر إلى الاجتماع، ثم قال بصوت مبحوح:

 

المواطن: “هل لي ببعضكم؟ فقط القليل، لا أطلب الكثير…”

 

نظر الغذاء بعضه إلى بعض، ثم أجابوه بصوت واحد: “نحن آسفون، لم نعد في متناولك!”