Categories
أخبار 24 ساعة مجتمع

ليلة غيوانية مع الفنانة صوفيا باطمة

متابعة

هند بومديان

 

ليلة غيوانية مع الفنانة صوفيا باطمة: أمسية استثنائية احتفت بالتراث المغربي في الدار البيضاء

شهدت مدينة الدار البيضاء، مساء أمس، واحدة من أجمل السهرات الموسيقية التي احتفت بالتراث المغربي الأصيل، حيث أحيت الفنانة صوفيا باطمة ليلة غيوانية استثنائية في ، وسط حضور جماهيري مميز، عاش لحظات ساحرة من الفن الأصيل.

سفر عبر الزمن مع الموسيقى الغيوانية

الموسيقى الغيوانية، التي لطالما شكلت جزءًا لا يتجزأ من الهوية المغربية، عادت لتبهر الجمهور من جديد بصوت صوفيا باطمة، التي قدمت باقة من روائع ناس الغيوان، جيل جيلالة، والمشاهب. أبدعت الفنانة في إعادة إحياء هذه الأغاني بأسلوبها الخاص، حيث حافظت على روحها الأصلية، مع لمسات موسيقية متجددة أضفت عليها طابعًا عصريًا جذب الحضور بمختلف أجياله.

تناغم فني وجمهور متفاعل

جاء الحفل تحت شعار “غنّينا معًا في تناغم”، وقد كان الجمهور بالفعل جزءًا من هذا التناغم، حيث لم يتردد في مرافقة الفنانة بالغناء والتصفيق، مما أضفى على السهرة طابعًا حميميًا ومليئًا بالطاقة الإيجابية. المسرح، بإضاءته الدافئة وأجوائه الساحرة، ساهم في خلق تجربة فنية متكاملة جعلت الحاضرين يعيشون لحظات استثنائية.

أثبتت صوفيا باطمة مرة أخرى قدرتها الفريدة على نقل الأحاسيس العميقة التي تتميز بها الأغنية الغيوانية. بصوتها القوي وإحساسها الصادق، استطاعت أن تأسر قلوب الحاضرين، مجسدة بذلك روح الأغنية الغيوانية التي لطالما كانت مرآةً لمعاناة الإنسان وأحلامه.

ليلة ستظل راسخة في الأذهان

لم تكن هذه الأمسية مجرد حفل موسيقي، بل كانت احتفاءً بروح الغيوان، ولقاءً جمع عشاق الفن الأصيل في أجواء من الدفء والشغف بالموسيقى. غادر الجمهور المكان وهو محمّل بذكريات جميلة وألحان لا تزال تتردد في أذهانهم، مؤكدين أن مثل هذه السهرات تظل ضرورة للحفاظ على الإرث الموسيقي المغربي وإيصاله للأجيال القادمة.

بهذا الحفل، ألحفل أثبتت صوفيا باطمة أن الموسيقى الغيوانية لا تزال تنبض بالحياة، قادرة على ملامسة القلوب، ومستمرة في إلهام عشاقها، رغم مرور الزمن.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي مجتمع

العنف المؤسساتي… القيود الخفية التي تسحق الروح

هند بومديان

العنف المؤسساتي:
القيود الخفية التي تسحق الروح

 

العنف المؤسساتي هو ذلك القيد غير المرئي الذي يخنق الموظفين دون أن يترك كدمات ظاهرة، لكنه يترك أثرًا عميقًا في النفس. قد يكون في شكل استغلال وظيفي، حيث يُطلب من الموظف أداء مهام تفوق طاقته دون تعويض عادل، أو في صورة إدارة قمعية تفرض سلطتها بأسلوب يسحق الإبداع والحافز. أحيانًا يكون التنمر الوظيفي أكثر خبثًا، حيث يتم تهميش الفرد أو التقليل من شأنه بطريقة ممنهجة، تجعله يشعر بعدم الأهمية داخل المؤسسة.

عدم الأمان الوظيفي أحد أشكال هذا العنف، حين يصبح التهديد المستمر بالفصل أو التهميش سيفًا مسلطًا على رقاب الموظفين، مما يدفعهم للبقاء في حالة توتر دائم. بيئة العمل السامة التي تفتقد للعدالة والاحترام تُنتج مستوى عالٍ من الإجهاد المزمن، يؤدي بدوره إلى تآكل النفسية وتدهور الصحة العقلية والجسدية. مع مرور الوقت، تبدأ الأعراض في الظهور؛ القلق المزمن يصبح رفيقًا دائمًا، والاكتئاب يتسلل شيئًا فشيئًا حتى يفقد الموظف الحافز للعمل أو حتى للحياة. الإرهاق العاطفي والاستنزاف النفسي يصبحان واقعًا لا يمكن إنكاره، وينخفض تقدير الذات إلى مستويات خطيرة، حيث يبدأ الشخص في التشكيك في قيمته وكفاءته.

اضطرابات النوم تصبح جزءًا من المعاناة اليومية، والمشاكل الصحية الناتجة عن التوتر المزمن تبدأ في الظهور، من ارتفاع ضغط الدم إلى آلام العضلات واضطرابات الجهاز الهضمي. العنف المؤسساتي ليس مجرد ممارسات إدارية سيئة، بل هو آلة سحق تعمل بصمت، تحطم الروح قبل الجسد. لذلك، فإن إدراك المشكلة هو الخطوة الأولى لمواجهتها. الموظف يجب أن يحدد حدوده، وألا يسمح لأي سياسة أو شخص بتجاوز حقوقه أو التقليل من قيمته. التوثيق الدقيق لكل المواقف غير العادلة يمكن أن يكون درعًا يحميه، واللجوء إلى الجهات المختصة داخل المؤسسة قد يكون حلاً في بعض الحالات، رغم أن الكثير من الأنظمة لا تزال تغض الطرف عن هذا النوع من العنف.

إذا أصبح الوضع غير محتمل، فإن البحث عن بيئة صحية يكون الحل الأكثر منطقية، فالبقاء في مكان سامٍ ليس تضحية تستحق، بل استنزاف قاتل. الدعم النفسي ضروري في مثل هذه الحالات، سواء من الأصدقاء أو المختصين، لأن التراكمات التي يتركها العنف المؤسساتي قد تمتد لسنوات، حتى بعد الخروج من تلك البيئة السامة. الموظف ليس مجرد رقم في المؤسسة، وليس آلة تعمل بلا مشاعر، بل هو إنسان له كرامة وحقوق، ولا يجب أن يُسمح لأي نظام بأن يسلبه إياها تحت أي ظرف.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع نازل

لماذا كثر انتحار الشباب؟ من يتحمل المسؤولية؟

عماد وحيدال

في ظل تزايد حالات الانتحار بين الشباب، شهدت مدينة سطات حادثة أليمة بانتحار شابة في الرابعة والعشرين من عمرها، شنقًا بالقرب من مدرسة طارق بن زياد بحي سيدي عبد الكريم (دلاس). هذه الفاجعة أعادت طرح تساؤلات ملحّة حول تفاقم ظاهرة الانتحار بين الشباب، ومدى مسؤولية الأسرة والمجتمع والمؤسسات الرسمية في مواجهة الأزمات النفسية والاجتماعية التي تدفع بعضهم إلى اتخاذ قرارات مأساوية.

 

تشير التقارير الرسمية إلى أن نحو نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية بدرجات متفاوتة، في حين يبقى عدد الأخصائيين النفسيين والخدمات المتاحة غير كافٍ لسد الاحتياجات المتزايدة. كما أن الوصمة المجتمعية حول الصحة النفسية تمنع الكثيرين من طلب المساعدة، مما يزيد من خطورة الوضع.

 

من المسؤول؟

يتحمّل الجميع جزءًا من المسؤولية:

 

الأسرة: لدورها في تقديم الدعم العاطفي والإنصات لمشاكل الأبناء قبل تفاقمها. المجتمع: بسبب نظرة العيب والعار التي تحيط بالاضطرابات النفسية، مما يدفع الشباب إلى العزلة. الدولة والمؤسسات: نظرًا لضعف البنية التحتية للخدمات النفسية وعدم توفير حملات توعوية كافية داخل المدارس والأحياء.

 

الحل بيد الجميع

للحد من هذه الظاهرة، يجب اتخاذ إجراءات عاجلة، مثل:

 

إطلاق برامج دعم نفسي في المدارس والأحياء. توفير مراكز استماع مجانية للشباب. كسر الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالأمراض النفسية من خلال الإعلام والمبادرات المجتمعية. تعزيز دور الجمعيات والمنظمات التي تعنى بالصحة النفسية.

 

إن معالجة هذه الأزمة تتطلب وعيًا جماعيًا وإرادة حقيقية لإنقاذ شبابنا من براثن اليأس. فالحياة حق للجميع، وعلى المجتمع أن يكون جزءًا من الحل، لا أن يكتفي بدور المتفرج على المآسي المتكررة.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

جمعية النور بأولاد ناصر تعزز النقل المدرسي بفضل دعم الجالية المغربية في إيطاليا

فيصل باغا

في خطوة مهمة لمحاربة الهدر المدرسي المبكر وتحسين ظروف التمدرس في الوسط القروي، قامت جمعية النور بأولاد ناصر بتوفير سيارة نقل مدرسي جديدة، بدعم من الجالية المغربية في إيطاليا. هذه المبادرة تهدف إلى تسهيل وصول الأطفال إلى المدارس في منطقة لمزم صنهاجة، حيث كانت المسافات البعيدة تشكل عقبة كبيرة.

استقبل السكان هذه الخطوة بفرح كبير، معبرين عن امتنانهم لأعضاء الجمعية والمحسنين. هذه المبادرة تعكس التضامن بين المغاربة داخل الوطن وخارجه وتساهم في تطوير البنية التحتية المحلية وتحقيق التنمية المستدامة. يأمل السكان في المزيد من الدعم لضمان استمرار هذه المشاريع وتوسيع نطاقها.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة طالع مجتمع

رحيل الشيخ أبو إسحاق الحويني.. صوت الحديث الذي لن يغيب

حسيك يوسف

بقلوب يعتصرها الحزن، ونفوس مؤمنة بقضاء الله وقدره، ودّعت الأمة الإسلامية اليوم الشيخ الجليل أبو إسحاق الحويني، بعد رحلة حافلة بالعلم والجهاد في سبيل نشر السنة النبوية. لم يكن الشيخ مجرد عالم حديث، بل كان رمزًا للصدق في الدعوة، وحارسًا أمينًا لتراث النبوة، يجاهد بلسانه وقلمه في الذود عن صحيح الدين وتنقيته من البدع والمحدثات.

وُلد الشيخ الحويني عام 1956 في قرية حوين بمحافظة كفر الشيخ بمصر، ومنذ صغره نهل من معين العلم، فكانت وجهته إلى الحديث النبوي الشريف، حيث تتلمذ على يد كبار العلماء، وفي مقدمتهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، الذي كان له الأثر الأكبر في تكوينه العلمي.

كرّس الشيخ حياته لخدمة السنة النبوية، فكان شعاره الدائم “العودة إلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة”، وكان بحق منارة علمية تشع نورًا في زمن اشتدت فيه الفتن وكثرت فيه الشبهات. جاب البلاد شرقًا وغربًا، محاضرًا وموجهًا، فترك إرثًا علميًا زاخرًا من الكتب والمحاضرات، التي ستظل تروي عطش الباحثين عن الحق لسنوات طويلة.

لم يكن الشيخ مجرد محاضر أو خطيب، بل كان داعيةً يصل كلماته بقلوب الناس، يبسط لهم المفاهيم المعقدة، ويجعل السنة النبوية حاضرةً في حياتهم اليومية. خطبه ومواعظه التي لطالما هزت المنابر وأثرت في القلوب ستظل شاهدة على إخلاصه وصدقه.

رغم رحيله، سيبقى أثره خالدًا، في دروسه المسجلة، ومؤلفاته القيمة، وتلاميذه الذين حملوا راية العلم من بعده. وسيبقى صوته يجلجل في المساجد، وفي صدور طلابه، وفي كل قلب اهتدى بكلماته وعاد إلى الله بسبب موعظته.

اليوم، تبكيك المنابر، وتفتقدك ساحات العلم، ولكن عزاؤنا أنك تركت وراءك ميراثًا عظيمًا من الخير، وها نحن نردد معك: “رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء”.

نسأل الله أن يتغمدك بواسع رحمته، وأن يسكنك الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

تعزية ومواساة

فيصل باغا

ببالغ الحزن والأسى، تلقينا نبأ وفاة المغفور له بإذن الله نجيب لمراني، بعد صراع طويل مع المرض. وبهذه المناسبة الأليمة، أتقدم أنا فيصل باغا، جار الفقيد، بأحر التعازي وأصدق المواساة إلى عائلته الكريمة، راجيًا من الله العلي القدير أن يتغمده بواسع رحمته، ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات مجتمع

_سطات -مؤسسة محمد السادس للنهوض با الاعمال الاجتماعية للقيمين الدينين في مبادرة خيرية

مكتب سطات _محمد مرزوقي

جريا على السنة الحميدة التي دأبت عليها مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين في مواساة منخرطيها خلال كل المناسبات، سيما المعوزين منهم، قامت الوحدة الإدارية الإقليمية بسطات بتنسيق مع المجلس العلمي المحلي لإقليم سطات والمندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية، بتوفيق الله وفضله، الشروع في توزيع ما يزيد عن 216 قفة من مؤنة شهر رمضان بحضور السيد رئيس الوحدة الإدارية الإقليمية والسيد رئيس المجلس العلمي المحلي وعضوي الوحدة والمرشدين الدينين وعضوي المجلس العلمي وممثلي السلطة المحلية ومتفقد المساجد وكذا ثلة من المحسنين المساهمين في هذه العملية، وذلك يوم الإثنين 17 مارس 2025م بمسجد الخير بسطات، شملت أرامل القيمين الدينيين الأكثر احتياجا ممن يعلن أيتاما وكذا المنظفين والمنظفات وبعض المؤذنين الذين يعانون من أوضاع اجتماعية صعبة او ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد مرت هذه العملية في أجواء من المسؤولية وحسن التنظيم، وفي الختام رفعت أكف الضراعة بأن يحفظ الله مولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد الساس نصره الله وأيده

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة مجتمع

الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يعزز الرقابة لحماية حقوق العمال

عماد وحيدال

في إطار سعيه لتعزيز حماية العمال وضمان امتثال المشغلين للقوانين، أعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن إدخال تعديلات قانونية جديدة تهدف إلى تشديد الرقابة على المشغلين الذين لا يصرحون بأجرائهم.

 

وتنص هذه التعديلات على مضاعفة الغرامات المالية للمشغلين المتأخرين في التصريح بعمالهم، حتى قبل تلقيهم إشعارًا رسميًا بالمراقبة، وذلك لضمان مزيد من الالتزام بالقوانين الجاري بها العمل.

 

وفي هذا السياق، أكد السيد هشام صابري، كاتب الدولة المكلف بالشغل، أن الحكومة بصدد تطوير آلية رقمية جديدة تُلزم المشغلين بالتصريح بأجرائهم، مما سيمكن العمال من التسجيل بسهولة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي دون استثناء.

 

ويهدف هذا الإجراء إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وضمان استفادة جميع العمال من حقوقهم في التغطية الاجتماعية والتأمين الصحي، بما يسهم في تحقيق بيئة عمل أكثر استقرارًا وأمانًا.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة مجتمع

مجتمع بلا ضمير: حين تسقط الإنسانية أمام اللامبالاة

هند بومديان

في زمن صار فيه التقدم التكنولوجي يختصر المسافات بين البشر، يبدو أن القلوب تبتعد أكثر فأكثر. تغيب الثقة، وتتفشى اللامبالاة، وكأن الإنسانية تتآكل من الداخل. لم يعد الناس يسندون ظهورهم لبعضهم البعض، ولم تعد الكلمات تحمل ثقلها القديم، بل صارت مجرد أصوات فارغة تتلاشى في الهواء.

ما الذي حدث حتى فقدنا الإحساس بمعاناة الآخر؟ كيف أصبحنا نمرّ بجوار الألم كأننا لا نراه؟ لقد صار الجرح أمامنا مشهداً عادياً، حتى الدموع لم تعد تثير فينا سوى ضيق لحظي سرعان ما ننساه. إن انعدام الإحساس لم يكن وليد اللحظة، بل هو نتاج تراكمات من الخذلان، والخداع، والخوف المستمر من أن نُلدغ كلما منحنا الثقة لأحدهم.

أصبح المجتمع أشبه بغابة، حيث كل فرد يحمي نفسه بسياج من البرود والعزلة، ظناً منه أنه بذلك ينجو. لكن أي نجاة هذه التي تجعل الإنسان يشيح بوجهه عن مظلوم، أو يمرّ بجوار محتاج دون أن يلتفت؟ إن غياب الثقة ليس مجرد مشكلة اجتماعية، بل هو مرض ينخر العلاقات، يحوّل الصداقة إلى ساحة شك، والحب إلى حقل ألغام، والعمل الجماعي إلى صراع بقاء.

لقد تآكلت الثقة لأن الخداع أصبح قاعدة وليس استثناء. كم من شخص صدّق وعوداً لم تتحقق؟ وكم من يد امتدت بنية صادقة، فقوبلت بالخيانة؟ حين تتكرر الصدمات، يصبح الانغلاق ملاذاً آمناً، لكن هذا الملاذ سرعان ما يتحول إلى سجن. الإنسان بطبعه يحتاج إلى الآخرين، إلى كلمة طيبة تداوي، إلى يد تمسك به حين يتعثر، إلى إحساس بأن هناك من يرى ألمه حتى وإن لم يصرّح به.

غياب الإحساس والثقة يهدد المجتمع أكثر مما تفعل الأزمات الاقتصادية أو السياسية، لأن المجتمع الذي يفقد تماسكه الداخلي، يتحول إلى كيان هش، سهل الانهيار. لسنا بحاجة إلى قوانين جديدة تلزمنا بأن نكون أكثر إنسانية، بل إلى استعادة شيء من الفطرة التي جعلتنا نشعر بالآخر قبل أن تحكمنا المصلحة الشخصية.

ربما لن نعيد الثقة بالكامل، ولن نستعيد الإحساس الذي ضاع فجأة، لكن بإمكاننا على الأقل ألا نكون جزءًا من هذا الجفاف العاطفي. أن نصغي، أن نحاول الفهم، أن نمدّ يد العون حتى لو كان المقابل مجرد ابتسامة صادقة. فالعالم ليس بحاجة إلى مزيد من القوة، بل إلى مزيد من القلوب الحية.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة مجتمع

الإنسان في دوامة الاستهلاك…حين تتحول الحياة إلى سباق بلا خط نهاية

هند بومديان

في زمنٍ أصبح فيه كل شيء سريعًا ومتغيرًا، يجد الإنسان نفسه عالقًا في دوامة لا تهدأ، يسابق الزمن في محاولة لا تنتهي لتحقيق المزيد، امتلاك المزيد، والوصول إلى المزيد، دون أن يدرك أنه في الحقيقة يفقد أكثر مما يكسب. الاستهلاك لم يعد مجرد سلوك اقتصادي، بل صار نمط حياة يحدد قيمة الإنسان ويعيد تشكيل رغباته ومعاييره، حتى باتت الحياة أشبه بحلبة سباق لا خط نهاية لها.

تُقاس السعادة اليوم بما يملك المرء، وليس بما يشعر به. كل شيء مسعّر، حتى الأحلام والطموحات. لا يعود الإنسان يرغب فيما يحتاجه فعليًا، بل فيما يُفرض عليه كرغبة من الخارج، تُزرع فيه عبر الإعلانات، وسائل التواصل، وثقافة النجاح المادي التي جعلت من الامتلاك معيارًا للتقدير الذاتي. وهكذا، يركض دون توقف، يلهث خلف وهم الاكتمال الذي لا يتحقق أبدًا، لأن السوق مصمم ليجعل النقص دائمًا، والحاجة مستمرة.

لكن، هل تساءلنا يومًا عن الثمن الحقيقي لهذا السباق؟ الضغط النفسي، القلق المستمر، الشعور الدائم بعدم الاكتفاء، واستنزاف الموارد الطبيعية بلا وعي.. كلها نتائج مباشرة لهذا النظام الذي يحوّل الإنسان إلى مستهلك أبدي، لا يعرف متى يتوقف. حتى العلاقات الإنسانية لم تسلم من هذا المنطق، فأصبحت هي الأخرى خاضعة لحسابات المنفعة، تقاس بمردودها العاطفي أو الاجتماعي، وتُستبدل كما تُستبدل المنتجات على الرفوف.

التوقف عن الجري لا يعني التراجع، بل قد يكون الفعل الأكثر جرأة في عالم يُقاس بقيمة ما تملكه لا بما أنت عليه. إدراك أن الحياة ليست معادلة أرقام، وأن الاكتفاء ليس ضعفًا، قد يكون بداية لتحرر حقيقي، حيث يصبح الإنسان سيد رغبته، لا عبداً لنزوات السوق. في النهاية، السؤال الذي ينبغي أن نطرحه ليس: “ماذا أملك؟” بل: “هل ما أملكه يجعلني أكثر إنسانية أم مجرد ترس آخر في آلة الاستهلاك؟”.