Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة سياسة

يونس عميمي – عضو المجلس الوطني لحزب الاستقلال 2025 سنة التطوع: فرصة لإعادة الثقة في السياسة بروح استقلالية

مع الحدث

في سياق التحولات العميقة التي تعرفها المجتمعات، وفي ظل التحديات التي تواجهها الديمقراطيات الحديثة، يعيش الفعل الحزبي على وقع أزمة ثقة متفاقمة حيث باتت المؤسسات الحزبية، وطنياً ودولياً، تواجه أزمة مشروعية نتيجة تآكل القيم المؤسسة لوجودها، وعلى رأسها قيمة التطوع التي شكلت لسنوات طويلة رافعة العمل السياسي النبيل ومرتكزه الأساس.

إن انحسار هذه القيمة “التطوع”، لصالح سلوكات نفعية ووصولية، عمّق الهوة بين الفاعل السياسي والمواطن، وأسهم في تكريس صورة نمطية تُلصق بالممارسة السياسية صفات -الاستغلال والانتهازية والمناسباتية..-، مما قوض الأدوار الفعلية للمؤسسات الحزبية في التأطير والتكوين والاقتراح.

وانطلاقاً من هذا التشخيص الواقعي، وفي انسجام مع روح رسالته التاريخية، أطلق حزب الاستقلال مبادرة “2025 سنة التطوع”، كتعبير عن وعي سياسي عميق بضرورة إحداث رجة قوية في الفعل الحزبي تعيد للعمل السياسي وهجه، وتعيد ربط الحزب بقواعده وعمقه المجتمعي، وترتقي بالعمل التطوعي إلى مرتبة الخيار الاستراتيجي في بناء الثقة واستعادة المصداقية.

فمبادرة قيادة حزب الاستقلال اليوم في إحياء ثقافة التطوع ليست مجرد تحرك لحظي أو تفاعل مناسباتي، وإنما هي تشخيص دقيق لعطب بنيوي أصاب العمل السياسي برمته، وقراءة متقدمة تنسجم مع الهوية النضالية للحزب، الذي ظل وفياً لمبادئه في خدمة الوطن، مدافعاً عن الحرية والاستقلال، ومساهما أساسيا في بناء دولة المؤسسات والحق والقانون، والبناء الديمقراطي والتنموي لبلادنا.

وفي الوقت الذي تسود فيه أزمة ثقة بين الأحزاب والمواطنين، يسعى حزب الاستقلال من خلال هذه المبادرة إلى إعادة الاعتبار للفعل السياسي النبيل، عبر توسيع قاعدة المنخرطين في العمل التطوعي الميداني، وتوجيه طاقات الشباب والنساء والفئات المجتمعية المختلفة نحو قضايا مجتمعاتهم المحلية، والمساهمة في تقديم حلول ملموسة تُعزز المشاركة المواطنة وتُرسخ قيم المسؤولية والالتزام.

إن هذه المبادرة الطموحة لحزب الاستقلال تنسجم تماماً مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، الذي ما فتئ يؤكد، في خطاباته وتوجيهاته السامية، على أهمية انخراط المواطنات والمواطنين، وخاصة الشباب، في دينامية التنمية، وضرورة تجديد الوسائط والآليات التي تربط المواطن بالمؤسسات، وعلى رأسها الأحزاب السياسية.

ففي ظل التحولات التي يشهدها العالم، والتحديات التي تعرفها بلادنا، يظل العمل التطوعي رافعة أساسية لترسيخ قيم التضامن، والمواطنة الفاعلة، وخدمة الصالح العام، وهي القيم التي يحرص جلالته على ترسيخها كمكونات أساسية للنموذج التنموي الجديد.

ومن هذا المنطلق، تأتي مبادرة حزب الاستقلال كترجمة ميدانية لهذه التوجيهات السامية، وكتعبير صادق عن وفاء الحزب لأدواره التاريخية في بناء مغرب المؤسسات، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية والمجالية والإنصاف التنموي.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

عودة مطلب “كرواتيا”: المواطنون يطالبون بإحياء شرطة القرب لمحاربة الجريمة

نبيل بوسباع

في ظل تصاعد معدلات الجريمة بشكل مقلق بعدد من المدن المغربية، ارتفعت الأصوات المطالبة بإعادة تفعيل شرطة القرب، المعروفة بـ”كرواتيا”، التي كانت تشكل خلال العقدين الماضيين رمزًا للأمان في الأحياء والشوارع.

المواطنون عبّروا، عبر منصات التواصل الاجتماعي وتصريحات إعلامية، عن قلقهم من تزايد ظاهرة الكريساج والاعتداءات، خاصة في المناطق الشعبية. واعتبر كثيرون أن غياب “كرواتيا” ترك فراغًا استغلته بعض العناصر الإجرامية للعودة إلى الواجهة، مطالبين بإعادة هذا الجهاز الأمني بحلّة جديدة ومزودة بالتكوين والتجهيزات الملائمة.

وتؤكد شهادات من الميدان، من بينها السيدة فاطمة الزهراء من أحد أحياء الدار البيضاء، أن الإحساس بالأمن تراجع، معتبرة أن عودة شرطة القرب ضرورة ملحّة للحد من هذه الظواهر.

في انتظار تجاوب السلطات الأمنية، يبقى أمل المواطنين معلقًا على قرار يعيد الطمأنينة للشارع المغربي ويضع حداً لتفاقم الجريمة.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة طالع مجتمع

الآثار السلبية لظاهرة العنف المدرسي

د. عبد الله بن أهنية

The negative effects of school violence

مما لا شك فيه أن ظاهرة العنف بكل أشكاله ستظل ظاهرة ينبذها المجتمع برمته ويلفظها بفطرته السليمة المعهودة التي تسعى دوماً وعلى مر العصور إلى السلم والتعايش بسلام، ناهيك عن إذا ما كان ذلك العنف يتعلق بالمدرسة ومحيطها. فالمجتمع المغربي الأصيل ينبذ ذلك ويحاربه بشتى الوسائل، بل تكرس الوزارة المعنية العديد من الورشات التحسيسية والبرامج الهادفة إلى توعية الطلبة والمجتمع بالدور المنوط بهم كي تمر العملية التعليمية في أجواء مريحة وهادفة. ولذلك، فقد أصبح الهدف المنشود الآن هو العمل بشكل مكثف وسريع نحو خلق فضاء مدرسي بدون عنف، والحد من الهدر المدرسي وضرورة مراجعة المناهج كي تسمو بأخلاق رواد المؤسسات التعليمية، وتعمل على تحقيق مخرجات تليق بتطلعات آباء وأمهات التلاميذ، وتخدم المجتمع ككل. لكن واقع الأمر قد أظهر بأن تلك الطموحات لازالت تواجه تحديات كبرى تقف كعائق أمام مشروع إصلاح منظومة التربية والتعليم بصفة عامة، ولم تنجح بعد في إيقاف تنامي ظاهرة العنف المدرسي وكذلك الهدر المدرسي، وهما يشكلان في حقيقة الأمر انتكاسة لابد من إيجاد حلول عاجلة لاستئصالها ومعالجتها. ومما لا شك فيه أيضاً أن مثل هذه الظواهر تكون لها انعكاسات سلبية على مردودية الطلاب الأكاديمية ونتائج التمدرس والتحصيل بصفة عامة.

تأثير العنف المدرسي على نتائج التحصيل المدرسي: 

وللإفادة، فقد أوضحت الباحثة مونيكا برافو سانزانا من التشيلي في أحد مقالاتها تحث عنوان: ” التأثير السلبي للعنف المدرسي على الأداء الأكاديمي للطالب: تحليل متعدد المستويات” (31 أكبوير 2021م) بينت من خلال نتائجه أن العنف المدرسي بأشكاله الثلاثة (العنف المباشر والتمييز والتسلط عبر الإنترنت) كان له أثر سلبي على الأداء الأكاديمي. وحسب قولها فقد كانت الكفاءة الذاتية للطلاب والتوقعات التعليمية والرضا عن العلاقات الشخصية مع معلميهم مهمة في تقليل التأثير السلبي للتعرض للعنف. كما أن الأدوار النسبية لسياق المدرسة وعوامل الطالب الفردية تعتبر ذات أهمية خاصة للمعلمين في قياس الأداء الأكاديمي. وحسب رأي الباحثة، فإنه لا يُعرف سوى القليل عن تأثير العنف المدرسي على الأداء الأكاديمي للطالب ورفاهيته. ومن جهة أخرى فقد أكدت نتائج دراسة علمية أخرى قام بها كل من الباحث دانيال ك كورير (Daniel K. Korir) وفليكس كيبكوكومبوا (Felix Kipkemboi) قسم علم النفس التربوي بجامعة موا (Moi University ) بمقاطعة فيهيجا بكينيا، تم نشرها بالمجلة الدولية للعلوم الإنسانية والاجتماعية (مجلد 4، عدد 5 (1) سنة 2014م، أكدت الدراسة وأظهرت أن البيئة المدرسية وتأثير الأقران لهما تأثير بالغ على الأداء الأكاديمي للطلاب. وتُعتبر نتائج هذه الدراسة في حقيقة الأمر مفيدة للمعلمين ومديري المدارس والآباء والأمهات للحصول على مزيد من التبصر في العوامل النفسية والاجتماعية التي تؤثر على الأداء الأكاديمي للتلاميذ والطلاب. كما خلصت الدراسة أيضاً إلى أن النجاح الأكاديمي للتلميذ أو الطالب مرتبط بشكل كبير بنوع المدرسة التي يلتحق بها. وتشمل العوامل المؤثرة للمدرسة كلًا من هيكلها وشكلها الهندسي، ومنظرها الخارجي ومدخلها وفضاءها ومرافقها وحجراتها الدراسية وساحتها وملاعبها وقاعاتها الرياضية وحالة التدفئة أو التكييف وكذا أغراس ونباتات الحديقة والممرات والمناخ المدرسي العام داخل وخارج المدرسة.

وتعتبر ظاهرة العنف المدرسي بشقيه: العنف اللفظي والعنف الجسدي بين الطلاب والمعلمين أيضاً، بالإضافة إلى ظاهرة الهدر المدرسي وكذلك التحرش بشقيه (أي من كلا الطرفين: أساتذة وطلاب وطالبات) أيضاً وقضية المناهج عوائق خطيرة تقف في وجه مشروع إصلاح منظومة التعليم العمومي في مراحله المتقدمة، أي الإعدادي والثانوي والجامعي وبشكل فعال، أما التعليم الابتدائي والتعليم الأساسي فلازالا يعيشان تعثرا مستمرا رغم تغيير المسئولين والوزراء بين الفينة والأخرى. وإذا ما لم يتصدى المجتمع والمسئولين عن هذا القطاع إلى تلك الظواهر والمشاكل المتراكمة بكل مسئولية وصرامة وحزم، فإن نتائج التربية والتعليم في تلك المراحل ستكون لها انعكاسات سلبية على التعليم في كل تلك المراحل وبالخصوص في المرحلة الجامعية، بل قد تكون لها انعكاسات سلبية على المجتمع ككل.

أما فيما يخص قضية المناهج فلا زال الكثير يحن إلى مناهج مقتضبة تفي بالغرض وتتماشى مع متطلبات سوق الشغل مع اكتساب المعرفة اللازمة والمتطورة. ويرى أحد الباحثين على موقع القيادة الإدارية، تطوير المناهج، التعليم المتطور، رؤى المعلم (Admin Leadership, Curriculum Development, Evolving Education, Teacher Insights) بأن هنالك سبعة أسباب تجعل المناهج أكثر أهمية مما تعتقد وهي كالتالي:

1. تخلق المناهج وتعكس الثقافة والهوية.

2. إنها تواكب العالم المتغير.

3. تجعل المناهج القوية التعلم (والتدريس) متسقًا.

4. تفتح المناهج القوية أبواب التعاون.

5. توفر المناهج القوية المال للمدارس.

6. تساعد المناهج القوية المعلمين على التوافق.

7. توفر المناهج القوية أهدافا قابلة للقياس.

ويمكن أن نستخلص من كل ما ذكر بأننا عندما نتحدث عن المناهج القوية، فإن العبرة في الكيف وليست في الكم. وبعبارة أخرى، فإن معاناة الصغار اليوم من كثرة الكتب والدفاتر والمقررات التي لا يسمح الوقت بإتمامها في معظم الأحيان قد أصبح أمرا مؤرقاً، وأن ذلك لم يعد يطاق، أضف إلى ذلك الأسعار الملتهبة والتي هي في تصاعد شبه دائم.

العنف المدرسي والهدر المدرسي: هل ثمة أي علاقة؟:

مما لا شك فيه أن العنف المدرسي هو نتيجة لتراكمات اجتماعية ونفسية وليدة مجتمع قد تفشت فيه اختلالات جوهرية فيما يخص السلوك السوي ومكارم الأخلاق وبات الكلام النابي والشتم علانية يمر على مرأى ومسمع الجميع وكأنه أمر عادي. والمتتبع للشؤون التربوية والتعليمية منذ أوائل الاستقلال، قد يلاحظ هذا التراجع أو التقهقر فيما يتعلق بالأخلاق، إذ لم تعهد الأجيال السابقة تدني في الأخلاق والسلوك بهذا المستوى. فهل كان أحد ما يجرأ على تعنيف أستاذه فيما مضى؟ بل هل كان يقدر على تعنيف حتى أحد زملائه بهذا الشكل الوحشي الذي نشهده اليوم؟ قد تكون هناك مناوشات محدودة هنا وهناك بين الأقران أو أبناء الحومة أو الدرب، لكنها لم تكن تصل إلى تلك الدرجة من العنف والقساوة أو البشاعة كما نراه اليوم. وتفيد دراسات متعددة ومختلفة بأن هنالك عدد من حالات مغادرة الدراسة كان السبب المباشر فيها أحياناً هو العنف، فقد يغادر المدرسة من قام بالتعنيف أو من وقع عليه ذلك. ويبقى الخوف والتخوف هما السائدان في مثل تلك الحالات. ورغم معالجة بعض الحالات بتدخل من الوالدين أو المؤسسة، فهنالك إمكانية استمرار التبعات والآثار النفسية المترتبة عن ذلك، بل هناك من أضطر إلى مغادرة المدرسة وظلت تلك الآثار السلبية ترافقه طوال حياته بحيث لربما كانت هي السبب المباشر في انقطاعه عن الدراسة وعدم حصوله على وظيفة لائقة ومناسبة، ناهيك عن ضعف في المستوى المعرفي. قد تبدو هذه المقاربة غريبة شيئاً ما، لكنها حقيقة لا بد من الإشارة إليها، إذ نرى اليوم عدداً كبيراً من الأسر غير راضية عن مخرجات هذه المنظومة، بل قد تصل بها إلى درجة السخط خاصة لما ترى تلك الأعداد المهولة من أبناء وبنات المجتمع تغادر عالم التمدرس في سن مبكرة، إذ تشير الدراسات إلى أن 13% فقط من أولئك الذين حصلوا على شهادة البكالوريا يصلون إلى مرحلة إنهاء التعليم الجامعي. رقم مخيف حقاًّ مقارنة مع الأموال الطائلة التي تُصرف على هذا القطاع. وعلينا أن نستوعب حقيقة لا بد من ذكرها وهي أن المدرسة تعتبر البيئة المؤسسية التي تُحدد من خلالها معالم تجربة التعلم لدى الطالب، ولذلك فهي تواجه المزيد من المساءلة العامة حول الأداء الأكاديمي للطالب، إذ يُفترض أن تحافظ على مستوى انجاز عالي لجميع الطلاب كي تضمن سمعتها وبقائها وكذلك رضا المجتمع. وقد أجريت بحوث كثيرة حول العوامل المؤثرة في أداء التلميذ أو الطالب بما في ذلك مهارات التدريس والمناخ والفضاء المدرسي، والحالة الاجتماعية والاقتصادية لأسرة المتعلم، مثل ما ورد في أعمال هوي، كوتكامب، و رافيرتي،(2003). وقد أكد الباحثان أنه اعتمادا على تلك العوامل، يمكن للمدارس أن تفتح أبوابها أو تغلقها أمام الجمهور، لأن هذا الأخير لا يقتنع إلا بالأداء الأكاديمي الجيد. أما باري،(2005)، وكذلك كروسنو،(2004)، وآخرون، فيرون أن القطاع المدرسي (العام أو الخاص) يعتمد على مقومات أو مكونات المدرسة من حيث الإعتمادات المادية. وهكذا نرى مثلا أن المدارس الخاصة تميل إلى الحصول على تمويل أفضل رغم أن لديها في بعض الأحيان أحجاما أصغر من المدارس الحكومية مما قد يجعلها متميزة، وتنجح في جلب المزيد من الزبناء. كما أن التمويل الإضافي للمدارس الخاصة يؤدي إلى تحسين الأداء الأكاديمي لديها وزيادة فرص الحصول على الموارد مثل الحواسيب التي يرى إيمون،(2005) بأنها قد أثبتت أنها تعزز بالفعل التحصيل الأكاديمي، إلى جانب المعلم والخبرة اللذان يُعتبران مؤشرين آخرين على الأداء الأكاديمي الناجع للطلاب. فعلى سبيل المثال، هنالك دراسات أثبتت أن الطلاب الذين يلجون المدارس التي تتوفر على أعلى عدد من المعلمين الذين لديهم مؤهلات كاملة وعالية، يميلون إلى أداء أفضل والعكس بالعكس (بالي، وألفيرز،2003). ووفقاً لكروسنو وآخرون (2004)، فإن الفضاء المدرسي يرتبط ارتباطا وثيقا بالعلاقات الشخصية بين الطلاب والمعلمين، ونحن نقول أيضاً أن بناء تلك العلاقة الطيبة من شأنه أن يحد من ظاهرة العنف في المدارس، والتي تعتبر ظاهرة دخيلة على كل المجتمعات وبدون استثناء. فالفضاء أو المناخ العام المدرسي هو في حقيقة الأمر الجو العام للمدرسة، وهو مؤشر السعادة أو الإحباط لدى رواد المدرسة وذويهم. وهكذا إذا فإن بناء الثقة بين التلاميذ أو الطلاب والمعلمين هو اللبنة الأولى للعملية التعليمية ومؤشر نتعرف من خلاله -وبكل سهولة- عما إذا كانت المدرسة تشجع العمل الجماعي بداخلها وتخطو نحو بناء الثقة بين المعلمين والتلاميذ والمجتمع أيضاً.

 المحيط الخارجي السيئ أحد أسباب تفشي ظاهرة العنف المدرسي والتحرش:

المدرسة ليست بمعزل عن باقي مكونات المجتمع، بل هي جزء لا يتجزأ من ذلك الفسيفساء الذي يميز شوارع أحيائنا عن غيرها. فبناية المدرسة لها مكانتها داخل نفوس أهل الحي وهي معلمة ومرجعية للمجتمع تهوي إليها أفئدة أبنائنا منذ نعومة أظافرهم وتربطها بآبائهم وأمهاتهم وأولياء أمورهم روابط وطيدة لأنها هي التي ترسم معالم توجهاتهم وتحدد مساراتهم المستقبلية. والمحيط الخارجي للمدرسة لا يضم فقط الشكل الهندسي الخارجي لها، ولا البوابة الكبيرة ذات السلاسل الضخمة والأقفال النحاسية الكبيرة والمخيفة، بل هو ذلك المحيط الذي يضم النباتات والأغراس والرصيف والشارع والفضاء الواسع أمام المدرسة وعلم بلادنا، والرسوم الجميلة على سور المدرسة، ويضم العنصر البشري (من المجتمع المدني) المتواجد أمام وعلى حافة أسوار المدرسة وقارعة الطريق أيضاً.

خلاصة:

يمكننا القول بأن المجتمع المغربي ككل، بما في ذلك الشق المدني والعسكري أو السلطات المحلية بزيها الرسمي تساهم في تشكيل المحيط الخارجي للمدرسة، كما أن جميع السلطات المحلية بما في ذلك الإدارة العمومية والسياسيون والمنتخبون ورجال ونساء الأمن الوطني والقوات المساعدة والدرك الملكي والوقاية المدنية وجمعيات المجتمع المدني هي جزء من ذلك المحيط، فإن هي تدخلت وساهمت بقوة (وبمقاربة تشاركية) في الحفاظ على سلامة ونظافة المحيط المدرسي من كل أنواع السلوك المشين والقضاء على ظاهرة بيع المخدرات والحبوب المهلوسة والسجائر وساعدت في محو كل مظاهر انتشار المخدرات والعنف والتحرش والجريمة والسرقة وكل أنواع الموبقات، وكذلك القضاء على ظاهرة التلفظ بالكلام الفاحش علانية والمشاحنة والسب والقدح وقلة الحياء، وإن هي تدخلت بجميع الوسائل والسبل المتاحة وبشكل علني، فلاشك أن ذلك من شأنه أن يبعث بالشعور بالارتياح والطمأنينة لدى كل شرائح المجتمع، ويرفع من جمالية ونقاء المحيط المدرسي. ومن جهة أخرى، يجب ألا ننسى الدور الإيجابي الذي كانت تقوم به الكتاتيب القرآنية في تهذيب نفوس الأطفال منذ الصغر، وكذلك دورها الفعال في صقل شخصية المتعلم منذ الصغر وحثه على الأخلاق الحميدة وتدريبه على السلوك السوي منذ نعومة أظفاره، ناهيك عن تنشئته في رحاب جو روحاني وتدريبه على الطهارة والصلاة منذ الصغر، وصقل مهاراته اللغوية من خلال تحفيظ القرآن الكريم. وقد أكدت دراسات كثيرة أن من تربى في كنف دور تحفيظ القرآن الكريم قد لا يجد صعوبة في التعامل مع العلوم الأخرى أو اللغات الأجنبية نظراً لضبطه مخارج الحروف العربية الصحيحة في سن مبكر. ومما لا شك فيه أيضاً أن من تربى في الكتاتيب القرآنية قبل سن التمدرس القانوني، غالباً ما يكون مواطناً صالحاً متشبثا بمبادئ دينه وهويته وتراثه الثقافي واللغوي والاجتماعي، كونه قد تعود على مكارم الأخلاق والسلوك السوي ونبذ كل أشكال العنف والفوضى منذ الصغر.

والله ولي التوفيق،،،

باحث في مجال التربية والتعليم والثقافة

 

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة جهات خارج الحدود

البوليساريو تستهدف بعثة المينورسو في تيفاريتي وسط توتر متصاعد بعد دعم أممي للمغرب

بقلم عبد الجبار الحرشي

في تطور خطير وغير مسبوق، أقدمت ميليشيات جبهة البوليساريو، المدعومة من النظام الجزائري، على تنفيذ هجوم مباشر استهدف بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية “المينورسو”، بمنطقة تيفاريتي الواقعة داخل المنطقة العازلة.

مصادر دبلوماسية وصفت هذا الاعتداء بـ”الاستفزازي والإرهابي”، في خرق سافر لقرارات الأمم المتحدة، وسعي مكشوف لتأجيج الوضع في المنطقة. وحاولت الجبهة الانفصالية التملص من المسؤولية، عبر اتهام القوات المسلحة الملكية المغربية بتنفيذ العملية، في مناورة فاشلة اعتادت عليها في مثل هذه المناسبات.

ويأتي هذا التحرك العدائي في توقيت دقيق، ساعات قليلة بعد تسريب تقرير أممي جديد يؤكد بوضوح دعم مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل واقعي للنزاع المفتعل حول الصحراء. وهو ما اعتُبر ضربة موجعة لجبهة البوليساريو التي تعاني من عزلة دبلوماسية وتآكل دعمها داخل أروقة المنتظم الدولي.

هذه العملية الإرهابية تكشف، بحسب متابعين، عن حالة من التخبط واليأس داخل الجبهة الانفصالية، بعد فقدانها لأهم أوراقها التفاوضية والدبلوماسية، خصوصًا في ظل تعاظم الزخم الدولي المؤيد للمبادرة المغربية واعتبارها الحل الوحيد القابل للتطبيق.

في ظل هذا التصعيد، تتجه الأنظار إلى مجلس الأمن الدولي وموقفه من هذا الاعتداء على بعثة أممية يفترض أن تحظى بالحماية والاحترام.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

مرصد ONES ينظم مسابقة بحثية حول مطلب تصنيف ميليشيات “البوليساريو” حركة إرهابية

الدكتور محمد الطيار

المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية ينظم مسابقة بحثية حول مطلب تصنيف ميليشيات “البوليساريو” حركة إرهابية

في إطار دعم الترافع الأكاديمي عن قضية الصحراء المغربية، أعلن المرصد الوطني للدراسات الاستراتيجية عن إطلاق مسابقة بحثية موجهة لطلبة سلكي الماستر والدكتوراه بالجامعات المغربية، لتقديم مقالات حول موضوع: “مطلب تصنيف ميليشيات البوليساريو كحركة إرهابية”.

وسيتم تتويج أصحاب أفضل ثلاث مقالات بجوائز تقديرية وشهادات، خلال أشغال الندوة الدولية الأولى المزمع تنظيمها بمدينة أكادير في ماي 2025، مع نشر المقالات الفائزة ضمن إصدار خاص يتضمن أيضًا مداخلات الأساتذة المشاركين.

وفي ما يلي نص إعلان المرصد الوطني للدراسات الإستراتيجية:

في إطار الترافع عن قضية الصحراء المغربية، وتعزيزا لدور الجامعة في نسف الاساطير المؤسسة للطرح الانفصالي، يعلن المرصد الوطني للدارسات الاستراتيجية , عن بدء استقبال مقالات تتناول ” مطلب تصنيف مليشيات البوليساريو حركة إرهابية “.

تخص الطلبة الباحثين بسلك الماستر والدكتوراه في الجامعات المغربية، وسيتم توزيع جوائز تقديرية وشواهد على أصحاب المقالات الثلاث الفائزة، خلال الندوة الدولية الأولى المزمع تنظيمها في شهر ماي من السنة الجارية في مدينة اكادير. على ان يتم نشر المقالات الفائزة في اصدار يضم أيضا مداخلات الأساتذة الباحثين خلال الندوة الدولية.

شروط المقال:

يشترط أن يكون البحث أصيلا معدًّا على نحوٍ خاص للمرصد الوطني للدارسات الاستراتيجية، وألّا يكون قد سبق نشره جزئيا أو كليا، أو نشر في أي وسيلة نشر إلكترونية أو ورقية.

ينبغي أن يشتمل البحث على العناصر التالية:

1. عنوان البحث، وتعريف موجز بالباحث والمؤسسة الجامعية التي ينتمي إليها.
2. الملخص التنفيذي، ويشمل فرضيات المقال، وإشكاليته الرئيسة، الكلمات المفتاحية، على ألا يتجاوز عددها خمس كلمات.
3. ينبغي أن يتقيّد المقال بمواصفات التوثيق. مع قراءة تقييمية وتوصيات مقترحة.
4. يتراوح عدد كلمات المقال حوالي 2000 كلمة.
5. ترسل الأبحاث باللغة العربيّة، كما يمكن إرسالها باللغة الإنكليزيّة، او الفرنسية او الاسبانية على العنوان البريدي التالي almarsad.etudes@gmail.com
تخضع المقالات المرسلة للتقييم والقراءة الأكاديمية من طرف لجنة علمية، تقوم باختيار المقالات الثلاث الفائزة.

اخر اجل للتوصل بالمقالات يوم 30.04.2025.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة

توقيف المتورطين في سرقة محل مجوهرات بطنجة

نبيل بوسباع

تمكنت عناصر الشرطة القضائية بمدينة طنجة من توقيف ثلاثة أشخاص يُشتبه في تورطهم في عملية سرقة محل لبيع المجوهرات بحومة الحداد، حيث قاموا باقتحام المحل عن طريق ثقب في الجدار.

العملية الأمنية أسفرت عن استرجاع حوالي 10 كيلوغرامات من الذهب، بالإضافة إلى حجز مبلغ مالي مهم يُشتبه في كونه من عائدات المسروقات.

وما تزال التحقيقات متواصلة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لكشف باقي ظروف وملابسات هذه القضية.

Categories
أخبار 24 ساعة أخبار امنية أعمدة الرآي الواجهة

طنجة: تفكيك عصابة متورطة في سرقة محل مجوهرات واسترجاع 10 كيلوغرامات من الذهب

مجيدة الحيمودي

تمكنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمدينة طنجة، بتنسيق وثيق مع مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، يوم السبت 12 أبريل الجاري، من توقيف ثلاثة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 29 و46 سنة، يشتبه في تورطهم في تنفيذ عملية سرقة من داخل محل لبيع الحلي والمجوهرات بمنطقة بني مكادة.

العملية الإجرامية التي وقعت في الساعات الأولى من صباح الجمعة 11 أبريل، تمت بطريقة احترافية، بعد أن قام الجناة بإحداث ثقب في جدار بناية مجاورة للمحل المستهدف، قبل الاستيلاء على كمية كبيرة من المجوهرات.

وأسفرت التحريات السريعة لعناصر الشرطة عن تحديد هوية العقل المدبر للعملية وتوقيفه فور عودته من مدينة الدار البيضاء، حيث تم ضبطه بحوزته مبلغ مالي من عائدات بيع جزء من المسروقات. كما تم حجز حوالي 10 كيلوغرامات من الذهب داخل شقة كان يستغلها بطنجة.

البحث قاد أيضا إلى توقيف اثنين من المساهمين في العملية، من بينهم مالك السيارة التي استُخدمت في تنفيذ السرقة. وقد وُضع المشتبه فيهم تحت تدبير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة، في انتظار تعميق البحث وكشف باقي ملابسات القضية.

 

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة

سفير الشيلي يفتتح محطة تعبئة الفواكه الحمراء بمدينة بيوكرى

إبراهيم فاضل

شهدت مدينة بيوكرى بإقليم شتوكة آيت باها، يوم الجمعة 11 أبريل 2025، افتتاح محطة تعبئة الفواكه الحمراء التابعة لشركة Magopco، في حفل رسمي ترأسه سفير جمهورية الشيلي لدى المملكة المغربية، بحضور المديرة العامة للشركة السيدة سارة محسن كربخال، وعدد من ممثلي السلطات المحلية والشخصيات البارزة في القطاع الفلاحي.

وتُعد شركة Magopco ثمرة شراكة مغربية-شيلية تأسست في يوليوز 2022 بين شركة Agrupa Marca المغربية، المتخصصة في إنتاج وتصدير الخضراوات، ومجموعة Agroberries الشيلية، التي تُعتبر ثاني أكبر مصدر وموزع للفواكه الحمراء في العالم. ويمثل هذا المشروع أول استثمار فـلاحي مباشر لمجموعة Agroberries على مستوى القارة الإفريقية، مما يبرز الأهمية الاستراتيجية التي توليها الشركة للمغرب كنقطة انطلاق نحو أسواق جديدة.

وأكدت السيدة سارة محسن كربخال، المديرة العامة لـ Magopco، أن هذا المشروع يندرج ضمن رؤية بعيدة المدى ترتكز على تعزيز الإنتاج المحلي، خلق فرص الشغل، وتثمين سلسلة القيمة الفلاحية في إطار شراكة جنوب-جنوب مبنية على أسس التنمية المستدامة. وأضافت أن الحضور الرفيع لسفير الشيلي يعكس عمق ومتانة العلاقات الثنائية، ويعزز الثقة في مستقبل هذا التعاون الفلاحي.

وتقع محطة التعبئة الجديدة في قلب الضيعة الفلاحية التي تُنتج التوت الأزرق، مما يُمكّن من تقليص المدة بين الجني والتعبئة، والحفاظ على جودة ونضارة المنتوج بما يستجيب لمتطلبات الأسواق العالمية.

وخلال الحفل، عبّر السيد السفير عن فخره الكبير بهذا الإنجاز، واعتبره من أبرز المبادرات التي تُجسد التعاون المثمر بين المغرب والشيلي، ونموذجاً ناجحاً لشراكة جنوب-جنوب تقوم على نقل الخبرات واستثمار الإمكانيات في القطاع الفلاحي بشكل مستدام. وأضاف أن نجاح هذا النموذج سيفتح المجال أمام مشاريع فلاحية أخرى مستقبلاً، مشيداً بمهنية الفريق المغربي الشريك، وبالدينامية التي يشهدها قطاع الفلاحة بالمغرب.

Categories
أخبار 24 ساعة أعمدة الرآي الواجهة متفرقات

بين مطرقة الانتظار وسندان الإهمال: محطة اليوسفية تحت الضغط مساء الأحد

متابعة سيداتي بيدا

في مشهد تكرر بصمت، دون أن يثير الكثير من الانتباه، وجد عشرات المواطنين أنفسهم عالقين مساء الأحد 13 أبريل 2025 بمحطة سيارات الأجرة بمدينة اليوسفية، ينتظرون وسيلة نقل تقلّهم نحو مراكش، دون جدوى. وجوه متعبة، أطفال يجهلون معنى التأخير، مرضى ينتظرون رحمة سيارة، ونساء وكبار سن يراقبون حركة طاكسيات تأتي وتغادر… إلى وجهات أخرى.

فبينما كانت المحطة تعجّ بسيارات الأجرة المتجهة نحو مدن كآسفي وسيدي بنور، ظل خط اليوسفية – مراكش شبه مشلول، دون تفسير واضح. الطلب مرتفع والعرض غائب، وغياب أي تنظيم ميداني زاد من تعقيد الوضع، حتى صار المكان أشبه بفوضى لا تخضع لأي منطق. هذا المشهد أثار استياءً واسعاً بين المسافرين الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى الانتظار لساعات أو الدخول في نقاشات حادة، بسبب غياب طابور واضح أو نظام يضمن الأولوية للفئات الهشة.
ورغم أن الأمر قد يبدو مجرد عطب عابر في قطاع النقل، إلا أن تكراره يطرح تساؤلات مشروعة حول غياب حلول واقعية تراعي حاجيات السكان المتزايدة للتنقل بين المدن، خاصة في مناطق بعيدة عن المحاور الرئيسية. فالحق في التنقل الآمن والمنظم هو حق أساسي، ومن غير المقبول أن يبقى مرهونًا بالحظ أو بقدرة الشخص على “فرض نفسه” وسط الازدحام.
ولأن المغرب يستعد خلال السنوات المقبلة لاستضافة تظاهرات دولية كبرى، فإن تحسين صورة البلاد يبدأ من تفاصيل بسيطة، مثل محطة نقل منظمة، وسائق طاكسي يحترم القانون، ومسافر يعرف متى وكيف سيصل إلى وجهته. لهذا، فإن تطوير قطاع النقل بين المدن لم يعد ترفاً أو مسألة تقنية، بل ضرورة وطنية تمس كرامة المواطن وتؤثر في ثقة الزائر.
عدد من المواطنين الذين عايشوا هذا المشهد مساء الأحد، دعوا إلى التفكير في نماذج مبتكرة ومرنة تتيح تحسين الخدمة، مثل الترخيص لشركات خاصة، وتطوير تطبيقات رسمية تُمكن من تتبع حركة سيارات الأجرة وضبط الأسعار، مع احترام الإطار القانوني والمساطر الإدارية الجاري بها العمل، في إطار من العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص.
في الختام، ما وقع بمحطة اليوسفية مساء الأحد ليس مجرد خلل عرضي، بل هو مرآة لواقع يحتاج إلى جرأة في التشخيص، وصدق في المعالجة، وإرادة حقيقية للإصلاح. فالمواطن لم يعد يطلب المستحيل، بل فقط حقه في أن يصل… دون أن ينهكه الانتظار.

Categories
أخبار 24 ساعة الواجهة ثقافة و أراء

“اضطراب”… عرض كوريغرافي مغاربي يُجسّد صراع الهوية في زمن التحولات

بقلم: حسيك يوسف

شهد المركب الثقافي سيدي الرحال عرضًا كوريغرافيًا مسرحيًا بعنوان “اضطراب”، من توقيع الكوريغراف المغربي زكرياء عبيدي، الذي استطاع من خلال حركات الجسد والرموز البصرية والموسيقية أن يلامس قضايا وجودية تعكس تمزق الإنسان المغاربي بين ماضيه التراثي وزمنه المعاصر.

يعتمد العرض على جمالية الأداء الجسدي وسط ديكور هندسي يتمثل في “مكعب” يُحاكي العزلة والاٍنغلاق، حيث يتحرك الجسد داخله في محاولات متكررة للاٍنفلات والتحرر. يبدأ العرض بكتلة جسدية ساكنة داخل هذا المكعب، وبمجرد سماعه لأهازيج تراثية مغاربية يشرع في الحركة شيئا فشيئا وكأنها أعادت له الحياة وأعادت اٍرتباطه بخصوصيته و بهويته التي طمستها المعاصرة .

ومن خلال الصراع بين أعضاء الجسد وبينه وبين قضبان المكعب تتجسد أزمة الإنسان المعاصر، المضطرب بين القبول والاستسلام من جهة والرغبة في التمرد والانعتاق من جهة أخرى.

ف”اضطراب” اٍذا ليس عرضًا فنيًا فحسب، بل صرخة جسدية ضد الاغتراب، ضد التشييء، وضد الصمت ،وهو في الآن ذاته بحثٌ عن الذات في ظل عالم متغير.

يثبت زكرياء عبيدي اٍذا و من خلال هذا العمل أن الجسد في المسرح المعاصر لم يعد مجرّد أداة بل لسانا وصوتًا ناطقًا تنبعث منه صدى تلك الكلمات المتعالية التي إجتاحت جسد الفنان وإخترقت كيانه لينهض بلغة منتفضة ،اٍنّها لغة الحركة والإشارة والإيماءة، لغة مكنّت الجسد “أن يحلّ مكان الكلمة ” ، كاتبا للمتلقى نصوصا جعلت منه عنصرا فعّالا ومكمّلا للعرض من خلال إستيعابه للرسالة الفنية الكوريغرافية ” فأي جمهور في كل أنحاء العالم يفهم هذه الأعمال لأنّها ترتكز على التعبير بالجسد الذي يعدّ أهم آلة بشرية تستطيع رسم مكنوناتها الداخلية وبواسطة الحركة الجسدية يفهم الجميع ما تريد إيصاله، فلو وضعنا هذه اللغة بتقنية العصر لإٍستطاعت أن تقول مفهومنا، وثورتنا كلّها تقولها بلغة الجسد”

طبعا ليست لغتنا المعهودة بل لغة جديدة هي لغة الحركة، لغة قائمة أساسا على تفعيل الجانب البصري في بناء المشهد التشكيلي وتحقيق انساق تواصلية مع المتلقي عبر استثارة حاسة البصر لديه “فهي لغة الجسد”