رشيد نيني يكتب ..ثمن النجاح
كثيرون لم يفهموا سر هذا التكالب على المغرب وتسخير كل هذه المؤسسات الإعلامية والاستخباراتية الدولية لتمريغ سمعة البلد في الوحل، إلى درجة أن البعض تساءل “واش حتى لهاد الدرجة المغرب واحل ليهم فالقرجوطة ؟”.
المعادلة جد بسيطة لمن يفهم الحسابات الجيوستراتيجية، دعوني ألخص الحكاية في بضعة كلمات :
القوى العظمى تخلت عن الحروب التقليدية لغزو وتقسيم البلدان المستهدفة، نحن نرى اليوم كيف سحبت أمريكا جنودها من أفغانستان مثلما سحبتهم من مناطق نزاع أخرى، ورأينا كيف سحبت فرنسا جيوشها من مالي ومن دول الساحل كلها.
حروب التقسيم ستتكلف بها التنظيمات الإرهابية المسماة ظلما تنظيمات إسلامية، وكتائب الطابور الخامس المكون من بعض أبناء جلدتنا الذين تجندهم هذه الدول لخدمة مصالحها تحت غطاء النضال والدفاع عن الحقوق والحريات. وهي جميعها تنظيمات تقف خلفها أجهزة استخباراتية عالمية تنظيما وتمويلا ودعاية. ولقد رأينا كيف زرعت هذه التنظيمات الخراب في سوريا وليبيا ودول الساحل، وبعد ذلك تم ترحيل عناصرها بضمانات دولية من الشام إلى ليبيا ومن هناك إلى منطقة الساحل، ويعلم الله وجهتهم القادمة.
المشكلة الوحيدة التي تواجهها هذه الأجهزة الاستخباراتية التي توظف التنظيمات الإرهابية للقيام بالحروب بالوكالة هي جهاز استخباراتي قوي يكشف مخططات هذه التنظيمات ويفكك خلاياها بشكل قبلي قبل أن تمر للفعل.
فعندما تريد عصابة لصوص التسلل إلى بيت من أجل سرقته أول ما يعمدون إلى القيام به هو قطع التيار الكهربائي لتعطيل عمل جهاز الإنذار. تعطيل وضرب الآلة الأمنية الاستخباراتية لبلد ما هو بمثابة تعطيل لأجهزة إنذاره، مما يجعل البلد فريسة سهلة للطامعين في التسلل
إليه ونهبه مستغلين عنصر المفاجأة.
إلى حدود اليوم أجهزة الأمن المغربي فككت أزيد من 200 خلية إرهابية وأحبطت حوالي 500 مشروعا تخريبيا، منها مشاريع تخريبية في أوروبا وأمريكا.
هذه القدرة الاستباقية على إفشال المخططات الإرهابية لم تأت من فراغ، بل من القدرة الهائلة على الحصول على المعلومة الدقيقة والمؤكدة.
هذه الآلة الاستخباراتية الضاربة استطاعت أن تجنب المغرب ويلات أكبر مؤامرة عالمية عرفها القرن الذي نعيشه اسمها الربيع العربي تسبب في تحويل دول مستقرة ومزدهرة إلى دول فاشلة، على رأسها تونس التي كانت مقصد اليد العاملة والسياحة والتعليم الجامعي فتحولت بعد عشر سنوات من الربيع العربي بسبب سياسييها إلى دولة تتسول الإعانات وتعيش عالة على دول أجنبية تتحكم في مصيرها.
المشكلة التي تواجه اليوم أصحاب المشاريع التخريبية هي أن أجهزة المخابرات المغربية تقوم بإفشال جميع المخططات الرامية إلى توطين تنظيمات إرهابية مسلحة لكي تشن حربا بالوكالة داخل المغرب أو على حدوده لاستنزافه وإعداد الظروف المناسبة للتدخل الأجنبي، كما فعلت فرنسا في مالي وتشاد ودول الساحل، أو كما فعلت أمريكا في الدول التي انهارت فيها السلطة المركزية.
علينا أن نعرف أن المغرب اليوم يدفع ثمن بنائه لأجهزة أمنية استخباراتية قوية وفعالة واستباقية تملك المعلومة التي هي سلاح العصر الذي لا يقدر بثمن.
ولذلك تفعل هذه القوى العالمية كل ما في وسعها لاستهداف هذه الآلة برمي الحصى والرمل في مفاصلها من أجل تعطيلها حتى يتسنى لهم تطبيق مخططاتهم الجهنمية وتحويل بلدنا إلى واحدة من تلك الدول التي يتغزلون في جرائدهم بديمقراطيتها رغم أن مستشفياتها تفتقر لمجرد حقنة أو حبة أسبرين.
رشيد نيني
شارك هذا المحتوى:
إرسال التعليق